رأى الخبير السياسي العراقي، نزار حيدر، أن اغتيال قاسم سليماني وابو مهدي المهندس كان محاولة لحماية امن الكيان الصهيوني وتمرير ما يسمى ب “صفقة القرن” بعدما ولدت ميتة.
وكالة مهر للأنباء ـــ محمد مظهري: اصبحت العراق اليوم ساحة لاحداث وتطورات على وتيرة متسارعة منذ استهداف قيادات محور المقاومة الفريق قاسم سليماني والقيادي بالحشد الشعبي ابومهدي المهندس حتى الخلافات الحالية على الحكومة ومرورا باستمرار المعارك والتصعيد بين فصائل الحشد الشعبي والجيش الامريكي.
هذا وكلف الرئيس العراقي، برهم صالح، محافظ النجف الاشرف السابق عدنان الزرفي، بتشكيل حكومة جديدة، بعد اعتذار محمد توفيق علاوي، وكان الزرفي عضوا سابقا في حزب الدعوة الاسلامية، ورجع العراق بعد سقوط صدام.
يوم الإثنين الماضي، دعا تحالف “سائرون”، بقيادة زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، الرئيس العراقي برهم صالح، إلى تسمية رئيس الحكومة الجديد بعد فشل الكتل الكبرى في التوصل إلى مرشح توافقي.
وجاء في بيان التحالف “أن اللجنة السباعية المكونة من عدة قوى نيابية لم تتوصل إلى اتفاق على اختيار مرشح لتكليفه بتأليف الحكومة بدلاً من الحكومة المستقيلة الحالية،لذا على سيادة رئيس الجمهورية ممارسة صلاحياته الدستورية بالتكليف”.
أمين عام عصائب أهل الحق، قيس الخزعلي، قال في تغريدة على تويتر: “عدم اتفاق القوى السياسية على مرشح رئاسة الوزراء أمر معيب”.
هذا ورفض تحالف الفتح الخطوة غير الدستورية التي قام بها الرئيس العراقي بتكليف مرشح “خارج السياقات الدستورية”. ولفت التحالف إلى أن السياقات الدستورية تنص على تكليف مرشح الكتلة الأكبر لرئاسة الحكومة، مضيفاً أن “الرئيس العراقي يكرر اليوم نفس المخالفة فهو تجاوز الدستور ولم يلتزم بالتوافق بين القوى السياسية”. كما حمّل الرئيس المسؤولية عن تداعيات هذه “الخطوة الاستفزازية”، قائلاً “سنأخذ الإجراءات لمنع الاستخفاف بالدستور”.
ويأتي السجال السياسي الشديد بين المسؤولين العراقيين في وقت يرى بعض المراقبين أنّ “تكليف الزرفي يشكل خرقاً دستورياً كبيراً وهو ليس مقبولاً على الساحة الشيعية والشعبية”، وأن “الإدارة الأميركية تريد أن تسيطر على الوضع العراقي وعلى الزرفي الاعتذار عن تأليف الحكومة”. وقامت الولايات المتحدة في الثالث من يناير/كانون الثاني الجاري بعملية إغتيال جبانة أدت الى استشهاد قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني الفريق الشهيد قاسم سليماني ورفيق دربه المهندس وعليه أجرت وكالة مهر للأنباء مقابلة مختصرة مع الخبير السياسي العراقي، نزار حيدر، وتحدث بدوره عن آخر التطورات في العراق بما ذلك تكليف “عدنان الزرفي” لتبوء منصب رئيس الوزراء من وجهة نظره، وجاءت الحوار كالتالي:
س: كيف تقرا عملية اغتيال قاسم سليماني وابومهدي المهندس؟ ما هي اهداف ترامب من استهداف القيادات التي كافحت داعش وهزمته في العراق؟
* هي جريمة وعدوان بكل المقاييس.
لقد اراد بها الرئيس ترامب ترضية نظم القبائل الارهابية الحاكمة في دول الخليج (الفارسي).
كما بعث بها رسالة الى الارهابيين حول العالم.
فمثلاً؛ بينما كانت طائرته المسيرة تغتال الشهيدين، كان مبعوثوه يجرون حوارا مباشراً مع حركة طالبان الارهابية في افغانستان والذي انتهى الى اتفاق بين الطرفين.
وعندما تغتال واشنطن قيادات طالما كان لها الدور الكبير والمباشر في الحرب على الارهاب حتى عدَّهما المرجع الاعلى في رسالة التعزية [من قادة النصر] في تلك الحرب، فهذا يعني انها تريد ان تصادر كل الجهود التي انتجت النصر على الارهاب لتسجلها باسم الرئيس ترامب، وهو امر طالما لجا اليه في قضايا كثيرة، لتوظيفها في حملاته الانتخابية القادمة.
كما انها تسعى بمثل هذه الجرائم البشعة، إِضعاف محور المقاومة الذي تقوده طهران ضد هيمنتها وحليفاتها من نظم القبائل، على المنطقة وخيراتها واتجاهاتها واجنداتها المتعلقة بالامن والاقتصاد وغير ذلك.
انها محاولة لحماية امن الكيان الصهيوني وتمرير ما يسمى بصفقة القرن والتي ولدت ميتة بعد ان رفضها الطرف الاخر المعني بها واقصد به الفلسطينيون.
س: هل ترى ان مشروع اخراج القوات الامريكية من الاراضي العراقية قابل للتطبيق على ارض الواقع؟ ما هي سبل تحقيق هذا المشروع؟
*هذا الملف معقد جدا.
فمن جانب؛ هناك اتفاقيات ثنائية بين بغداد وواشنطن من جهة، وبينها وبين التحالف الدولي من جهة اخرى، فيها التزامات مهمة لم تفصح عنها الحكومات المتعاقبة وخاصة حكومة السيد المالكي الثانية التي استدعت هذه القوات عام ٢٠١٤.
ومن جانب آخر، هناك انقسام سياسي ومجتمعي ازاء هذا الملف، ولذلك لاحظنا مثلاً ان قرار مجلس النواب تم تمريره بحضور النواب الشيعة تقريبا وغياب كردي سني شبه مطلق.
حتى الشارع الشيعي، كقادة وزعامات واحزاب وشخصيات فضلاً عن المجتمع، يعيش انقساماً بهذا الصدد.
كما ان مجلس النواب لم يصدر تشريعا [قانونا] كما هو الحال مثلا مع قانون [الاتفاقية الاستراتيجية] الموقعة بين بغداد وواشنطن، وانما تبنى قراراً [سياسيا] رمى الكرة به في ملعب الحكومة.
ولان البلاد الان خالية من حكومة دستورية كاملة الصلاحية، ولذلك فان التصور بان قرار اخراج القوات الاجنبية من العراق امر سهل وسينفذ بسرعة انما هو تصور قاصر.
نقطة مهمة يجب ان ننتبه لها بهذا الاطار؛
قرار اخراج او بقاء القوات الاجنبية في العراق هو قرار سيادي بامتياز لا يحق لاحد ان يتدخل فيه او يتحدث عنه.
ان مؤسسات الدولة بمختلف اختصاصاتها هي التي يجب ان تتخذ القرار المناسب وفي الوقت المناسب.
ان مثل هذا القرار يتعلق مباشرة بالامن القومي للبلاد، وهو الامر الذي تستوعبه الدولة بمختلف مؤسساتها، والذي تبين بالبيانات والمواقف التي صدرت عن كل المؤسسات الدستورية المعنية ومنها هيئة الحشد الشعبي التي تنظوي تحت سلطتها الفصائل التي قاتلت الارهاب وانتصرت عليه جنباً الى جنب قواتنا المسلحة بمختلف صنوفها وعناوينها وكذلك قوات البيشمرگة.
وما دون ذلك فهي ميليشيات خارجة عن سلطة الدولة.
ولقد اتضحت اخيرا الكثير من الحقائق المتعلقة بموضوع الحشد الشعبي والتمييز بينه وبين الميليشيات الخارجة عن سلطة الدولة والتي تعبث بامن البلد وسيادته، من خلال الحديثين المهمين اللذين ادلى بهما معتمدا المرجع الاعلى في كربلاء المقدسة اصحاب السماحة الشيخ الكربلائي والسيد الصافي، خلال استقبالهما لقادة عدد من فصائل الحشد الشعبي خلال الايام القليلة الماضية.
انهما اكدا على ان جوهر موقف المرجع الاعلى بهذا الصدد يستند الى مبدأين اثنين؛
*ان لا يُزج الحشد الشعبي بالصراعات والتنافسات والمناكفات السياسية بين مختلف الفرقاء السياسيين، فذلك امر مخالف للدستور والقانون الذي منع زج القوات المسلحة بالعمل السياسي.
*ان لا يتحول الحشد الشعبي الى اداة من ادوات التصعيد في الصراع الاقليمي الدولي على الاراضي العراقية.
س: كيف تقيم التحركات الامريكية الاخيرة في استهداف الحشد الشعبي والجيش العراقي؟ ما هي اصداء هذه الخطوة التصعيدية داخل العراق؟.
*مرة اخرى اقول انه عدوان سافر على سيادة البلد التي انتهكتها القوى السياسية ومن بيده زمام الامور عندما لم يلتزموا بالدستور وعندما لم يحموا سيادة البلد من تدخلات [الغرباء] على حد وصف الخطاب المرجعي.
س: ما هي اهم مجالات التعاون بين ايران والعراق كدولتين جارتين وبالنظر الى اهميتهما في الجغرافيا السياسية في المنطقة؟.
* طهران احدى اهم عواصم دول الجوار العراقي، وعلى مختلف الاصعدة وكل المستويات.
ولذلك فان مجالات التعاون بينها وبين بغداد واسعة جداً لا حد لها.
ان بغداد تسعى سعياً حثيثاً منذ اكثر من ٣ سنوات لاعادة صياغة علاقاتها مع كل دول الجوار والدول الاقليمية والدولية لتكون متوازنة حسب الحاجة وحجم هذه العلاقة، ومستندة الى مبدا العراق اولاً لتحقيق المصالح المشتركة على اساس مبدا الاحترام المتبادل وعدم التدخل في الشؤون الداخلية لاي دولة.
ولذلك نلاحظ مثلا، فعلى الرغم من المحاولات المستميتة التي فرضتها واشنطن لتحويل العلاقة الحسنة والودية بين طهران وبغداد الى علاقات عدائية او حتى قطعها وانهائها، او على الاقل تقليصها، الا ان بغداد اختارت مصالحها الاستراتيجية اولاً فرسمت معالم العلاقة على هذا الاساس بعيدا عن اي تاثير خارجي.
كذلك، فعندما كانت بعض دول الخليج (الفارسي) مثلاً تنظر الى هذه العلاقة بعين الشك والتوجس، من اجل اضعافها كشرط لتقوية العلاقة مع بغداد، ظلت الاخيرة متمسكة بموقفها الثابت في التاسيس لعلاقات متوازنة، حتى يئس الاخرون من امكانية ابتزازها قبل بناء اية علاقات ثنائية جديدة.
س: هل ترى تسمية عدنان الزرفي لتبوء منصب رئيس الوزراء خطوة ناجحة في هذه الظروف؟وهل ينجح في اخراج العراق من الفوضى؟.
*من حيث المبدا، فهو جزء لا يتجزء من المنظومة الفاسدة والفاشلة التي حكمت العراق منذ ٢٠٠٣ ولحد الان.
هو ليس طارئا او دخيلا عليها، ولذلك تنطبق عليه المقولة المعروفة [فاقد الشيء لا يعطيه] فكيف تنتظر من فاسد وفاشل ان ينتج انجازاً سليماً، نزيها وناجحا؟!.
مع ذلك، ومن باب [لكل قاعدة استثناء] لنقل جدلاً بانه قد يكون قادرا عليها، فهذا يتطلب امرين؛
*توافق الكتل الشيعية عليه، او على الاقل [٥٠+١] منها، ليحتمي بها في انجاز مهامه الموكولة به، لانني وبصراحة اؤمن بان اقرب اعداء رئيس اي حكومة في العراق، وفي سياق نوعية النظام السياسي الموجود، هي الكتل الشيعية او اغلبها.
*ان يبتعد عن كل انواع المحاصصات ويرفض الابتزاز في اختيار فريقه الوزاري، بالاضافة الى مستشاريه وفريقه الخاص.
ولان حكومته المرتقبة مؤقتة لقيادة البلاد في مرحلة انتقالية الى حين اجراء الانتخابات المبكرة في اقرب وقت، لذلك يلزمه للنجاح في انجاز ذلك؛
*حصر السلاح [السياسي تحديدا] بيد الدولة.
*الضرب بيد من حديد على رؤوس الحيتان الكبيرة ومن [العصابة الحاكمة] من خلال الزج بـ [عجل سمين] واحد على الاقل خلف القضبان.
وبذلك سيحمي صندوق الاقتراع من الترغيب بالمال الحرام.
وليكسب ثقة الشارع والمحتجين تحديداً، فان عليه ان يلاحق كل المتسببين بقتل المحتجين السلميين والذين ارتكبوا جرائم الخطف والقتل والقنص والحرق والتدمير والاعتداءات على الاملاك العامة والخاصة.
وكذلك الذين تجاوزوا على عناصر القوى الامنية، خاصة من يطلق عليه بـ [الطرف الثالث].
يجب الكشف عن هويته وتقديمه للعدالة لينال جزاءه العادل ومن اجل ان تتم عملية الفرز بين المحتجين السلميين من جهة وكل العناصر التي سعت الى الطعن وتخريب الاحتجاجات لصالح احزاب السلطة الفاسدة والفاشلة وميليشياتها المجرمة التي تورطت بدماء المواطنين، من جهة ثانية./انتهى/