المصدر : هآرتس
- جاء التطور الأخير المفاجئ في هذه الحرب، تحديداً من جانب الولايات المتحدة، إذ أفاد تقرير نشرته شبكة ABC بأن حاملة الطائرات الأميركية، جيرالد فورد، ستغادر الشرق الأوسط خلال الأيام القليلة المقبلة لتعود إلى مينائها في فيرجينيا، مع قوة عمل تضم بوارج إضافية، وهكذا ستظل في الإقليم حاملة طائرات أميركية واحدة، وهي دوايت أيزنهاور. وكانت حاملتا الطائرات قد تم نشرهما في المتوسط، بالقرب من الخليج العربي بعد الهجمة “الإرهابية” التي نفذتها حركة “حماس” في غلاف غزة في السابع من تشرين الأول/أكتوبر، وذلك بأوامر مباشرة من الرئيس الأميركي جو بايدن.
- وهذا الانتشار البحري المكثف، الذي يشمل حاملتي الطائرات ومعهما أكثر من 150 طائرة حربية، تم في موعد قريب من موعد تحذير بايدن للنظام الإيراني الذي نهاه فيه عن المشاركة في الحرب قائلاً: “Don’t“. وكان الهدف وراء خطوة بايدن هذه، في الوقت الذي كانت فيه إسرائيل تعيش حالة يُرثى لها، ردع الإيرانيين عن الانضمام مباشرة إلى الحرب، ومن الممكن أنها كانت تهدف أيضاً إلى ردع حزب الله عن محاولة شن هجوم شامل على إسرائيل.
- لكن إيران لم تجلس هادئة؛ فمنذ الثامن من تشرين الأول/أكتوبر يخوض حزب الله معركة ضد إسرائيل، ويقوم بإطلاق الطائرات المسيّرة من لبنان، إلى جانب الصواريخ والقذائف المضادة للدروع في اتجاه البلدات الإسرائيلية والمواقع العسكرية في الجليل. أمّا الحوثيون في اليمن، فقد قاموا بإطلاق أكثر من 50 صاروخاً وطائرة مسيّرة في اتجاه منطقة إيلات، بتشجيع من إيران، وعرقلوا بصورة ممنهجة حركة الملاحة في مضيق باب المندب، بينما قامت ميليشيات شيعية في كل من العراق وسورية بإطلاق مسيّرات وصواريخ في اتجاه الحدود الإسرائيلية، ابتداء من الجولان في أقصى الشمال وصولاً إلى وادي عربة في أقصى الجنوب.
- ويدور بين كل من الولايات المتحدة وإيران حوار مثمر، من الرسائل السرّية والعلنية. وربما رافق تخفيفَ الحضور البحري الأميركي في الإقليم الآن تلميحٌ سرّي لإيران بألاّ تحاول تصعيد الوضع القائم المتوتر أصلاً، مع مغادرة حاملة طائرة من اثنتين للإقليم. وبالتوازي مع ذلك، يمكن أن تكون هذه الخطوة رهاناً أميركياً خاطئاً ربما يفسرها حزب الله كفرصة لزيادة توسيع حيز الخطر.
- صحيح أن الأمين العام لحزب الله، حسن نصر الله، قد بدأ الهجمات في الشمال رداً على الحرب الدائرة في قطاع غزة، لكنه كان حذراً حتى الآن من الانجرار إلى حرب شاملة مع إسرائيل. والمعضلة هنا هي أن الطرفين يسيران على الحافة، وأن المواجهة باتت الآن تشمل أيضاً أهدافاً إيرانية، في هجمات منسوبة إلى إسرائيل (على الرغم من أن إسرائيل نفسها لا تعلن مسؤوليتها الرسمية عن هذه الهجمات).
- وفي هذه الأثناء، تُبدي الولايات المتحدة موقفاً حازماً بصورة متزايدة تجاه الحوثيين؛ ففي يوم الأحد، تم إحباط محاولة حوثية لمهاجمة سفينة في البحر الأحمر، كما قامت السفن الأميركية بإغراق قوارب تحمل 10 مقاتلين يمنيين. وقد بدأ التحالف الدولي لحماية الملاحة في المنطقة يرسخ نفسه، وهناك تقارير تفيد بأن كلاً من الولايات المتحدة وبريطانيا يفكر في شن حملة جوية أكثر منهجية ضد أهداف حوثية في اليمن.
- إن تقليص الحضور البحري الأميركي في الإقليم لا يبشر بالخير بالنسبة إلى إسرائيل؛ فعلى الرغم من أن الدعم الأميركي لإسرائيل في جهدها الحربي هو دعم واسع النطاق، فإن حكومة نتنياهو لا تتمتع بائتمان أميركي حربي غير محدود، إنما هي بعيدة عن ذلك. ومؤخراً، دارت محادثات هاتفية متوترة بين بايدن ونتنياهو، تمحورت في معظمها بشأن تعامل الأخير مع السلطة الفلسطينية. كما أن سلسلة التصريحات الصادرة عن اليمين المتطرف في الحكومة، والتي تعد بتشجيع تهجير فلسطينيي القطاع وإعادة إنشاء المستوطنات هناك، لا تساهم، طبعاً، في تعزيز ثقة واشنطن بنوايا إسرائيل.