لفتت صحيفة “الشرق الأوسط” إلى أنه يقف عند تقاطع الطريق، عمره لا يتجاوز ست سنوات، بالكاد تلمحه من نافذة السيارة.
يحمل علبة محارم ورقية، يتنفس الدخان المنبعث من السيارات العابرة ولا تحمل تقاسيم وجهه أي تعبير. هو لم يعرف المدرسة، كان في الثانية من عمره لدى لجوء أهله من سوريا إلى لبنان.
يتجنب الحوار مع من يتسول منهم، يبدو خائفاً بعض الشيء، كأنه لم يتعود إلا الجفاء ممن يسألهم شراء علبة المحارم.
لم يلحّ كالمتسولين الذين يلاحقون سائقي السيارات بتوسل. لكن بعد سنوات، من يضمن كيف يتصرف إذا بقي شريد الطرق؟
والأطفال المتسولون المنتشرون في بيروت، يطلون مع كل ضوء أحمر تطلقه إشارات السير عند تقاطعات الطرق. لا يمنعهم عن أداء «عملهم» برد أو حر أو وجود شرطي يبدو أنه لا يستطيع شيئاً حيالهم، على رغم حظر القانون للتسول، حيث يعاقب أهل القاصر المتسول أو من يدفع القاصر للتسوّل.
“أين نضعهم؟” يقول مسؤول أمني رداً على سؤال صحيفة “الشرق الأوسط” عن عجز الجهات المختصة عن مواجهة الانتشار الكثيف للمتسولين رغم القوانين. ويضيف “لا يمكن معالجة هذه المشكلة عبر تطبيق القانون القاضي بإلقاء القبض على المتسولين”.
وشدد على أن “العمل يجب أن يبدأ من مرحلة ما قبل النزول إلى الشارع”، لافتاً إلى أن “منع التسول هو قضية اجتماعية يجب أن تؤخذ بجدية من خلال تضافر جهود جهات رسمية وإنسانية تعمل بتنسيق بين وزارت الداخلية والعدل والشؤون الاجتماعية والعمل والمنظمات الدولية والاجتماعية ولا يقتصر الأمر على ما يفترض أن تقوم به قوى الأمن الداخلي وهي تؤدي واجبها في هذا الإطار لكن كثافة الحالة وتعقيداتها تحول دون أن يلاحظ المواطن أننا نجمع عدداً كبيراً من المتسولين يومياً بعضهم من الزوار الدائمين ويفضل السجن لأننا نؤمّن له الطعام والأمان قياساً لما يتعرض له في الشارع لكن مع غياب أمكنة متخصصة لإيواء القاصرين، لا نستطيع إيجاد الحلول الإنسانية والاجتماعية المقبولة لأوضاعهم ونضطر إلى تسليمهم إلى أهلهم من جديد أما البالغون فنوقفهم. ومنهم من تتم إحالته إلى النيابة العامة، وتحديداً من يدفع بأولاده أو أولاد الآخرين إلى التسول”.
ويرفض عضو مجلس إدارة “المنظمة الدولية للطفولة” والخبير في شؤون الطفولة، الدكتور إيلي مخايل، أي كلام عن عجز القوى الأمنية في الحد من هذه الظاهرة. ويقول “بإمكان القوى الأمنية أن ترسل دوريات استقصاء لتطبيق القانون، غالبية الأطفال المتسولين يتم نقلهم بواسطة مشغليهم أو أقاربهم.
والأهل يعاقَبون إن هم تقاعسوا عن الرعاية اللازمة لأبنائهم. كما أن المشغلين يعاقَبون بتهمة الاتجار بالبشر. ولدى القبض على من يشغِّل الأطفال، يصبح ممكناً العمل لإعادة تأهيل هؤلاء المتسولين”.
ويضيف مخايل “لا تكفي جهود القوى الأمنية وحدها. المطلوب تكامل بين النظام الأمني والنظام الاجتماعي. فهناك نقص في التخطيط والتنسيق في لبنان بين الوزارات.
وهناك غياب للرؤية المتكاملة وللخبرات المتخصصة في شؤون التسول”، مشيراً إلى أن منظمة “اليونيسيف” التابعة للأمم المتحدة «بدأت تنشط لمعالجة ظاهرة التسول في إطار اهتمامها بشؤون الأطفال السوريين اللاجئين في لبنان