مشروع نتنياهو (إســـ..ـرائيـل الكبرى)… تهويلٌ وضغوط أم واقعي وجدِّي؟*

*مشروع نتنياهو (إســـ..ـرائيـل الكبرى)… تهويلٌ وضغوط أم واقعي وجدِّي؟*

شارل أبي نادر

توقَّف أغلب المتابعين مؤخرًا في المنطقة وفي العالم، حول طرح نتنياهو الأخير عن مشروع “إســـ..ـرائيـل” الكبرى، وحيث رأى بعضهم أن الأمر لا يحمل أية إمكانية للنجاح ولو بسيطة، ورأى بعضهمم الآخر أن الأمر لا يعدو كونه تهويلًا وبابًا من أبواب الضغوط للوصول إلى أهداف أخرى، فإن بعضًا منهم أيضاً لم يستبعد جدية الطرح وإمكانية نجاحه…

فكيف يمكن مقاربة رأي كلٍّ من هؤلاء؟ وما إمكانيات وعناصر نجاح هذا المشروع “القنبلة”، والذي رماه رئيس حكومة الـعـ.دو في هذا التوقيت الاستثنائي الذي تعيشه المنطقة بشكل كامل؟

بداية، وقبل الإضاءة على المقاربات المختلفة للمشروع، من المفيد الإضاءة على تفاصيله، وخاصة لناحية الجغرافيا التي يشملها.

“المشروع يتبناه اليمين الإســـ..ـرائيـلي المتشدد المتحالف اليوم مع نتنياهو، وقد طرحه زعيم حـ.ـزب “البيت اليهودي” المتطرف بتسالئيل سمـ..ـوتريتش عام 2016، حين كان عضوًا في الكنيست، مشيرًا في مقابلة تلفزيونية إلى أن “حدود إســـ..ـرائيـل يجب أن تمتدّ لتشمل دمشق، إضافة إلى أراضي 6 دول عربية هي سورية ولبنان والأردن والعراق وجزء من مصر ومن السعودية؛ لتحقيق الحلم الصهـ.ــيونـ.ـي من النيل حتى الفرات”.

عمليًّا؛ “يستند داعمو اليمين اليهودي المتطرف الذين يتبنون هذه المعتقدات التوراتية، إلى نصوص أهمها ما ورد في سفر التكوين، إضافة إلى أصوات داخل الحركة الصهـ.ــيونـ.ـية تدعو إلى توسيع حدود “إســـ..ـرائيـل” لتشمل أجزاء واسعة من الشرق الأوسط”.

*عمليًّا؛ من يعتبر أن المشروع لا يحمل أية إمكانية للنجاح ولو بسيطة، يستند في ذلك إلى عدة عناصر واقعية وجدية، وهي:*

– استحالة وجود قدرة لحكام الكـ..ـيان اليوم على تنفيذ هذا المخطط الجهنمي وغير الواقعي، فالكـ..ـيان اليوم يعاني الكثير في الداخل ومن خصومه:
– يعاني من المقـ.ـاومة الفلسـ.ـطينية في غـ..ـزة، دون وجود أية إمكانية لتحقيق أهدافه، رغم الإبادة والتجـ..ـويع والحــ.ــصـ..ـار، ورغم ممارساته الإجرامية بالدفع نحو التهجير.

– على مقلب آخر، يفشل الكـ..ـيان في مـ..ـواجهة أبناء اليمن ومنعهم من مساندة أبناء غـ..ـزة، في مناورتهم البحرية الواسعة، أو في استـ..ـهدافاتهم القاتلة لعمق الكـ..ـيان ولمرافقه الحيوية.

– من جهة أخرى، فإن الاحـ.ـتلال يعاني أيضاً في محاولة ضبط الساحة السورية لكي يأمن جانبها، ولا يبدو رغم توغلاته واعتـ.ـداءاته أنه سينجح في ذلك، إذ إن الرمال السورية المتحركة دائمًا ما تحمل المفاجآت.

– إضافة إلى ذلك، أنه رغم الاعتـ.ـداءات والضغوط والتهـ..ـديدات الضخمة التي يمارسها في لبنان وعليه، لا يبدو أنه سينجح في فرض أجندته بتطويع لبنان وإرضاخه، وخاصة لناحية هـ.ـدفه الأول الرامي إلى نزع سـ..ـلاح المقـ.ـاومة (حـ.ـزب الله).

أما بالنسبة لمن يروا أن مشروع “إســـ..ـرائيـل الكبرى” لا يعدو كونه تهويلًا وبابًا من أبواب الضغوط للوصول إلى أهداف اخرى، فإنهم يعتبرون أن نتنياهو وحكومته المتشددة الحالية، يرفعان عاليًا سقف طروحاتهما بالتهديد باحـ.ـتلال مساحة شاسعة من أراضي دول عربية، مع إعطاء الأمر هالة من الجدية في الإعلام وفي السياسة، لكي يهرع إليهما المعنيون، في الدول المستهـ.ـدفة بالمشروع، أو في المجتمع الدولي الغربي، ومقايضتهما بالتخلي عن المشروع، مقابل حصول الاحـ.ـتلال على مكتسبات أخرى في الجغرافيا (ربما في الضفة الغربية وفي الجولان السوري المحـ.ـتل أو غير المحـ.ـتل)، وأيضاً مقابل حصوله على مكتسبات أخرى في السياسة؛ محورها توسيع دائرة الدول المطبعة معه، بالإضافة إلى تنازلات سياسية مهمة من الفلسـ.ـطينيين، في غـ..ـزة وفي القدس وفي الضفة الغربية.

أما بالنسبة لمن لم يستبعدوا جدية الطرح وإمكانية نجاحه، والذين رأوا فيه مشروعًا يحمل نسبة كبيرة من إمكانية التحقُّق، فإنهم يجدون أن نتنياهو وفريقه المتشدد، لجؤوا إلى طرح هذا المشروع، بعد أن نجحوا في إفقاد خصوم ” إســـ..ـرائيـل” قدرة الردع بمواجهتها، وهم يعتبرون أن هذا الأمر (خسارة خصوم إســـ..ـرائيـل معادلة الردع بمواجهتها)، قد حصل فعلًا بعد أن فقد محور المقـ.ـاومة الساحة السورية، كنقطة ارتكاز أساسية لربط أطراف المحور المذكور، وبعد أن فقد حـ.ـزب الله المستوى الذي طالما امتلكه على صعيد الردع ومعادلة القوة بمـ..ـواجهة الاحـ.ـتلال الإســـ..ـرائيـلي.

من هنا، وأمام ما تم عرضه لناحية تنوع النظرة واختلافها حول حظوظ نجاح مشروع إســـ..ـرائيـل الكبرى وإمكانية تحققه، تبقى فكرة أن يكون الطرح مجرد تهويل وباب من أبواب الضغوط للوصول إلى أهداف أخرى، هي الأقرب للواقع وللحقيقة.

 

شاهد أيضاً

إسرائيل هيوم”: الذكاء الاصطناعي سلاح لا يجوز لـ”إسرائيل” أن تبقى من دونه

  علّقت صحيفة “إسرائيل هيوم” على إعلان شركة مايكروسفت رسميًا قرار قطع خدمات السحابة والذكاء …