من اﻹمبراطورية الى الجمهورية

 

منير نصولي

فجأة، وبدون سابق إنذار، اندلعت تلك اﻻحتجاجات في الوﻻيات المتحدة كرد فعل على مقتل

المواطن اﻷمريكي من أصل أفريقي "جورج فلويد" بشكل ﻻ إنساني على يد الشرطة

اﻷمريكية، و كان ﻻتساع رقعة اﻻحتجاجات وانتشارها في مئات المدن، وشعاراتها المرفوعة،

بالإضافة لما رافقها من فلتان أمني، وحملات اعلامية مواكبة، والتي تشابهت الى حد كبير مع

آليات اشعال الثورات الملونة على يد اﻹستخبارات الغربية في عدد من دول العالم، ليس بعيدا

منها ثورات الربيع العربي، التي وبالمناسبة يصفها الدكتور في العلوم العسكرية "قسطنطين

سيفكوف" بأنها هجوم جيوسياسي واسع النطاق تعرضت له الدول العربية من قبل الغرب.

يطرح هذا اﻷمر سؤاﻻ ملحا، هل ما يحصل في الولايات المتحدة اﻷمريكية هو أمر طبيعي، أم

أمر مدبر وخطط له في الخفاء لتنفيذ أجندة ما، لصالح جهة أو مجموعة جهات لها مصالح

مشتركة، داخل الوﻻيات المتحدة؟ في حال كان الجواب بنعم، فهذه الاحتجاجات موجهة ضد

من ولماذا، ومن يقف خلفها بالتحديد؟ وهل هناك تقاطع بينها وبين اﻷزمة المالية العالمية،

وصعود الصين وروسيا، وتعثر الولايات المتحدة في الحفاظ على نفوذها في الشرق اﻷوسط،

بسبب اصطدامها بقوة الصمود الايراني وحلفاءه في المنطقة؟ وهل جاءت جائحة كورونا في

نفس السياق، أو بتعبير أوضح خادمة ومخرجا لها؟

سنجيب على هذه اﻷسئلة، ضمن ثلاث محاور متوازية، لتعود تلك المحاور وتلتقي داخل

الولايات المتحدة اﻷمريكية، موضحة المشهد من جميع جوانبه، وهي كالتالي:

1. المحور الاقتصادي بقطبيه، الحقيقي، والمالي.

2. المحور السياسي العسكري.

3. المحور الجيوبوليتيكي الدولي.

أوﻻ، المحور الاقتصادي:

إثر اﻷزمة الاقتصادية العالمية التي وقعت عام 2008، صرح الرئيس السابق للبنك الدولي

"جيمس ولفنسون": "صحيح أن اﻷزمة أمريكية المنطلق، لكنها أظهرت خللا في سائر أنظمة

المال حول العالم، وسيأخذ العلاج وقتا طويلا". جاءت أحكام "ولفنسون" استنادا الى تقرير

أعده بنك التسويات الدولية، يظهر أن العالم شهد تبادل أوراق وسندات مالية بقيمة، 631

تريليون دولار، أي ما يفوق بعشرة أضعاف حجم الناتج العام الاجمالي الحقيقي للعالم بأسره.

وبشأن حجم الخسائر التي تكبدتها الاقتصادات الدولية خلال الثلاثة أشهر اﻷخيرة فقط من العام

 

2008، فقد قدرها بنك أوف انجلترا، بنحو 10 تريليونات من الدولارات، أي ما يوازي 6/1

من الناتج العالمي السنوي. من الواضح حسب اﻷرقام والمعطيات أن جذور اﻷزمة مالي

المنشأ، ولكي نفهم ماذا نعني بتعبير مالي المنشأ، يجب أن نعود بالزمن الى جذور تشكل النظام

الاقتصادي العالمي الحالي ابتداء من الولايات المتحدة الأمريكية.

قبيل الحرب العالمية اﻷولى بعام واحد، تأسس نظام الاحتياطي الفيدرالي، كمؤسسة خاصة

مسؤولة عن إصدار النقد في الولايات المتحدة، ولكن في تلك الفترة كان تأثيره محدودا، نظرا

لارتباط الدولار بالذهب، حيث كانت حصة القطاع المالي داخل الولايات المتحدة تبلغ 5%.

وبما أن الحرب هي وسيلة لتوزيع الغنائم والذهب، فقد اندلعت الحرب العالمية اﻷولى بعد عام

واحد من تأسيس نظام الاحتياطي الفيدرالي، وتكدس بعد الحرب ثلث الذهب العالمي في

الولايات المتحدة.

في مرحلة لاحقة انفجرت فقاعة مالية كبيرة في وول ستريت عام 1929، أدت الى ذعر

جنوني في بورصة نيويورك أواخر عشرينات ومطلع ثلاثينات القرن الماضي، اجتاحت

اﻷزمة أمريكا وتجاوزت حدودها، محدثة تدهور اقتصادي حتى عام 1932، وفي عام 1933

بدأ الكساد الكبير، ومرة أخرى كانت الحرب أفضل طريقة لإخراج العالم من الكساد، فكانت

الحرب العالمية الثانية، والتي انتهت بتوقيع اتفاقية "برايتن وودز"، استحوذت الولايات المتحدة

من خلالها على ثلثا مخزون الذهب في العالم، وبالتالي ارتفعت حصة القطاع المالي في

الولايات المتحدة الى 10%، وغدا الدولار عملة عالمية. وفي عام 1970، قفزت تلك النسبة

الى 20%، إثر فك ارتباط الدولار بقاعدة الذهب. في يومنا الحاضر تبلغ حصة القطاع المالي

50% من حجم الإقتصاد، وبما أن الدولار هو العملة العالمية اﻷولى، فإننا نجد أن المصرفيين

هم الذين يحددون قواعد اللعبة في الاقتصاد العالمي.

فما هي الآلية التي يعمل من خلالها المصرفيون لزيادة رأس المال؟ يشرح الخبير الاقتصادي

الروسي "ميخائيل خازن" تلك اﻵلية على الشكل التالي:" تقوم المصارف بطباعة أصول مالية

صورية (وهمية) لا وجود لها في الواقع، من ثم يشتري نظام الاحتياطي الفيدرالي هذه

اﻷصول جملة، وهكذا تحصل المصارف على أموال حقيقية تطرحها في التداول وتجني الربح

بعد أن اكتسب الصفة القانونية، وهكذا تواصل المصارف التصرف بهذه اﻷموال على هواها،

وفي كل اﻷحوال يبقى في حوزتها الربح الاضافي من اﻷصول الوهمية".

اذن، ما سبب المشكلة الاقتصادية الحالية؟

تكمن المشكلة أنه ومنذ عام 2008، أضحت التشوهات البنيوية في النظام المالي الاقتصادي

واضحة كليا، بحيث أن مردودية توظيف رؤوس اﻷموال في انخفاض كبير، وأصبحت عمليا

 

تعادا الصفر، وهذا يعني أن رأس المال لا يعاد إنتاجه، فالنظام الاقتصادي الذي يشغل فيه

قطاع الوساطة 50% من كل القطاعات اﻷخرى، لا يمكن أن يبقى على قيد الحياة.

ووفقا لنظرية الدورة الرأسمالية عادة ما يشار الى عدة مراحل تمر بها تلك الدورة:

1. الركود.

2. الكساد.

3. الانتعاش.

4. الذروة.

ولكن تكمن المشكلة في أن مرحلة الركود ما زالت مستمرة الى الآن، وقد طال زمن استمراها

كثيرا، وهذا غير طبيعي إطلاقا، بحسب البروفيسور "فالنتين كاتاسونوف"، فأصبحت

المصارف تطبع دوﻻرات ﻻ غطاء لها وغير مكفولة، وتلك الكميات الهائلة غير المكفولة

أضحت تصنع فقاعات مالية في البورصات، فتزايد حجم الديون في جميع قطاعات الاقتصاد،

ورغم أن هذه اﻵلية بالتحديد هي ما تبرع فيه الرأسمالية، إﻻ أنها هي ذاتها سبب اﻷزمات

المتتالية التي تعاني منها، وهي في حال أرادت تصحيح مسارها وشرعت باﻹستثمار في

الاقتصاد الحقيقي، فإنها تعمل على إنتاج تقنيات تقوض نفسها بنفسها، فتستثمر في تشغيل آلات

جديدة تعمل على خفض محتوى العمل لكل وحدة إنتاج، وبهذا يتم استحداث وظائف جديدة

تأتي في أسفل التسلسل الهرمي للعمل، وهذا يعني أن اﻵلات تلعب دورا متزايدا في اﻹنتاج،

وهي (أي اﻵﻻت) لا تحتاج إليها، وﻻ البشر يستطيعون تحمل كلفتها. وفي الوقت نفسه في

عالم المال، يخلق الرأسماليون باستمرار أشكالا جديدة من الديون، يؤدي تراكمها في النهاية

الى اﻹنهيار، بعد أن تتبلور سلسلة من حالات اﻹفلاس، وبما أن القطاع المالي يجمع دوما بين

ديناميكيته في اﻹقتصاد الحقيقي، وديناميكيته في عالم المال، فسوف يؤدي ذلك دائما الى تتالي

اﻷزمات المدمرة. "يانيس فاروفاكيس"، وزير المالية اليوناني اﻷسبق.

ويقابل القطاع الاقتصادي المالي، قطاع اﻹقتصاد الحقيقي، الذي يمكن تسميته باﻹقتصاد

القومي، والذي يستثمر في القطاعات الصناعية والزراعية، ومختلف قطاعات اﻹنتاج الوطنية،

هذا القطاع يتعرض لحرب حقيقية داخل الولايات المتحدة وحتى على المستوى الدولي، من

قبل النخبة المالية اﻷمريكية والتي هي في الواقع نخبة عالمية، واﻷزمة الحالية مالية ناتجة عن

جشع القطاع المالي، ورغبته في تدمير اﻹقتصاد الحقيقي، ووفقا للخبيرة المالية السويسرية

المصرية اﻷصل "ميريت زكي"، إن تسخير أنشطة الخزينة المركزية اﻷمريكية بالتعاون بين

النخبة المالية في وول ستريت، والنخبة السياسية في دولة قوية كالولايات المتحدة، هو لخدمة

البورصة والمضاربين وحدهم، وليس في خدمة اﻹقتصاد الحقيقي والمؤسسات وصغار التجار

والمستهلكين والمدخرين.

 

وفي عودة الى الى الفقاعة المالية اﻷمريكية، كان مؤشر داوجونز قد سجل من تشرين الثاني /

نوفمبر الى كانون الأول / ديسمبر 2019، أقصى معدل في تاريخه، وهذا مؤشر واضح على

حجم الفقاعة المالية المتنامية بانتظام، والتي موضوع انفجارها مسألة وقت فقط، يتوقع الخبراء

أن يكون اﻹنهيار ربيع 2021. "ميخائيل خازن"

يبلغ الدين العام اﻷمريكي اليوم، حوالي 22 ترليون دوﻻر حسب البيانات الرسمية، ويشكل

بحسب مؤشرات الدين العام اﻷمريكي 300% من الناتج المحلي اﻹجمالي، وهو مرشح

للارتفاع بشكل كبير في ظل جائحة كورونا، ويقدرها بعض الخبراء وفقا "لميريت زكي"

بأكثر من 200 ترليون دولار بصورة غير رسمية، حيث لم يعد من النافع طبع المزيد من

اﻷوراق المالية ﻷنها سوف تجد طريقها الى جيوب رجال المال.

وقبل اﻹنتهاء من المحور اﻹقتصادي، نجد أنه من المفيد إعطاء مثال على قوة ووحشية رجال

المال هؤلاء، ممثلين بالمضاربين وقطاع الوساطة، ففي نهاية عام 2009، شوهد ضغط كبير

على بيع ديون اليونان من قبل صناديق ائتمان أنغلوساكسونية بنيّة التأثير التصاعدي على باقي

البلدان اﻷوروبية في حال انهيار اليورو، حيث تعرضت اليونان لهجوم تكتيكي بأسلوب

عسكري مرتب سلفا، أدى لانهيار قيمة ديونها وارتفاع سع فائدتها بشكل كبير، وهذا الهجوم

كان يقف خلفه أمريكا وبريطانيا، وقد حدث هذا اﻷمر بشكل متكرر ضد أسبانيا والبرتغال

وإيطاليا.

ولكن هل تعافت اليونان اقتصاديا وماليا، بعد تدخل صندوق النقد الدولي واﻹتحاد اﻷوروبي

ضمن برنامج مشترك لمساعدة اليونان؟

اﻹجابة هي كلا بالطبع. في الحقيقة لم يكن البرنامج يهدف لمساعدة الشعب اليوناني والسعي

لتعافي اقتصاد هذا البلد، بل كان الهدف اﻷساسي إنقاذ أربعة أو خمسة مصارف فرنسية

وألمانية، من خلال تحميل خسائرها لدافعي الضرائب في أوروبا، عبر استخدام الخزانة

اليونانية كمحطة وسيطة ﻷموال اﻹنقاذ، والهدف الثاني للبرنامج المشترك بين صندوق النقد

والاتحاد اﻷوروبي، كان ان يتحول اليونانيون الى عبيد للدين المستدام، فيكونوا درسا لشعوب

البلدان اﻷخرى، اﻷسبان واﻹيطاليين، والفرنسيين، بأن ينفذوا ما يطلب منهم أو يواجهوا نفس

المصير اليوناني.

على الهامش؛ ما سبق يفسر انسحاب بريطانيا من الاتحاد اﻷوروبي "بريكسيت" عام 2019،

إثر استفتاء جرى عام 2016، وصوّت له 51.9% لصالح اﻹنسحاب، والهدف هو النأي

باقتصادها وعملتها عن أي انهيار مالي أو حرب مالية ضد اليورو، وآثارها السلبية المدمرة.

 

ثانيا، المحور السياسي العسكري:

يواجه الغرب وعلى رأسه الولايات المتحدة اﻷمريكية منافسة شرسة من قِبل قوى دولية

وإقليمية على مناطق نفوذها التقليدية في الشرق اﻷوسط الكبير، لاسيما اﻹقليم العربي منه،

وبالأخص حيّز غرب آسيا، حيث توجد، الاحتياطات البترولية اﻷضخم في العالم وما يعنيه

ذلك من أهمية فائقة بالنسبة لقوة الدولار اﻷمريكي كعملة عالمية، والممرات المائية

اﻹستراتيجية، وإسرائيل كقاعدة عسكرية ديموغرافية متقدمة للغرب، بالاضافة للموقع

الجيوسياسي اﻹستراتيجي للمنطقة.

فبعد أن احتلال الولايات المتحدة لأفغانستان والعراق عسكريا، مطلع اﻷلفية الثالثة، وتشجيعها

اسرائيل على شن حرب تموز / يوليو 2006 ضد حزب الله في لبنان، وقيادتها لثورات الربيع

العربي، بهدف ركوب موجة التغيير في المنطقة، ورغم ما نتج عنها من حروب أهلية في

سوريا واليمن، وحرب أهلية جزئيا في العراق، وحرب أهلية باردة في لبنان، فشلت الولايات

المتحدة في كل حروبها التي شنتها في العقدين اﻷخيرين، وكُشفت محدودية القوة اﻷمريكية،

وتصاعدت بشكل أخص قدرات محور المقاومة بقيادة إيران وحلفائها في وجه الولايات

المتحدة ، من خلال المساهمة في إفشال حروبها، وتوجيه الضربات العلنية المباشرة وغير

المباشرة لها، ما جعل هذا المحور عاملا أساسيا في إلغاء القطبية الواحدة اﻷمريكية، وفي

تقليص نفوذها تحت شعار إخراج الولايات المتحدة من غرب آسيا، اﻷمر الذي انعكس على

وكلائها من حكام المنطقة، إذ تبيّن ضعفهم بشكل جلي، بينما إسرائيل، تعاني من خطر

وجودي، إثر اهتزاز البيئة اﻹستراتيجية المحيطة التي أمنت لها الحماية والبقاء، هذه البيئة

اﻹستراتيجية تتعرض اليوم لزلزال كبير يقوّض قدرتها على المناورة، وعلى اﻹستمرار في

لعب دور الحامي اﻷول للدولة العبرية.

حالة الضعف هذه اضطرت الولايات المتحدة أن تسلِّم زمام المبادرة التكتيكية لوكيل إقليمي

قوي كتركيا الطامحة لإعادة مجد الإمبراطورية العثمانية السابقة، لموازنة النفوذ اﻹيراني

والروسي المتزايد، تركيا اليوم لديها قواعد في سوريا والعراق وليبيا، وقطر والصومال، ولا

تخفي طموحاتها بتنفيذ ما اتفقت عليه مع الولايات المتحدة بملء الفراغ الذي سينتج عن تراجع

أدوار هذه اﻷخيرة في المنطقة، "أنيس النقاش"، ما أدى لاشتعال الصراع بين حلفاء الولايات

المتحدة أنفسهم وانقسامهم الى معسكرين يضم اﻷول مصر والمملكة العربية السعودية

واﻹمارات، والمعسكر اﻵخر قطر وتركيا، وبالطبع المعسكرين يضمان الكثير من التوابع ذوو

اﻷدوار الثانوية والثالوثية في المنطقة، ترجم هذا اﻹنقسام بمعارك غير مباشرة بين المعسكرين

 

تتجلى بشكل أوضح في ليبيا اليوم، والتي يمكن أن تتطور الى مواجهات مباشرة في المستقبل،

اﻷمر الذي سوف يزيد من تدهور النفوذ اﻷمريكي في المنطقة لصالح روسيا والصين وإيران،

وبالتالي في العالم.

 

ثالثا، المحور الجيوبوليتيكي الدولي:

يواجه العالم اليوم عدة تناقضات، وصراع وجود ومصالح، وينقسم الى قطبين رئيسيين، يتكون

كل قطب منها من عدة تجمعات وأحلاف، على شكل تكتلات إقليمية، تجمعها العديد من

المصالح والرؤى.

ويمكن تعديد التناقضات كالتالي:

1- تناقضات أيديولوجية (الإسلام، الأورثوذوكسية،البوذية، ….)، في مقابل (الحضارة

الغربية الليبرالية)، ويعتبر التناقض اﻷخطر اليوم، لذلك يسعى الغرب اليوم لدق إسفين

بين الإسلام والبوذية في جنوب شرق آسيا، عبر تأزيم قضية اﻹيغور المسلمين في

الصين، وتفجير الصراع بين الروهينغا المسلمين والبوذيين في ميانمار، وكذلك يسعى

الغرب أيضا الى تقسيم الكنيسة اﻷورثوذوكسية عبر فصل الكنيسة اﻷوكرانية والتركية

عن قيادتها الروحية التاريخية في روسيا، وإشعال الصراع بين اﻷقباط المصريين ذوو

الغالبية اﻷورثوذوكسية، وبين اﻷغلبية اﻹسلامية في البلاد.

2- تناقضات بين النخب فوق القومية (النخب المالية)، مقابل النخب القومية حول العالم.

3- التناقضات بين الفقاعة المالية العملاقة (أي القطاع الاقتصادي المالي) التي سيطرت

على العالم، مقابل قطاع اﻹقتصاد الحقيقي، حيث يسعى القطاع اﻹقتصادي الحقيقي

الذي تقوده النخب القومية للقضاء على الشركات متعددة الجنسية، وتقليص حجم القطاع

المالي في اﻹقتصاد، لتتمكن اﻹقتصادات القومية من النهوض والتعافي. بينما يسعى

القطاع المالي الى القضاء على اﻹقتصاد الحقيقي، للإستمرار في التوسع عالميا، وربما

بلا نهاية…!

وينقسم العالم بسبب هذه التناقضات الى قطبين رئيسيين هما:

القطب اﻷول، هم أصحاب اﻹقتصاد الحقيقي والنخب القومية حول العالم، ويتمثل في

أربعة أقاليم جغرافية، وهي:

 

1. آسيا، وتبرز الصين كدينامية اقتصادية جبارة.

2. الشرق اﻷوسط، وتبرز إيران ومصر(بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي).

 

3. أمريكا الجنوبية، وتبرز البرازيل، وإن كان قد تم تحجيمها بعد الرئيس

"لولا دا سيلفا"، وإقالة خليفته الرئيسة "ديلما روسيف" من منصبها،

وتسلم الليبرالي اليميني الموالي للغرب "جايير بولسونارو" رئاسة البلاد.

4. أوراسيا، واﻹتحاد اﻷوراسي وتبرز روسيا اﻹتحادية، المستقلة اقتصاديا

والقوية عسكريا.

 

ويتمثل القطب اﻷول، بعدة تكتلات سياسية كالتالي:

1. منظمة شنغهاي للتعاون، وتضم الصين، روسيا، كازاخستان، الهند، باكستان،

باﻹضافة الى دول آسيا الوسطى، وإيران كعضو مراقب.

2. دول المبادرة البوليفارية، وتضم فنزويلا، بوليفيا، البرازيل، كوبا ونيكاراغوا.

3. اﻹتحاد اﻷوراسي، ويضم روسيا اﻹتحادية، روسيا البيضاء، كازاخستان،

قرغيزستان، أرمينيا.

تعمل هذه التكتلات على دعم وتقوية اﻹقتصاد الحقيقي لبلدانها، وتنسيق التبادل التجاري فيما

بينها، مما يقوض اﻹقتصاد المعتمد على القطاع المالي عالميا.

القطب الثاني، ويتألف من النخبة المالية العالمية، التي تملك المصارف، وتقود القطاع

اﻹقتصادي المالي، وهم أصحاب السطوة المالية العالمية، ممثلة بالغرب عموما باﻹضافة الى

اليابان وأستراليا، وهم حاولوا التوصل الى غاياتهم سابقا، أي عقب الأزمة الاقتصادية العالمية

2008 بالوسائل السلمية، مدركين ضعفهم، وقد انحنوا سابقا أمام الصين لتأجيل اﻷزمة، كي

ﻻ يضطروا لحرب عالمية ثالثة، مدركين مدى خطورتها، ﻷنها في تقديرهم لا محالة سوف

تتحول الى حرب نووية. ولكن تحوّل موقفهم اليوم باتخاذ المبادرة بالهجوم اﻹستباقي في ما

يسمى بالحرب الهجينة، وهي حرب من المفترض أن تستعمل فيها ضد العدو الوسائط المالية

والتجارية اﻹقتصادية، والنفسية، واﻹعلامية، وكذلك اﻷسلحة السبرانية، باﻹضافة الى

اﻷساليب الخاصة عند أجهزة اﻹستخبارات. هي حرب قد يستخدم فيها الغرب اﻷسلحة

الكيميائية أو الجرثومية ضد شعبه أو جيشه من أجل إيجاد الذريعة لبدء حرب نووية ضد

خصومهم، او يستخدمها الغرب ضد خصومه من أجل إرباكهم، ريثما يتمكن من اﻹنتقال من

أساليب السوق في إدارة اﻹقتصاد، الى اﻷساليب اﻹدارية – اﻹملائية لإصلاح الإختلالات

الإقتصادية، ومن ثم العودة مرة أخرى الى نمطه الإقتصادي المفضل.

هنا ظهر فيروس كورونا، حسب رأي البروفيسور "كاتاسونوف"، حيث بدأت السلطات

الغربية استغلال حالة الرعب في المجتمعات الغربية باستغلال حالة الرعب في مجتمعاتها،

وبدأ تمسك السلطات بصلاحيات غير محدودة وتدخلت باﻹقتصاد لتصحيح تلك اﻹختلالات،

 

ومن ثمّ تُبعث من جديد تلك الرأسمالية المسماة بالحضارية، ويبدأ اﻹنتعاش الذي يتحول الى

نمو اقتصادي، وسوف نشهد خلال هذه الحرب الجرثومية حالات إفلاس على نطاق واسع،

وتُلغى ديون ومطالب بتريليونات الدولارات، وتنهار رسملة الشركات، وتهبط أسواق اﻷسهم

الى الحضيض، في هذه الحالة بالذات سوف تشتري النخب المالية كل اﻷصول التي فقدت

قيمتها، بذلك يبلغون مستوى جديدا من السيطرة على اﻹقتصاد العالمي.

 

عودة الى الداخل اﻷمريكي:

ان الصراع التاريخي بين النخبة المالية العالمية، التي يمثلها القطاع المالي المصرفي والنخب

القومية ممثلة بقطاع اﻹقتصاد الحقيقي، وصلت الى مستويات غير مسبوقة، حيث يتخذ شكل

صراع عالمي على مساحة اﻷرض، وقد ضيف إليه عامل متغيّر جديد، هو انتقاله الى داخل

البلدان الغربية عموما، والولايات المتحدة على وجه الخصوص.

في بداية تطبيق نظام "برايتن وودز"، كانت حصة أمريكا من حيث اﻹستهلاك ومن حيث

اﻹنتاج أكثر من 50% من اﻹقتصاد العالمي، أما اليوم فحصتها من اﻹستهلاك تبلغ ثلث

اﻹقتصاد العالمي، ولكن حصتها من اﻹنتاج لا تشكل اﻵن سوى 18% من اﻹقتصاد العالمي.

وهذا يصب في مصلحة النخبة المالية اﻷمريكية العالمية، فلكي يبقى الدولار عملة عالمية،

ويحصل حملة أسهم اﻹحتياطي الفيدرالي بموجب ذلك على أرباحهم من كل دولار في العالم،

يجب أن يكون الرصيد التجاري للولايات المتحددة سلبيا، أي أن يزيد اﻹستيراد على

التصدير، ولكي يتم ذلك يجب على اﻹقتصاد الحقيقي في الولايات المتحدة أن يندثر، أي أن

يفقد اﻹقتصاد القومي قدرته التنافسية ومواقعه في اﻷسواق العالمية.

اليوم، يحاول الرئيس اﻷمريكي "دونالد ترامب" بعث اﻹقتصاد الحقيقي في بلاده، وهو يمثل

في هذه الحالة المصالح القومية للولايات المتحدة اﻷمريكية، وهذا هو عموما جوهر النزاع

داخل هيكل السلطة في البلاد. فقد مارس "ترامب" ضغطا شديدا على نظام اﻹحتياطي

الفيدرالي، فخفضوا سعر الفائدة، ولكن من المتعذر أن يستمر ذلك طويلا، ﻷن النظام كما هو

الآن والذي ﻻ يعاد فيه إنتاج رأس المال، نظام غير قابل للحياة ويصبح انهياره مسألة وقت

فقط، في الحقيقة لا يهتم "ترامب" بإنقاذ القطاع المصرفي، ولو كان الثمن تفكك النظام كله،

وهذا ما عقّد علاقته مع المصرفيين. كأن "ترامب" يقول أن على أمريكا التقليل من اﻹستهلاك

مرتين، أي الى النصف تقريبا، وذلك لكي تتناسب مع مؤشرات اﻹنتاج، وتصل الى نسبة

 

18%، وإما أن تزيد اﻹنتاج الداخلي وترفع حصتها منه، أي أن على الولايات المتحدة أن تعيد

إحياء اﻹقتصاد الداخلي وعدم إنفاق الموارد على أي شيء آخر، وإلا سوف تحل الكارثة،

بتعبير آخر، على الولايات المتحدة التخلي عن التحكم باﻹقتصاد العالمي على حساب اقتصادها

ﻷنه لم تعد ثمة موارد لذلك.

بالحسابات اﻹقتصاد اﻷمريكي يعاني اليوم من ركود، ووفق حسابات اﻷزمة الحالية، ستنخفض

مؤشرات الناتج المحلي اﻹجمالي الى 7 تريليون دولار تقريبا، ولكي نفهم ذلك نورد مثالا

تاريخيا؛ هبط اقتصاد الغرب في زمن الكساد الكبير(1929) بنسبة 35%، واقتصاد روسيا

بعد عام 1991، هبط أيضا بنسبة 35% أما اﻵن، مع توجه اقتصاد الولايات المتحدة والغرب

بشكل حثيث الى مرحلة الكساد، سينخفض اﻹقتصاد الغربي واقتصاد الولايات المتحدة ضمنا

بمعدل الضعفين، أي نسبة 70%. وإذا عرفنا أن متوسط دخل العائلة اﻷمريكية اليوم يعادل

متوسط الدخل عام 1957 من حيث القدرة الشرائية، فيمكننا أن نتصور حجم الكارثة القادمة.

في الحقيقة، تدور حرب أهلية اقتصادية اليوم داخل الولايات المتحدة، تصطف فيها اﻹنقسامات

واﻹصطفافات للأطراف المتقابلة على كل الصعد، استقطابات عامودية في قلب الدولة العميقة

ومن أعلى هرم السلطة هبوطا الى الجهاز البيروقراطي للدولة، واستقطابات أفقية شعبية، من

المهاجرين وذوي البشرة السمراء والبيض المعولمين، مقابل البيض العنصريين، والذين جلهم

من الطبقة العاملة التي عانت اﻷمرّين من نظام العولمة الذي أدى ﻹقفال المصانع وحجّم قطاع

اﻹقتصاد الحقيقي داخل الولايات المتحدة، لمصلحة اﻹقتصاد المعولم الذي يخدم النخبة المالية

في البلاد.

لم يكن لحادثة "جورج فلويد" أن تثير هذا الكم الكبير والعنيف من اﻹحتجاجات التي ما زالت

مستمرة الى اليوم، لولا أن اﻹنقسام العامودي واﻹستقطابات في دوائر السلطة أدى لاستغلال

الحادثة إعلاميا وسياسيا لاستهداف الرئيس "ترامب" وخياراته اﻹقتصادية، والذي بدأ أخيرا

في تحريك قواعده الشعبية في احتجاجات مقابلة. وتبدو خريطة التحالفات في الولايات المتحدة

اليوم على الشكل التالي:

عاموديا، الإحتياطي الفيدرالي، المجمع الصناعي العسكري، البنتاغون، شركات التكنولوجيا

العملاقة في وادي السيليكون، اﻹعلام الذي بالمناسبة تسيطر عليه 6 شركات يهودية،

باﻹضافة الى جهاز الدولة البيروقراطي، في مقابل مؤسسة الرئاسة اﻷمريكية بشخص رئيسها

"دونالد ترامب".

أفقيا، ينقسم الحراك الشعبي الى قسمين كاﻵتي:

– السود، اللاتينيين، المهاجرين، والبيض المؤيدين للعولمة.

 

– الطبقة العاملة البيضاء، المؤيدة لاستراتيجية "ترامب" في إعادة إحياء اﻹقتصاد

الحقيقي.

ولكن ماذا عن دور "كوفيد – 19" في هذا الصراع؟

يمكن لنا أن نصف دور فيروس كورونا، بأنها قنبلة أُلقاها القائد على العدو كي تصيبه بجروح

ينشغل بمعالجتها ريثما يتم إعادة النظام الى معسكره.

أي أن قادة الولايات المتحدة، ومؤسسة الرئاسة ضمنا، تحتاج الى مستقطع من الوقت تشغل به

منافسيها الدوليين، ريثما تتفرغ هي الى ترتيب بيتها الداخلي اقتصاديا وسياسيا واجتماعيا.

ولكن يبدو أن الرياح أتت بما لا تشتهي سفن اﻷمريكيين، فأصابت شظايا تلك القنبلة القائد

نفسه، سواء في مؤسسة الرئاسة أو داخل الدولة العميقة، إذ انتشر هذا الفايروس كالنار في

هشيم مواطني الولايات المتحدة، وفشلت عملية احتواءه، فأدى ذلك لانخفاض مستوى أداء

اﻹقتصاد اﻷمريكي واقترابه من مرحل الكساد التي لن ينفع معها طويلا طباعة تلك

التريليونات من الدولارات، مما سوف يزيد من حالة اﻹحتقان رأسيا وأفقيا.

الى أين تتجه الولايات المتحدة؟

في كتابه سقوط اﻹمبراطورية اﻷمريكية (الذي اقتبست عنوان مقالي منه)، ابتدع عالم

اﻹجتماع النروجي، البروفيسور "يوهان غالتونغ" مفهومين هما؛ الجمهورية اﻷمريكية،

واﻹمبراطورية اﻷمريكية المسيطرة على العالم، حيث اعتبر أن سقوط اﻹمبراطورية سوف

يأتي أولا، بينما ستبقى الولايات المتحدة اﻷمريكية كجمهورية، والتي سوف تعمل على إعادة

توزيع الثروة الوطنية داخل البلاد.

وعدد "غالتونغ" في كتابه الأسباب المؤدية للإنهيار كالتالي:

1. اﻹنكفاء العسكري بعد التوسع.

2. عدوانية النظام، وجهله للثقافات اﻷخرى.

3. إرهاب الدولة.

4. اﻹقتصاد الذي يخلق عدم مساواة متزايدة.

5. موت الحلم اﻷمريكي.

6. اﻹستسلام لليأس.

وأضاف لاحقا في مناسبات أخرى سببين هما:

7. مناهضة ترامب للمهاجرين.

 

8. ازدياد الفاشية والعنصرية داخل الولايات المتحدة.

بعد كل ما سبق، يبدو أن الولايات المتحدة مقبلة على اﻹنكفاء الى داخلها، وتراجع حضورها

العالمي على كافة الصعد، ولم يعد ذلك سرا، فأوروبا والصين وروسيا وإيران والكثير من

الدول يعلمون ذلك جيدا ويدركونه، أما بالنسبة للدول العربية ، خاصة منها الخليجية لا يبدو

أنهم أدركوا بعد أن سقوط روما وتفكك امبراطوريتها قد بات قريبا.

 

المراجع

 

1. د. قسطنطين سيفكوف، دكتور في العلوم العسكرية، نائب رئيس أكاديمية القضايا

الجيوسياسية في موسكو، مؤلف بحث مدى واقعية حدوث حرب عالمية كأداة أساسية

للخروج من اﻷزمة العالمية وطبيعتها المتوقعة، مقابلة إعلامية في حلقتين شباط /

فبراير 2012،

رابط الحلقة اﻷولى https://youtu.be/WMGnnpeLSq4

، رابط الحلقة الثانية https://youtu.be/lojymYrWPE4

 

2. صحيفة الحياة، بيروت، 29/10/2008.

3. صحيفة الحياة، بيروت، 17/11/2008.

 

4. الخبيرة المالية السويسرية "ميريت زكي" المصرية اﻷصل، مؤلفة كتاب نهاية الدولار

كعملة مرجعية، مقابلة في شباط / فبراير 2012، مع موقع SWI,swissinfo.ch

السويسري، على الرابط التالي؛

 

https://www.swissinfo.ch/ara/-32078394

 

5. د. أولغا تشيتفيريكوفا، أستاذة محاضرة في معهد موسكو للعلاقات الدولية، مقابلة

تلفزيونية في تشرين اﻷول / اكتوبر 2010، على الرابط التالي:

https://youtu.be/wanpY3aKjx4

6. يانيس فاروفاكيس، وزير المالية اليوناني السابق، مؤلف كتاب الكبار في الغرفة –

معركتي مع مؤسسة أوروبا العميقة، في عام 2016 أطلق حركة الديمقراطية في

أوروبا DiEM25، وفي عام 2018 شارك في تأسيس جبهة العصيان الواقعي

اﻷوروبي MeRA25، التي نالت 9 مقاعد في البرلمان اﻷوروبي، وأطلق مع

السيناتور اﻷمريكي "بيرني ساندرز" التقدمية العالمية مقابلة صحفية حزيران / يونيو

2020، الرابط؛ https://www.al-akhbar.com/issues/290729

7. ميخائيل خازن، مستشار دولة وأكاديمي باﻷكاديمية الدولية ﻹدارة اﻷعمال في موسكو،

مؤلف كتاب ذكريات المستقبل، وعدة كتب أخرى، كاتب مقالة بعنوان حقيقة نظام

"برايتن وودز"، مقابلة تلفزيونية كانون الثاني / يناير 2020، الرابط؛

https://youtu.be/nVv3qHCrKQWE

8. أنيس النقاش، منسق شبكة أمان للدراسات اﻹستراتيجية، مقالة بعنوان اليوم التالي

للصلاة في المسجد اﻷقصى، حزيران / يونيو، الرابط؛

https://www.al-akhbar.com/Opinion/290778

9. د. يوهان غالتونغ، عالم اجتماع نروجي، يمتاز بغزارة إنتاجه الفكري، أكثر من

1000 مقال، وأكثر من 100 كتاب، المؤسس الرئيسي لمعهد بحوث السلام في

أوسلو، مؤلف كتاب سقوط اﻹمبراطورية اﻷمريكية، الرابط؛

https://ar.m.wikipedia.org/wiki

 

10. فالنتين كاتاسونوف، بروفيسور في اﻹقتصاد بجامعة العلاقات الدولية في موسكو،

مؤلف كتاب استعباد العالم، والعديد من الكتب اﻷخرى، مقابلة تلفزيونية نيسان / أبريل

2018، الرابط؛

https://youtu.be/ZLmEffZD4r0

شاهد أيضاً

مجازر إسرائيل = عدالة السما كتير قوية/دكتور عباس

بسم الله الرحمن الرحيم إَنَّ الَّذِينَ لاَ يَرْجُونَ لِقَاءنَا وَرَضُواْ بِالْحَياةِ الدُّنْيَا وَاطْمَأَنُّواْ بِهَا وَالَّذِينَ …