⭕ *الأزمة الخطِرة في الجيش الإسرائيلي تقترب من نقطة الانفجار*
*معاريف*
*آفي أشكينازي*
*مرّ سبعون عاماً، والتاريخ والحاضر في حالة الجمود نفسها هناك المثل الذي قاله دافيد بن غوريون في 29 آذار/مارس 1955 “أوم شموم” [الأمم المتحدة من دون أي قيمة]، حين كان يشغل منصب وزير الدفاع في حكومة موشيه شاريت، خلال نقاش في جلسة الحكومة، طالب فيها بن غوريون باحتلال قطاع غزة وانتزاعه من مصر، على خلفية ازدياد عمليات الفدائيين.*
*بعد سبعين عاماً: احتل الجيش الإسرائيلي غزة؛ الأمم المتحدة بقيت مثلما كانت عليه في سنة 1955، على الرغم من محاولات شدّ الوجه وترميم مبنى الجادة الأولى في مانهاتن، الذي كلّف العالم نحو 2.4 مليار دولار، حسبما ذكر دونالد ترامب، المقاول ورجل الأعمال العقاري، في خطابه. في الحقيقة، بهذا المبلغ يمكن لوزير المال بناء مجمّع من المستوطنات في غزة، أو أن يتيح بناء “كورنيش ترامب” في غزة مستقبلاً.*
*لكن في الوقت نفسه، جرت أمس منافسة أمام منصة الأمم المتحدة، على مَن يضيّق الخناق السياسي على إسرائيل أكثر. فرؤساء الدول في أوروبا وأستراليا والدول العربية المعتدلة، جميعهم تجنّدوا لمهاجمة إسرائيل.*
*هناك قاعدة أساسية في كرة القدم، مَن يلعب في خط الدفاع ولا يهاجم، يتلقى الأهداف. إسرائيل تلقّت ضربة مروعة في 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023. خلال الانتفاضة الأولى في سنة 1988، بدأت النواة الأولى لـ”حماس” بالعمل في جباليا، شمال القطاع لم تكتفِ فقط بالحجارة والصخور لإيذاء الجيش الإسرائيلي، بل عمل أفرادها بتوجيهٍ من مؤسس “حماس”، الشيخ أحمد ياسين، واختطفوا الجنديَّين آفي سسبورتس وإيلان سعدون.*
*منذ ذلك الحين، وبسبب غياب إدارة سياسية إسرائيلية حقيقية، والأخطاء التي ارتكبتها جميع الحكومات من اليمين واليسار، نمَت “حماس”.*
*كان السابع من تشرين الأول/أكتوبر كارثة وطنية، وإشارة مرور ترمز، أكثر من أي شيء آخر، إلى الهواية الإدارية لحكومات إسرائيل على مرّ الأجيال. لكن مرّ عامان على السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023، وحتى الحكومة الإسرائيلية الحالية، تلك التي وقعت الكارثة في عهدها، والتي فشلت فشلاً ذريعاً، لا تزال تواصل السير في خط العجز السياسي.*
*فعشرات الآلاف من مقاتلي الجيش الإسرائيلي يخوضون قتالاً لا نهاية له في غزة. إنهم يفعلون ذلك بشجاعة وإصرار. والآن، يطوقون مدينة غزة، ويقاتلون ضد القوة العسكرية المنظمة الأخيرة مما تبقى من الجيش ” التابع لـ”حماس”.*
*لكن المشكلة الكبرى أمام إسرائيل هي حقيقة أن إدارة المعركة هواية بدرجة أقل من الصفر. هناك اعتبارات سياسية، ونزوات وزراء متطرفين من اليمين، هدفهم الوحيد الدفع بخطوات مسيانية من جهة، وتحطيم مؤسسات الدولة من جهة أُخرى، ومنها جهاز القضاء، والشرطة، والشاباك، والجيش الإسرائيلي، لكي يتمكنوا في المستقبل من إدارة نشاط فوضوي متطرف من دون خوف من أجهزة الدولة والإنفاذ والقضاء.*
*هذا السلوك المتطرف حرف الخطة الحقيقية لإسرائيل بعد السابع من تشرين الأول/أكتوبر: إن سلوك القيادة السياسية الإشكالي هو الذي خلق العزلة الخطِرة على إسرائيل.*
*في أي حال، من غير الواضح إلى أين ستتطور الأمور عندما تتوجه 40 سفينة تقلّ ناشطين إلى غزة؛ هذا الأسبوع، قد نشهد اشتباكاً بينهم وبين سفن سلاح البحر التي تستعد لاعتراض الأسطول ومنع وصوله إلى القطاع.*
*في البداية، عندما خرجت إسرائيل إلى المعركة، كان لديها دعم كامل من دول العالم، في معظمها، بما فيها الدول العربية، لكن هذا الرصيد مُسح بسبب سلوك رئيس الحكومة ووزرائه. المشكلة ليست فيما قيل أمس في الأمم المتحدة، بل في وضع إسرائيل، وفي وضع الجيش الإسرائيلي، بعد عامين من الحرب. يدور الحديث حول مقتل 911 جندياً وآلاف الجرحى، وجنود مُنهكين، وعائلات الجنود التي تتفكك. إن أكثر مهنة مثقلة في إسرائيل اليوم، هي مهنة العاملين في الصحة النفسية؛ والدبابات وناقلات الجند المدرعة التابعة للجيش الإسرائيلي في حالة سيئة ورهيبة. بعد أشهر، لن يكون لدى سلاح الجو ما يكفي من المروحيات الهجومية من طراز أباتشي، وهي ضرورية جداً لأمن إسرائيل، وربما ينقذ الوضع قليلاً حدوث معجزة من الولايات المتحدة. إن وضع إسرائيل بائس للغاية! هذا ما قاله رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو في الأسبوع الماضي: “نحن أثينا وإسبارطة، لكننا سنصبح أثينا وسوبر إسبارطة.” هذه المرة، يبدو كأنهم أيقظوه في الوقت المناسب. لقد شدوا بجناح معطفه، قبيل الانهيار السياسي، الذي خلقه هو بنفسه، وقاد إسرائيل إليه بعيون مفتوحة على اتساعها. مقاتلو الجيش الإسرائيلي سيواصلون القتال بشجاعة في غزة، ومن دون شك، أو تساؤل، سيحققون الأهداف العسكرية. لكن يبدو كأن الأوان قد فات. من المشكوك فيه أن يكون في الإمكان ترجمة الإنجازات في ساحة المعركة إلى مسار سياسي، في وقت لا توجد أي دولة في العالم تريد الحوار مع إسرائيل، أو التعامل معها*
#📌المراقب