في جلسة ارتأت المحكمة العسكرية برئاسة العميد الركن حسين عبدالله وعضوية المستشارة المدنية القاضية ليلى رعيدي وبحضور ممثل النيابة العامة فادي عقيقي، أن تعقدها سرية، استجوبت مفتشاً أول ممتازاً في جهاز الأمن العام اللبناني.
أما تهمته فهي «تواصله مع الموقوف السوري عبد الكريم إدريس المنتمي إلى تنظيم جبهة النصرة الإرهابي، وسعيه لإطلاق سراح موقوفين إرهابيين في السجون اللبنانية مقابل مبالغ مالية أو إقامة علاقات جنسية مع زوجاتهم أو قريباتهم،
وإفشاء معلومات أمنية واردة بحق أشخاص مشبوهين، وتنظيم إقامات موقتة لهم أحياناً بأسماء مغايرة وإعداد تقارير أمنية مغايرة للحقيقة، مخالفاً بذلك التعليمات العسكرية»،
في حين يُلاحق السوري المحكوم في دعوى على حدة بالانتماء إلى النصرة والقتال إلى جانبها خلال معركة عرسال في آب العام 2014 ضد الجيش، برشوة المفتش مقابل الحصول على خدمات منه واستعمال بطاقة هوية شقيقه المتوفى زهير إدريس من أجل الحصول على إقامة موقتة من الأمن العام باسم الأخير وصورته عليها كونه لا يستطيع الحصول على إقامة لوجود تدابير أمنية بحقه.
قرار «العسكرية» بعقد جلسة سرية في غرفة المذاكرة، لم يسرِ على التحقيقات الأولية والاستنطاقية مع الموقوفين عودة وإدريس، واللذين «توجّا» بقرار اتهامي أصدرته بحقهما قاضي التحقيق العسكري ندى الأسمر التي أحالتهما بموجبه أمام المحكمة العسكرية للمحاكمة.
وأورد القرار أن المفتش عمل لصالح إدريس واستحصل له على إقامة موقتة باسم شقيقه المتوفى، وهو أدلى في التحقيق الأولي معه أنه بحكم عمله في دائرة الأمن القومي «شعبة البقاع»، في عرسال، تواصل مع عدد من السوريين المشبوهين ومنهم إدريس (قبل توقيفه) المنتمي إلى جبهة النصرة، من أجل تسهيل حصوله على إقامات موقتة من دون أن يبلغ رئيسه بذلك، حيث كان يتردد إلى منزل إدريس ويستلم منه إيصالات صادرة عن الأمن العام بهدف تجديدها أو متابعتها إما مقابل مبالغ مالية كان يأخذها من أصحاب العلاقة وإما مقابل تزويده بمعلومات عن أشخاص مشبوهين وردت أسماؤهم في إحالات سرية والتي كان يطلع عليها بحكم عمله.
وكان المفتش يُخبر المشبوهين بالإجراءات الأمنية التي تتخذها المديرية بحق الإرهابيين تجنباً لتوقيفهم.
كما عمل إلى جانب إدريس من أجل إطلاق سراح متهمين بجرائم إرهاب من السجون اللبنانية كون الأخير كانت لديه علاقات واتصالات مع أشخاص من حزب الله وبعض العسكريين من مخابرات الجيش.
ويعترف المفتش أولياً بأنه نظّم لإدريس إقامة باسم شقيقه المتوفى زهير الذي قتل في سوريا، وسعى لإطلاق سراح السوريين خضر عودة وأحمد إدريس بهدف تحقيق مكاسب مادية.
كما اعترف بقيامه بالاستعلام العدلي عن مشبوهين بناء لطلب إدريس وإفشاء معلومات واردة بحق أشخاص مشبوهين وإعداد تقارير أمنية مغايرة للواقع مقابل مبالغ مالية، وأحياناً مقابل إقامة علاقات جنسية مع زوجات هؤلاء أو قريباتهم.
ومن اعترافات المفتش أيضاً، أنه استلم، وبطلب من إدريس، مبلغ 3500 من شخص قرب السفارة الكويتية، وأعطاه للأخير من أجل توزيعه على النازحين السوريين المحتاجين.
وكان المفتش يتواصل مع عسكريين في الجيش من أجل تسهيل مرور بعض السوريين على حواجز متمركزة في بلدة عرسال، وهو كان يتعاطف مع تنظيم جبهة النصرة في معركته ضد حزب الله.
وقد سعى جاهداً لإدراج اسم السوري أحمد إدريس الموقوف في سجن رومية ضمن المفاوضات التي جرت مع التنظيم، كما تواصل مع السوري عماد إدريس وأخبره عن تفاصيل سير العمل في المحكمة العسكرية والإجراءات الممكن اتباعها لإطلاق سراح أحمد إدريس والإرهابي صهيب اسماعيل من السجون اللبنانية.
أما في التحقيق الاستنطاقي فقد أفاد المفتش أن مهمته كانت تقضي بتأمين معلومات أمنية وسياسية واجتماعية في عرسال والجرود، وتواصل مع إدريس من أجل الحصول منه على معلومات عن بعض الأشخاص والأحداث في الجرود مقابل مساعدة زوجته وشقيقه بتجديد إقامتيهما والمساعدة في استرداد معاملة محمد اسماعيل.
وأنكر المفتش أن يكون قد تواصل مع إرهابيين لتأمين تسهيل إنجاز معاملاتهم مقابل المال أو إعداده تقارير مغايرة للحقيقة، وإفشائه أي معلومات عن أي شخص، إنما ساعد قريباً لإدريس بتسهيل مروره على حاجز لمخابرات الجيش للدخول إلى عرسال وأبلغ الأخير بوجود تدابير أمنية بحق الأشخاص الذين هم من مواليد العامين 1981 و2001.
ويقول المفتش في التحقيق الأولي إنه كان على علاقة جنسية بالسورية ر.ع. ويملك صوراً لها وهي عارية على هاتفه الخلوي، وإنه أعدّ تقريراً بحق قريب لها «من أجلها»، وإنه طلب من محمد اسماعيل مبلغاً من المال «ثمن خاروف»، لقاء تجديد ايصال له. وكان يتردد إلى منزل إدريس من أجل تسليمه ايصالات صادرة عن الأمن العام.
أما إدريس فأفاد أنه بحكم صداقته مع المفتش، كان يطلب من الأخير معلومات عن إرهابيين، وقد رافقه من أجل تجديد إقامته الموقتة واستلمها عنه كونها باسم شقيقه، وأن معظم الأشخاص الذي زوده المفتش بمعلومات أمنية عنهم كانوا موقوفين وتم إخلاء سبيلهم، وهم كانوا يريدون الاستعلام عما إذا كان بحقهم أي تدبير أمني جديد. وأنكر إدريس أن يكون المفتش قد ساعده في إدراج أسماء بعض الموقوفين في رومية ضمن الصفقة التي تمت مع النصرة، كما أن المفتش لم يتقاض أي مبالغ مالية مقابل مساعدة أصدقائه في الحصول على إقامات موقتة.
(المستقبل)