قالت مصادر سياسية لبنانية مطلعة إن “الاحتجاجات المتفرقة، التي اندلعت في الأسابيع الأخيرة ضد مشروع الموازنة لعام 2019، لم تكن مفاجئة بالنسبة للحكومة وأنها أعطت لنفسها هامشا قد تتحرك داخله لتعديل البعض من بنود تلك الموازنة ترضي الشارع”.
وأضافت المصادر أن “مكوّنات الائتلاف الحكومي أظهرت عدم جدية في مقاربة شأن مالي تم الاتفاق عليه، وراحت تزايد استرضاء للمحتجين على نحو كشف حالة النفاق بين ما يقرر داخل الكواليس الحكومية وما يقال بين الناس وأمام الإعلام”.
ووفق ما صدر عن الحكومة سابقا وعن وزير المالية علي حسن خليل فإن الموازنة تهدف إلى خفض العجز من قرابة 11 بالمئة إلى ما دون 9 بالمئة اتساقا مع المعايير التي طالب بها مؤتمر “سيدر”.
وكانت المعلومات قد كشفت أن وزير المال ترأس قبل جلسة مجلس الوزراء الأربعاء، اجتماعا مطولا في الوزارة، إلى جانب المسؤولين عن إعداد الموازنة وعن وارداتها في شكل خاص، حيث تم وضع لمسات شبه نهائية ستُعرض على الحكومة، علما أن خليل أعلن أنه “لم يتم صرف النظر عن المادة 61 والتي لها علاقة بالرواتب.
واعتبر البعض من المراقبين أن حركة المتعاقدين العسكريين جرت برعاية رئيس الجمهورية ميشال عونوفريقه السياسي. ورأوا أن موقف وزير الدفاع إلياس بوصعب، المقرب من عون، كما موقف النائب (والعميد المتقاعد) شامل روكز، صهر عون، في الدفاع عن حقوق العسكريين يتناقض مع التضامن الحكومي بالإضافة إلى السياسة التقشفية التي دافع عنها وزير الخارجية جبران باسيل، صهر عون أيضا.
وفيما ذهبت بعض التحليلات إلى القول إن الإضراب الذي نفذه موظفو المصرف المركزي وهددوا بتصعيده يحظى في المقابل برعاية الحريري، أصدر الأخير تعميما إداريا ذكّر بموجبه بالقانون اللبناني الذي يحظر على موظفي الدولة الإضراب.
ورغم تضارب التحليلات والمعلومات، كان واضحا أن الاجتماع الذي ضم عون والحريري ورئيس مجلس النواب نبيه بري- في قصر بعبدا الثلاثاء- هدف إلى لملمة الفوضى وسحب أي غطاء سياسي للاحتجاجات. والظاهر أن القيادة السياسية اللبنانية ستعمل على إزالة المعوقات السياسية الكيدية من أمام المصادقة الحكومية على الموازنة قبل أن تأخذ طريقها للنقاش في مجلس النواب.
ولفتت مصادر نقابية لبنانية إلى أن سلة من التطمينات قد وصلت إلى التجمعات الاحتجاجية تعد بعدم المسّ برواتب ومخصصات الموظفين خصوصا أصحاب المداخيل المتوسطة والمنخفضة، وأن مراجع سياسية متعددة الانتماءات قد ساهمت في تبريد غضب المتضررين.