المصدر : هآرتس
المؤلف : نوعاه ليمونا
بحسب شهادتي، فقد كان هناك ناجيتان وحيدتان من أحداث الرهائن في كيبوتس “بئيري”، إذ يبدو أن الجيش قد فعّل “بروتوكول هنيبعل” ضد المواطنين الذين وقعوا تحت سيطرة “مخربي ’حماس‘” في البيوت. وقد جاء في تقرير نشرته القناة 12 أنه بعد ساعات من تبادل إطلاق النار بين قوات الجيش و”المخربين”، تخللها إطلاق صواريخ “لاو”، خرج أحد “المخربين” ومعه الرهينة ياسمين فورات، وبعدها قام بإخلاء سبيلها. وبحسب شهادتها، فإن قوات وحدة “اليمام” [وحدة مكافحة الإرهاب] حققت معها، وقالت لهم إنه يوجد في المنزل 40 “مخرباً” و14 رهينة.
وبعد ذلك، انضم إلى القوات الجنرال براك حيرام، الذي أدار القتال في المنطقة. وعندما انتقده أحد المقاتلين بسبب شكل القتال قائلاً: “براك، هذه مهزلة”، رد قائلاً: “أنا أعلم”، ثم أطلقت الدبابة التي كانت تتمركز أمام المنزل قذيفتين؛ واحدة على الأرض والأُخرى في اتجاه السقف، فلم ينجُ أحد من الرهائن الذين تواجدوا في المنزل، وبينهم طفلان، فيما عدا سيدة واحدة، وهي هداس دغان.
وقد سُمعت شهادة فورات للمرة الأولى بعد “المذبحة” بيومين، وأكدتها شهادة دغان. والسؤال هنا: “كيف يمكن ألاّ تؤدي هذه الشهادات التي نُشرت، والتي تشير إلى أن قواتنا أطلقوا النار بغزارة -وباستخدام القذائف أيضاً – على منزل فيه رهائن إسرائيليون، إلى زلزال تحت أقدامنا؟”
هناك 3 تفسيرات؛ الأول هو أنه بسبب الغضب الكبير والحزن منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر، فإن الدافع لمحاسبة من وصلوا لإنقاذ ضحايا “المذبحة” منخفض جداً، حتى إن دغان نفسها، والتي قُتل زوجها خلال الأحداث، امتنعت من انتقاد من أنقذوها، وقالت بدلاً من ذلك: “هؤلاء الأشخاص ضحّوا بحياتهم من أجل إنقاذنا، وأنا شاكرة لكل من كان هناك وقاتل من أجلي.”
أمّا الثاني، فهو أن التخوف من أن الانشغال الإعلامي والجماهيري بهذه الحادثة يمكن أن يستخدمه من ينكرون “المذبحة”، الذين لم يترددوا في استغلال الأخبار الموضعية بشأن إطلاق نار على مواطنين بالخطأ من أجل ادعاء أن إسرائيل هي المسؤولة عن مقتل أغلبية المواطنين وليس “حماس”.
وأمّا الثالث، فهو يتعلق بروح القائد في الجيش والمجتمع الإسرائيلي خلال الأعوام الماضية، ويمكن أن يؤثر في اتخاذ القرارات الميدانية، وفي مزاج المجتمع أيضاً. ويتطرق “بروتوكول هنيبعل” إلى حالات خطف الجنود، فيسمح بالمخاطرة بحياة الجندي لمنع خطفه. وعلى الرغم من أن الأوامر لا تسمح بقتل الجندي المخطوف، فإن كثيراً من الضباط والجنود في الميدان يفسرونها بأنها تسمح بذلك، ولهذا يجب إضافة التساهل المتزايد في أوامر إطلاق النار التي رأينا عواقبها المأساوية في قتل يوفال كاستلمان. إن طرق العمل هذه لها تأثيرات في الاتجاهين؛ تأثير المجتمع في الجيش، وتأثير الجيش في المجتمع، وفي الحالتين يجب بحث إسقاطاتها.
لكن يجب ألاّ يمنع السببان الأوّلان البحث المعمق بشأن الرهائن في “بئيري”، وذلك أساساً من أجل فحص السبب الثالث، فعلينا أن نفحص ما حدث هناك؛ فهل تم اتخاذ القرار باغتيال “المخربين”، بغض النظر عن إمكان قتل الرهائن؟ وهل فعلاً تم تفعيل “بروتوكول هنيبعل” على المدنيين؟ يجب أن يجري الآن تحقيق ونقاش جوهري، على الرغم من صعوبة ذلك، ولا يمكن الانتظار حتى اليوم التالي، وخصوصاً أنه لا يزال هناك 137 إسرائيلياً في الأسر في غزة، والجيش يقاتل بشجاعة، ولا نرى أي صفقة لتحريرهم في الأفق