حزب الله .. بعد الحرب / دكتور عباس

بسم الله الرحمن الرحيم

ٱلَّذِينَ قَالَ لَهُمُ ٱلنَّاسُ إِنَّ ٱلنَّاسَ قَدۡ جَمَعُواْ لَكُمۡ فَٱخۡشَوۡهُمۡ فَزَادَهُمۡ إِيمَٰنٗا وَقَالُواْ حَسۡبُنَا ٱللَّهُ وَنِعۡمَ ٱلۡوَكِيلُ

صدق الله العلي العظيم

حزب الله .. بعد الحرب

في هذا المقال :

1, حرب 2024

2, كيف جرى الخرق الأمني.

3, دور المأجورين في لبنان.

– حرب 2024 –

لا شك أن الذي حصل في سنة 2024 كان قاسيًا جدًا على لبنان عامة وعلى حزب الله خاصة، فالحرب التي قد خطط لها العدو الإسرائيلي، كما قال يوآف غالنت بلسانه، قد حصلت في 2024 ولكنها قد أجمع العدو نفسه على القيام بها قبل ذلك، وأنه أراد حسب غالانت نفسه مفاجأة لبنان في ضرب حزب الله بغتة بعد تفجير المرفأ سنة 2020.

الأمر لم يجرِ كما أراد العدو سنة 2020، وما حدث في 7 تشرين الأول / أوكتوبر من سنة 2023 لم يكن بحسبان أحد. بل إن إحدًا لم يكن ليدري بما سيحدث.. ولكنه حدث.

إن أمورًا مستترة كانت تُحاك ضد بلاد شرق المتوسط جميعها، وصار كلٌ منّا يسمع بمرفأ بن غوريون، أو طريق التجارة الموازي لطريق الحرير، وأن غزة يجب أن تُمحى من الخريطة، وأن القضية الفلسطينية يجب أن تُنهى أساسًا من قاموس البشر وإلى آخر الحكاية، لكنّ لله رأيًا آخر ! فقد فار التنور وطاف طوفان الأقصى وكشف الغطاء عن أعين المقاومة، من الإسلامية في لبنان إلى الإسلامية في فلسطين إلى الحشد الشعبي واليمن.

وقعت الحرب في 7 تشرين الأول، دخل حزب الله الحرب في 8 تشرين الأول، أحسّ الحزب أن إسرائيل اليوم ليست إسرائيل 2006 ! إذ إن طريقة الإستهداف والإغارة والمواجهة مغايرة. اشتد الوطيس وأعلنت إسرائيل الحرب الكُبرى على لبنان يوم اغتيال رأس الهيكل العسكري لحزب الله، السيد فؤاد شكر – الحاج محسن، في 30 تموز 2024، بغارة جوية استهدفته خلف مستشفى بهمن في الضاحية الجنوبية لبيروت.

توسعت دائرة المعركة التي استعرت وبطشت بالبشر والحجر حتى وقف إطلاق النار في 27 تشرين الثاني 2024.

ماذا جرى؟ لقد جرت حرب كبيرة جدًا طالت الصف الأول والثاني والثالث من حزب الله ! ولم تكن عسكرية مباشرة بل كانت أمنية بامتياز، إذ تركزت الحرب بنكهة الإغتيال المباشر والإستهداف الخاص للمراكز. وهنا الكارثة، فقد كشفت إسرائيل عن البنية الأمنية للحزب التي طالما استترت بين تمويه وتضليل، لكن هناك من قدّمها على صحاف من ذهب.

– كيف جرى الخرق الأمن –

من أوقع حزب الله في شرك إسرائيل؟

الجواب بسيط، هناك أربعة عوامل أدت إلى كشف المنظومة الأمنية والعسكرية للحزب :

1, عميل مباشر.

2, عميل غير مباشر.

3, أجهزة تتبع ورصد واستكشاف.

4, الذكاء الإصطناعي.

أولًا :

العميل المباشر هو الشخص المأجور الذي يتقاضى مالًا على كل معلومة يُدلي بها لصالح العدو. هو الخائن في قانون القضاء.

هذا العميل لا شكً أنه كان يتواجد في كل نقطة جرى فيها استهداف، وللقصة تتمة. لن أدخل فيها.

من العملاء المباشرين :

• من أعطى إسرائيل خرائط الأماكن الهندسية.

• من أعطى جداول الأسماء المدنية المقرونة بالأسماء غير المدنية، مع أرقام الهواتف الخاصة والمشتركة والداخلية.

• من دلّ عن قصد إلى المراكز الأمنية والعسكرية بُغية الأذى والإستقصاد.

• من شرى نفسه و عِرضه وشرفه ودينه بثمن بخس أوراق ملونة غير ذات قيمة.

ثانيًا :

العميل غير المباشر، هو المخروق أمنيًا ولكنه لا يدري أنه مُجنّد، بغير علم، لأهداف إسرائيلية، مثلًا من كُشفت تحركاته أو حياته وجرى تتبعها فبدأ بفضح ما يجب أن لا يُفضح.

مثلًا :

• عمّال الديليفري، الذين يحفظون البيوت وأعدادها، والأزقة وأبعادها، ويعلمون طعام كل بيت.

• نواطير البنى الذين يحفظون أوقات الساكنين وأعمالهم وحضورهم وغيابهم.

• الأرغيلة تحت الجسور، المقاهي التي ملأت الأرصفة، السهرات الليلية التي أكلت لحوم الناس حتى الفجر التي لم تُبقِ معلومة مستترة أو سرية إلا وجرى التباحث حولها، والكل يتحول إلى فيلسوف فهيم يُبدي ما لا يجب إبداؤه.

• والأخطر من ذلك .. من كان أحمق يُدلى بمعلومات سريّة للغاية بُغية تصحيح المعلومات الخاطئة، كما يجري في الواتسآب حيث يرمي العدو أخبارًا كاذبة فيُسرع هذا الأحمق الغبي لتصحيحها ليظهر كأنه بطل خارق مقدام عظيم.

• الصبحية بين الجارة والجارة .. أكيد على الخط الداخلي.

أضف إلى تباهي الشبان أمام بعضهم البعض بما اكتسبوه من خبرات قتالية عسكرية هنا أو هناك، وفضح أشخاص ورفاق.

ثالثًا :

أجهزة الرصد والتتبع، التكنولوجيا وغيرها.

• كاميرا المراقبة في البنى والطرقات وأمام المحال وفي البيوت وعند المدير وتحت السرير وجانب الطريق ووراء الإبريق، جعلت من لبنان مكشوفًا غير مستتر.

• الهواتف الذكية وغير الذكية كذلك، التي تأخذ بصمة المستخدم وعينه وصوته ووجهه بلا استئذان.

• الواي فاي، لها القدرة على تحديد عدد المشتبكين بها، واماكن تواجدهم، هل هم في نفس الغرفة أو فوقها او تحتها.

• الواي فاي بذاتها هي محطة معلومات موصولة مباشرة بأجهزة الإنترنت وخوادم العالم .. ومنها الموساد بكل بساطة.

• البرمجيات كمواقع الإنترنت والتصفح والمشاهدة، إضافة إلى الفايس بوك وأمثاله، التي تقتبس من المشترك كل معلوماته الشخصية بالغة الدقة مع صوره هو ورفاقه وزملائه ويجري فحصها وتخزينها ومقارنتها مع سابقاتها.

ألم يسألكم الفايسبوك عن أسماء شخصيات في صور؟ ألم يُصحح لكم الفايسبوك إسمكم أو تاريخ مولدكم؟ ألم يتدخل في حياتنا الشخصية ويبدأ بوضع أسماء على كل وجه من الوجوه؟

أضف إلى مواقع مشبوهة ومؤسسات وهمية تُغوي الفرد بعمل مأجور، وهي في الحقيقة موساد.

ومواقع إباحية تُغرق الإنترنت بمشاهد الدعارة والعهر لتحرف الأنظار عن سياسة البلد الذي هم فيه.

رابعًا :

الذكاء الإصطناعي، يعمل على نسج فسيفساء المعلومات التي حصل عليها من الخطوات الثلاث الآنفة، وهو قادر على تفنيد أو تأكيد أي معلومة، بل هو قادر على صناعة سيناريو استهداف أو اغتيال وعنده ميزان منطقي يُعطي سيده الإحتمالات المختلفة ليبقى القرار لسيده بالإستهداف أو التريّث.

ألم يسأل أحدكم لماذا في الحرب، قد جرى استهداف النويري والبسطة الفوقا بنفس اللحظة؟

ذلك لأن الذكاء الإصطناعي قد رجحت كفة الهدف عنده بين اثنتين : بين النويري و البسطا الفوقا .. فجرى استهداف البنايتين بنفس اللحظة.

– المأجورون في لبنان –

بعد الحرب، صار اللبناني يسمع كلمات مقززة منها : الشيعة الهبل، نعيم قاسم المجوي، حزب الله المهزوم، حزب إيران، حزب المخدرات والمتعة، وتعابير هابطة جدًا تُستخدم يوميًا على ألسن أشخاص غير معتبرين في الحياة الإعلامية.

كل شيء مدروس، كل شيء مكتوب، وهو مُخطط له، وعن سابق تصوّر وتصميم، فهؤلاء المخلوقات التي تشتم وتلعن طائفة كبيرة جدًا في لبنان هي ليست تشتم عن عبث أو زلة لسان، كلا، بل إنها مدفوعة الأجر.

سُباب هؤلاء وشتامهم ولعنهم وألفاظهم النابية مُكتتبة على ورقة يُعْطَونها من غرف إستخبارات خليجية وأوروبية وأمريكية ومن الموساد.

تعمل الولايات المتحدة على تطويق الشيعة وليس حزب الله، تطويق إقتصادي مالي تجاري عسكري أمني، فها هي اليوم تعمل على ربط الأمور ببعضها، مثلًا قد ربطت الجيش اللبناني بإعادة الإعمار، ونزع سلاح المقاومة في لبنان بدعم الجيش. وغدا سنسمع عن الدين العام مقابل توطين الفلسطينيين، وسنسمع عن مجاعة كُبرى في لبنان مقابل التطبيع مع العدو.

لا يتفاجأ أحد بما سيجري، المطلوب التالي :

1 – عدم التفاعل الهابط مع أي شخصية يُقال عنها إعلامية، ولو من باب الصد أو التفنيد. هؤلاء مأجورون، وأعدادهم كبيرة جدا، ووراءهم غرف إستخبارات خليجية قد تفرّغوا لتشويه الحقائق وتزوير التاريخ. ولاحظ أن هناك أسماء متطابقة تعمل على شتم الشيعة في صفحات وتشتم السنة في صفحات أخرى. هذه الأسماء هي وهمية، ولعلها من الموساد.

فلا داع لأي تفاعل قذر على مواقع التواصل الإجتماعي، بل يجب الرد بالقول المبين والدليل والبرهان.

ومن شاء فليؤمن ومن شاء فيكفر، إن الله ليس بغافل عما يعمل الظالمون.

2 – حزب الله هو القائد سياسيًا واجتماعيًا، اترك الأمر له، لقد برهنت أمام الله أنك مع الحق، فبرهن أنك من الصابرين، والله مع الصابرين، بل بشّر الصابرين. اترك الأمور الكبيرة لحزب الله وقيادته، ولا تستبقها.

3 – ستظهر مخلوقات على شاشات التلفزيون وأخرى على مواقع البث المباشر، تشتم وتلعن وتسب وتعتدي على أشخاص وتتطاول على الرموز وعلى الشهداء وعلى الأئمة وعلى الرسول وعلى الدين.

اهملها، إذ لا قيمة لها وتذكر قول ربك :

يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ

أخيرًا ..

إقرأ كلمات ربك واستهدِ بالله :

وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنا لِعِبادِنَا الْمُرْسَلينَ (171)إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنْصُورُونَ (172) وَإِنَّ جُنْدَنا لَهُمُ الْغالِبُونَ (173) فَتَوَلَّ عَنْهُمْ حَتَّى حينٍ (174) وَأَبْصِرْهُمْ فَسَوْفَ يُبْصِرُونَ (175) أَفَبِعَذابِنا يَسْتَعْجِلُونَ (176) فَإِذا نَزَلَ بِساحَتِهِمْ فَساءَ صَباحُ الْمُنْذَرينَ (177) وَتَوَلَّ عَنْهُمْ حَتَّى حينٍ (178) وَأَبْصِرْ فَسَوْفَ يُبْصِرُونَ

مهمتك :د ضب لسانك حبيبي، لأن هناك من يسمع ويرى

شاهد أيضاً

في حضرة ايقونة الاعلام المقاوم .. حفل إفطار رمضاني تكريميّ للحاجة رنا الساحلي

‏الحاجة رنا الساحلي من النساء التي رفضت ان تجعل من جنسها سببا لوقوفها على هامش …