أخبار عاجلة

سحر النمط الصيني في محاربة التطرف/ الاعلامي علي مرتضى

 

لا يختلف اثنان ان الارهاب الذي بات آفة العالم باسره، يحتاجُ الى حل جذري يقتلع بذوره الاساسية من ضعاف النفوس، ويؤسس لمناعة ذاتية ضد الدعوات المريضة الى التطرّف وتكفير الآخر، جرائم نيوزيلندا وسيرلنكا الاخيرة، ورغم اختلاف المنفذ والضحية، تشكل برهاناً جلياً، على ان دول العالم بحاجة الى استراتيجية ناجعة، توأد فيها امكانية التطرف لدى الارهابي المحتمل في مهدها.

وحدها الصين، من أوجدت هذه الاستراتيجية، واعتمدتها على نطاق واسع في انحاء البلاد، حيث وضعت بكين اجراءات سمتها ب “نزع التطرف”، وهي قائمة على “مراكز تعليم وتدريب للمهارات المهنية” تُعنى في معالجة قضية التطرف الديني على نطاق واسع.

في اقليم شينجيانغ، حيث تتركز اتهامات الغرب ضد الصين باضطهاد المسلمين، حققت اجراءات “نزع التطرف” نتائج واضحة، حيث لم يشهد الاقليم أي عمل إرهابي أو عنفي في الأشهر الثلاثة والعشرين الماضية، ما يؤشر الى انخفاض واضح في النزعة الى التطرف، قد يؤدي في الامد البعيد الى انهاء هذه الظاهرة كلياً.

ولأن الصين، تُعدُّ محط انظار الغرب، نتيجة نجاحها الواضح اقتصادياً وسياسياً، فان البعض يستخدم اجراءات “نزع التطرف” كمنصة لاطلاق النار السياسية ضد بكين، متهماً اياها بانشاء معتقلات ومراكز تعذيب، فرغم كل جرائم الولايات المتحدة ضد العالم الاسلامي والعربي، تُظهر واشنطن نفسها في مظهر المدافع عن المسلمين في الصين، في مشهد يبعث الحيرة في نَفس كلِّ من يملك ادنى متابعة لسياسات الولايات المتحدة مع المسلمين خلال العقود الماضية، ليبقى السؤال لماذا يُهاجم الغرب اجراءات “نزع التطرف” التي تعتمدها بكين؟

للاجابة على هذا السؤال لابد لنا ان نفهم ما هي اجراءات نزع التطرف وما هي مراحلها، ولتقريب الفكرة اكثر، يمكن القول أن الحكومة الصينية تقدم للعناصر الذين يخضعون لهذا النوع من التأهيل، التعليم والتدريب المجاني، والرعاية الصحية والنفسية، إضافة إلى تقديم الرعاية والمساعدة لأهلهم، مع الاحتفاظ بكامل حقوقهم الأساسية التي يتمتع اي مواطن في الدولة الصينية.

الى جانب ذلك، تقوم السلطات الصينية بمساعدة المحتاجين من أقاربهم وتعزيز التضامن والصداقة بين القوميات من خلال مبادئ “الاستطلاع – الإفادة – الجمع”، أي استطلاع أحوال المجتمعات وإفادة معيشته وجمعهم والتقريب بينهم، الى جانب ما يُسمى “مجموعة العمل لدى القرى”، والتي تشجع العمل الجماعي، الامر الذي يجعل كل القوميات في شينجيانغ، بينها قومية الإيغور، تتقاسم ثمار التنمية والنهضة في الصين.

الغرب يسعى دائماً الى ادانة وتشويه إجراءات “نزع التطرف” في شينجيانغ، بسبب كثرة العناصر الذين يتلقون التعليم والتدريب، فبدل ان يثني على جهود بكين في تقويض ظاهرة الارهاب، يتغاضى الغرب عن الافعال السابقة لمن يخضعون للتدريب، وعن الفرق الشاسع في وضعهم الحالي في “مراكز التعليم والتدريب” الذي يؤهلهم للاندماج ثانيةً في المجتمع.

باختصار، فالامر برمته لا يعدو سوى دورة ضخمة من التعليم والتوجيه الفكري، لابعاد الحالات الضعيفة امام اغراء التطرف عن الوقوع في فخّه وتطوير حماية ذاتية لفكر الاشخاص الذين وقعوا ضحية الافكار المتطرفة، وهنا يتجلّى سحر النمط الصيني والمشروع الصيني في المعالجة الفريدة للآفة الاكبر على صعيد العالم، وهي الارهاب.

واشنطن، ومن خلفها الغرب برمته، اعتمدت سياسة توظيف الارهاب، كما، على سبيل المثال لا الحصر، في افغانستان حين وُظّف الارهاب ضد الاتحاد السوفيتي ، وفي سوريا ضد نظام الرئيس بشار الاسد، فيما توجهت هذه القوى الغربية نفسها نحو الحروب، بحجة مواجهة نفس الارهاب الذي استخدمته، كل هذه السياسات الغربية صبت الزيت على نار التطرف والارهاب، فحرب الاميركيين في العراق انتجت لاحقاً تنظيم داعش، وحربهم في افغانستان لم تنه طالبان او القاعدة، بل ان طالبان هي التي اجبرت الاميركيين على الجلوس على طاولة المفاوضات، ناهيك عن الاعتداءات المتكررة التي يُعاني منها العالم، فكيف ينظّر الغرب في محاربة الارهاب، وهو الذي استثمر فيه ، وفشل في مواجهته والقضاء عليه.

كل التدخلات الغربية في بلاد العالم، لم تحقق سوى الحروب وشقاء الشعوب، وكل ذلك تحت عنوان “حقوق الإنسان” ومحاربة الارهاب، مع ان الأمن هو أهم الحقوق الإنسانية التي ينبغي لأمريكا والغرب ان تدافع عنها، فلماذا يحق للرئيس الاميركي دونالد ترامب، اقفال حدوده في وجه المهاجرين بحجة الامن، بينما لا يحق للصين اخضاع مواطنيها المتهمين بالتطرف للتأهيل الفكري والنفسي!!

لم يعد احد في هذا العالم يشك بالمعايير الاميركية المزدوجة، ولم يعد خافياً على احد ان الانتقادات الاميركية تحت عناوين ” حقوق الانسان” ليست الا “حصان طروادة”، تسعى الولايات المتحدة عبره الى تدمير الدول وتفكيكها

شاهد أيضاً

أيها هاليهود في الشتات، لا تهاجروا!

B. MICHAEL أيها الإخوة والأخوات من اليهود في الشتات، لا تهاجروا! ب. ميخائيل، هآرتس، 22/8/2023 …