أكدت وزير الدولة لشؤون التنمية الإدارية عناية عز الدين، خلال ندوة نظمتها الامانة العامة لمجلس النواب، أن “الفساد في لبنان ما زال يمثل تحديا رئيسيا لحاضر البلاد ومستقبلها، فهو يهدر المال العام ويكبح الاستثمار الخارجي ويضعف التنافسية ويقيد المبادرة الاقتصادية ويعمق الفروق الاجتماعية ويؤدي لا محالة الى تشويه مؤسسات الدولة والانتقاص من قدرتها على تحقيق التطور والنمو ويضع الدولة برمتها والطبقة السياسية من خلفها في موضع الشك وانعدام الثقة في علاقتها مع المواطن”.
وأوضحت أن “لكن الأرقام المتوافرة تشير الى خطورة الوضع، فقد اظهر بعضها ان كلفة الفساد المباشرة تناهز 5 مليارات دولار سنويا، فإن صح الرقم، يكون الفساد سببا في خسارة ما نسبته 45 في المئة تقريبا من مداخيل الدولة و27 في المئة من الموازنة و10 في المئة من اجمالي الناتج الوطني. ناهيك بالكلفة غير المباشرة التي قد تتضاعف فيها نسبة الخسائر، ما يؤثر بطبيعة الحال على قدرة الدولة على تأمين الحقوق الاساسية للمواطنين”.
ولفتت عزالدين إلى أن “هذا الواقع المؤلم والخطير دفعني منذ توليت وزارة الدولة لشؤون التنمية الادارية الى اعطاء مكافحة الفساد أولوية، وقد ساعدني على ذلك جهود من سبقني من المعنيين، حيث كان قد تم إنشاء لجنة وزارية لمكافحة الفساد ولجنة فنية لمعاونتها في كانون الاول من العام 2011، وقد عملت اللجنتان المذكورتان، وبموازاتهما لجنة الإدارة والعدل النيابية،على إعداد دراسات ومقترحات ونصوص قانونية متعددة، وقد تبين ان ما ينقص هذه الجهود هو ربطهابالارادة السياسية وتحويلها الى سياسات وقوانين ملزمة، فبذلنا وبذل المعنيون مجهودا لتغيير هذا الواقع، فتم إعتماد قانون الحق في الوصول الى المعلومات في بداية العام 2017، وشهدنا تصاعدا غير مسبوق في الخطاب السياسي يشدد على مكافحة الفساد، ولكن الخطوة الأهم تبقى هي إنجاز أول استراتيجية وطنية لمكافحة الفساد في تاريخ البلاد والتي تم الإعلان عنها في شهر نيسان من هذا العام”.
واعتبرت أن “الحديث على قضيتي مكافحة الفساد وتعزيز حقوق الانسان ليست ترفا أو سذاجة، كما يحلو للبعض أن يصور، بل هو مسؤولية لرجالات الدولة وسيداتها، فمصيرنا ومصير اولادنا معلق عليهما، ويبدو ان معظم القوى السياسية في لبنان بدأت تدرك هذه الحقيقة، وقد جعلت مكافحة الفساد جزءا من اجندتها السياسية، الا ان العبرة تبقى في طريقة ترجمة هذا الإدراك الى واقع معاش من خلال البرامج والافعال، بدءا من الوزارات التي تتولاها هذه القوى حاليا او تلك التي ستتولاها في الحكومة المقبلة”.
بدوره، أكد عضو كتلة “التنمية والتحرير”النائب ميشال موسى أن “مبادئ ومؤسسات حقوق الانسان تشكل عنصرا جوهريا من عناصر الاستراتيجيات الناجحة والمستدامة لمكافحة الفساد”، مشيراً إلى أن “المواجهة الشاملة للفساد، تتطلب مؤسسات فاعلة وتشريعات ملائمة ومساءلة واصلاحات تحقيق الحكم الرشيد، اضافة الى مشاركة جميع الجهات المعنية صاحبة المصلحة في العمل داخل الحكومة وخارجها”.
بينما اعتبر عضو كتلة “الجمهورية القوية” النائب جورج عدوان أنه “لا بد أن تكون لدى الجميع جرأة بأن تكشف الحقيقة كما هي بعيدا من الخطابات الرنانة”، ومعتبرا أن “المعالجة الحقيقة هي من خلال معالجة بنيوية قبل الإنتقال الى تفعيل أجهزة الرقابة، من القضاء إلى التفتيش إلى ديوان المحاسبة إلى الهيئة العليا للأديب وصولا الى ادارة المناقصات”.