المصاعب في الشجاعية وجباليا، وتسلُّح حزب الله – صورة راهنة لتجدُّد الأعمال القتالية

المصدر : يديعوت أحرونوت

المؤلف : يوآف زيتون

مع انتهاء وقف إطلاق النار صباح اليوم (الجمعة)، والذي استمر مدة أسبوع، وجرى خلاله إطلاق سراح 105 مخطوفين، يستعد الجيش لتجديد الأعمال القتالية البرية على جانبَي الحدود وفي الميدانَين. قام الجيش الإسرائيلي بمهاجمة نحو 200 هدف في أرجاء القطاع، في حين أُطلقت من القطاع رشقات صاروخية في اتجاه وسط البلد، وجنوب الوسط، و”غلاف غزة”.

وفي حين أن المفاوضات لا تزال دائرة مع “التنظيم الإرهابي” في قطر بشأن تنفيذ جولة أُخرى من التبادل خلال اليوم التالي، فقد أتم الجيش الإسرائيلي استعداداته في الميدان لتجديد المناورة البرية. خلال الأسبوع الماضي، حرص الجيش الإسرائيلي، مرتين، على نشر إعلانات بشأن تجديد رئيس هيئة الأركان مخططاته المتعلقة بتجدُّد القتال البري في القطاع. وظهر في أثناء إعلان المخططَين ضابط رفيع لم يتم تشغيله بعد مسؤولاً عن الإطار الفرقوي، وهو المقدم دان غولدفوس، قائد فرقة النخبة النظامية رقم 98 [الفرقة رقم 98 أو “تشكيل النار”، وهي فرقة نظامية عسكرية مكونة من المظليين والكوماندوس، متخصصة في الحصار، والهبوط المظلي، والقتال في العمق]. لقد تم تفعيل وحدات هذه الفرقة، على غرار ألوية المظليين والكوماندوس منذ بداية الحرب، لكن هذه الوحدات لم يتم تشغيلها في إطار فرقة النخبة، حتى الآن. وفي الإمكان الافتراض أن الوحدات العاملة تحت إمرة المقدم غولدفوس، وهي الأفضل على مستوى الذراع البرية، إسرائيلياً، ستعمل في إطار المهمات المعقدة والمناطق المزدحمة في أوساط المناطق المدنية.

أما بشأن شمال قطاع غزة، فالمهمة لم تنتهِ هناك بعد. لقد أعادت حركة “حماس” تنظيم صفوفها أيضاً في المواقع التي أنهى الجيش الإسرائيلي عمله فيها، والتي ما زال يطاردها بالضربات، 3 مرات خلال أيام الهدنة، في حوادث متعددة، كما جرى في بيت حانون وحي الشيخ رضوان. لقد ظلّت كنواة صعبة على الكسر في القطاع في المواقع القريبة من الحدود مع إسرائيل: في بلدة جباليا وحي التفاح والشجاعية.

على مرّ السنوات، قدّرت حركة “حماس” أن الجيش الإسرائيلي سيعمل ضدها في الحرب، وجهاً لوجه، وسينقضّ أولاً على المناطق الحضرية الفلسطينية القريبة من الحدود. هذا ما حدث في حملة “الجرف الصامد”، عندما قام الجيش بـ “معالجة” 30 نفقاً على الأقل تمر عبر الحدود. إن صدمة الشجاعية التي تم فيها تفجير مدرعة تابعة للواء غولاني، لا تزال محفورة في وعي المقاتلين على جانبَي المتراس منذ ذلك الحين. ولذا، قامت حركة “حماس” بنشر أقوى كتائبها بصورة مركزة قبالة الحدود مع إسرائيل، في تلك المعاقل التي لم تطأها بعد أقدام الجيش الإسرائيلي خلال الحرب، باستثناء ما قام به في أثناء محاصرة جباليا.

في هذا الأسبوع، انتشرت مقاطع فيديو مزعجة، مصدرها الشجاعية ومحيطها، يظهر فيها مسلحون تابعون للذراع العسكرية لحركة “حماس”، يقومون بتسليم بعض المخطوفين للصليب الأحمر في وضح النهار.

السلاح يتدفق إلى قطاع غزة من سيناء

هناك مسألة أُخرى سيتعين على الجيش الإسرائيلي التعامل معها، مصدرها المنطقة الجنوبية من قطاع غزة، التي تشكل نحو 70% من المساحة الجغرافية للقطاع: محور فيلاديلفي الفاصل بين مصر، وإسرائيل وقطاع غزة، ابتداء من كرم أبي سالم ووصولاً إلى رفح (وهي مدينة مكتظة ومشطورة [بين مصر وغزة]. في رفح يوجد لواء كبير تابع لحركة “حماس”، كما تسيطر على المدينة عائلات إجرامية كسبت ثروتها من التهريب عبر سيناء. تُعتبر المدينة جبهة قاسية بحد ذاتها، والجيش الإسرائيلي لا يزال بعيداً عن التعامل معها.

خلال الحرب، اتضح أحد المعطيات المذهلة: العديد من آلاف الوسائل القتالية، وغنائم الحرب الأهلية في سورية، التي استخدمتها قوات النخبة في اقتحامها القاتل لإسرائيل في السابع من تشرين الأول/أكتوبر، دخلت إلى القطاع عبر الحدود مع سيناء من فوق الأرض. لا عبر أنفاق التهريب التي كان الجيش الإسرائيلي متأكداً من أن الجيش المصري دمرها، ولا بصورة خفية، ولا عبر البحر أيضاً، بل في شاحنات قطعت معبر رفح، وهي تحمل صناديق ذخيرة، والكثير من صواريخ RPG، ورشاشات وافرة، وهذا السلاح تم الانتهاء من استخدامه للتو في كلٍّ من العراق وسورية. كل ذلك حدث حين كان الجيش الإسرائيلي، بحسب وسائل الإعلام الأجنبية، يبذل كل طاقته في هجمات صغيرة وجراحية في سورية، في محاولة منه للحؤول دون تعاظم القوة العسكرية لحزب الله.

لقد استغل الجيش الإسرائيلي وقف إطلاق النار، ليس فقط من أجل إتمام استعداداته اللوجستية والمصادقة على المخططات العسكرية، بل أيضاً من أجل تجديد نشاط قسم كبير من القوات. إن المقاتلين النظاميين الذين يقاتلون في قطاع غزة، سُمح لهم بالخروج إلى قواعد في الجنوب للقاء عائلاتهم، لكنه لم يسمح لهم بالذهاب إلى منازلهم. لقد اضطر الضباط طوال الأسبوع الماضي إلى إجراء العديد من المحادثات مع الجنود لمواجهة المصاعب النفسية المتمثلة في انخفاض الروح المعنوية في أوساط الجنود الشبان. فالعودة بالذاكرة لمعالجة أحداث القتال، خلال فترة الهدنة، والمشاهد التي رآها المقاتلون في المعارك، ومشاهدة مقاطع الفيديو، وسماع أخبار الدعم الجماهيري لهم، كل تلك عوامل تؤدي إلى انخفاض في الروح المعنوية.

ما الذي يخطط له حزب الله؟

أما على الجبهة الشمالية، التي تم إقصاؤها طوال الأسبوع الماضي إلى هامش الوعي، فقد جرى تطور استثنائي في الأيام الماضية: وقف إطلاق نار هادئ، وغير رسمي، تم خرقه، كما جرى في قطاع غزة من خلال أحداث فردية، تم خلالها إطلاق صواريخ اعتراضية على أهداف مشبوهة، اتضح أن بعضها كان أسراباً من طيور سيئة الحظ، حلّقت كما تحلّق الطائرات المسيّرة، من سماء الجنوب اللبناني نحو مناطق الجليل.

لقد جرى تفاهُم صامت بين الطرفين بشأن وقف إطلاق نار غير رسمي، لكن حزب الله خرقه لإعادة التسلح في المنطقة الحدودية، وتعزيز مواقع عسكرية قريبة من خط المواجهة. وفي بعض الحالات، وصلت شاحنات محملة بوسائل قتالية مختلفة، معظمها من المقذوفات، إلى ناشطي فرقة الرضوان (وحدة النخبة التابعة لحزب الله، التي تهدف إلى اجتياح إسرائيل) الكامنة على الحدود. ومع ذلك، وكما هو معروف، فإن حزب الله لم يقم بعد بنقل كامل ألوية الرضوان التابعة له إلى الجنوب اللبناني. في مواجهة إسرائيل، مع العلم بأن لدى الحزب عدة آلاف من ناشطي قوة الرضوان، قُتل نحو 100 من هؤلاء على يد الجيش الإسرائيلي. يُحتمل أن يمثل الأمر دليلاً على التزام حزب الله بسياسة خوض قتال محدود ضد إسرائيل، بدلاً من حرب شاملة، حتى بعد انتهاء الهدنة.

أما الجيش الإسرائيلي، من جانبه، فقد شدد بصورة طفيفة على أوامر فتح النار في هذه الأيام في الشمال، ولم يتم تسجيل أي مبادرات من الجيش إلى شن الهجمات، كما حدث في الشهر الماضي. وبخلاف عدد من الكتائب النظامية، معظمها من لواء كفير، وسلاح المدفعية المحمولة على دبابات ميركافا 4 المجهزة بمنظومة معطف الريح الدفاعية، فإن آلاف المقاتلين في الفرق العرضية التي تحمي منطقة فرقة الجليل، منذ اندلاع الحرب، تتمثل في جنود احتياط. لا أحد من هؤلاء يعلم متى سيعود لممارسة حياته اليومية المدنية، وإلى حضن عائلته. أما في المناورة الدائرة في قطاع غزة، مقارنةً بذلك، فإن أغلبية القوة العاملة هناك هي قوة نظامية مؤلفة من الشبان من فرق النخبة، باستثناء ألوية الفرقة رقم 252 [فرقة سيناء] التي تشارك في المناورة.

يعتزم الجيش الإسرائيلي مواصلة العمل، بحيث يظل ميدان القتال في الشمال ميداناً ثانوياً، على الرغم من أن العدو العامل على تلك الجبهة هو العدو الأكبر لإسرائيل، في حين أن قطاع غزة سيبقى ميدان القتال الأساسي. وكما هي الحال على الحدود مع قطاع غزة، يمكن الافتراض أن حزب الله لديه أنفاق على الحدود اللبنانية، تشبه تلك الأنفاق التي قام الجيش الإسرائيلي ببترها خلال حملة “درع شمالي” في كانون الثاني/يناير 2019. من ناحية قيادة الجبهة الشمالية، فإن استخدام حزب الله هذه الأنفاق للاجتياح، أو استخدام البحر، إلى جانب الاجتياح من فوق الأرض، لا يزال احتمالاً ممكناً. لقد قامت قيادة الجبهة الشمالية في الجيش الإسرائيلي طوال العام الماضي بالتدرب، في ثلاث مناسبات، على الإمداد السريع بالقوات لتلك المنطقة، في ظل سيناريو يمثل غزو فرقة الرضوان، فضلاً عن مناورات أُخرى أصغر، قامت بها قوات النخبة الإسرائيلية.

حتى الآن، قام حزب الله بإطلاق أكثر من 1000 مقذوف مختلف، إلى جانب مئات الصواريخ المضادة للدروع في المنطقة الحدودية، ووجّه معظمها إلى أهداف تابعة للجيش. أما بخصوص إطلاق الصواريخ إلى مدى أبعد، نحو منطقة الكريوت [المنطقة الواقعة شمالي حيفا] ونهاريا، فالمسؤول عنه هو الذراع العسكرية لـ”حماس” في الجنوب اللبناني، والتي تمت تصفية بعض قياداتها، بحسب مصادر صحافية أجنبية، على يد الجيش الإسرائيلي، قرب مدينة صور، خلال الشهر الماضي. وفي حين أن مجلس الكابينيت لم يحسم بعد مسألة كيفية التعامل مع حزب الله، وإعادة ثقة مئات الآلاف من سكان الشمال القاطنين بالقرب من الحدود، بالدولة، لكي يكونوا قادرين على العودة إلى العيش هناك، لقد أوضح الجيش للقيادة السياسية أن “المعركة الدفاعية، مهما كانت ناجحة، تماثل ما تمكن الجيش الإسرائيلي من إنجازه على مدار الشهر الماضي، لن تكون هي من تحسم الحروب”.

في هذه الأثناء، يحاول الجيش الإسرائيلي أيضاً الاستعداد لواحد من أكثر التحديات تعقيداً في مواجهة حزب الله: مصاعب الكشف عن الطائرات المسيّرة الهجومية، وبالتالي إطلاق تحذيرات للقوات والمواطنين الذين ظلوا في المنطقة. لقد نجح حزب الله في أربع مرات على الأقل في إدخال مسيّرات مسلحة وتفجيرها على مدار الشهر الماضي، والتسبب بإصابة جنود إسرائيليين بهذه الوسيلة. على مدار الأسبوع الماضي، تم إدخال وسائل جديدة وتكنولوجية من المفترض أن تحسّن الاستجابة في مجال الكشف عن هذه الطائرات الصغيرة التي تطير ببطء، وعلى ارتفاع منخفض، وهو ما يصعّب عملية الكشف عنها. هذا هو السبب الكامن وراء صافرات الإنذار الكاذبة في الشمال مؤخراً، ومن شأن هذه الصفارات أن تستمر ويتسع مجال إطلاقها مع تجدُّد القتال في هذه الجبهة أيضاً.

شاهد أيضاً

ضابط إسرائيلي يختطف طفلة رضيعة من غزة قبل أن يُقتل لاحقا في المعارك

كشف جندي إسرائيلي، النقاب عن أن ضابطا بالجيش صديقا له، اختطف رضيعة فلسطينية من قطاع …