حادثة مقتل محام إسرائيلي برصاص جندي احتياط تعيد النقاش حول “سياسات إطلاق النار”

 وليد حباس

يوفال كاستلمان، محام إسرائيلي خدم سابقا في شرطة حرس الحدود. مع بداية الحرب على قطاع غزة انضم إلى قوات الاحتياط الإسرائيلي للمشاركة في الحرب، وبعد فترة قصيرة تم تسريحه ليعود ويزاول مهنته. في تاريخ 30 تشرين الثاني 2023، وقعت عملية إطلاق نار نفذها شابان من قرية صور باهر في القدس. كان كاستلمان متواجدا في موقع العملية واقترب من سيارة المنفذين، وأطلق النار على الشابين مما أدى إلى استشهادهما. في اللحظة نفسها، وصل أفيعاد فريجا، وهو مستوطن وجندي احتياط مسلح، وظنّ بأن كاستلمان (الذي قتل المنفذين الفلسطينيين) هو واحد من منفذي العملية. رفع فريجا السلاح في اتجاه كاستلمان وأطلق عليه رصاصة ما أدى إلى سقوطه على ركبتيه. وألقى كاستلمان سلاحه، ورفع يديه أمام الجندي فريجا، وخلع سترته ليظهر أنه غير مسلح، وألقى محفظته على الأرض حتى يتمكن فريجا من رؤية بطاقة هويته الإسرائيلية. لكن فريجا اقترب منه، وأطلق عليه عدة رصاصات إضافية أسفرت عن مقتله.

في إسرائيل كان هناك عدد من الحالات التي قتل فيها إسرائيلي إسرائيلياً آخر عن طريق الخطأ بعدما ظن أنه “مقاوم فلسطيني”… فمثلاً في العام 2015، بعد هجوم فلسطيني على محطة الحافلات المركزية فيبئر السبع، تم إطلاق النار على حبتوم زرهوم، وهو عامل أجنبي، وجرى إعدامه بدون تفكير أو تفحص. وفي العام 2022، قتل إسرائيلي بالرصاص عند مفترق رعنانا (وسط إسرائيل) على يدي جندي اشتبه بهبأنه فلسطيني. لكن في هذه المرة، تأتي قضية فريجا في سياق مختلف كليا. فقبل أقل من عام واحد، دخل إيتمار بن غفير، رئيس حزب “عوتسما يهوديت” (“قوة يهودية”) الفاشي، إلى الحكومة الإسرائيلية التي يترأسها بنيامين نتنياهو، وفي جعبته أجندة متطرفة في كل ما يخص محاربة الفلسطينيين. من جهة، دعا بن غفير إلى تسليح العدد الأكبر من الإسرائيليين، كما دعا إلى تشكيل ميليشيات مدنية تحت اسم “الحرس القومي”. والفكرة من وراء هذه المجموعات تكمن في خلق واقع جديد من خلاله يتحول كل إسرائيلي إلى “مسلح متجول” ويكون قادراً على التعامل مع أي عملية فلسطينية قبل وصول الشرطة.

وقد رفد بن غفير هذه الفكرة بجملة من التسهيلات، انطلاقا من موقعه كوزير للأمن القومي ومسؤول عن الشرطة وحرس الحدود. أحد أهم هذه التسهيلات سعيه لتقديم تشريعات من شأنها أن تسهل قواعد إطلاق النار. وهذه القواعد تحدّد متى يُسمح لحاملي الأسلحة النارية، وخاصة الجنود، بإطلاق النار من أسلحتهم،من دون تلقي أمر مباشر بإطلاق النار في الوقت الحقيقي، وتحدّد الخطوات التي يجب اتخاذها قبل إطلاقالنار. واعتبر المعارضون الإسرائيليون لهذه التشريعات اليمينية المتطرفة بأنها قد تشكل تهديداَ لدور جهاز القضاء الإسرائيلي، حيث أن الحرس القومي قادر على توقيف هدف يعتبره خطراً والحكم عليه بالإعدام من دون الحاجة إلى وضعه أمام سياق قضائي قانوني.

التسهيل الثاني الذي دفع بن غفير إلى إدخاله يتعلق بتسهيل تراخيص حمل السلاح. وقبل أسبوع قدم يسرائيل أفيسار استقالته من منصبه كمسؤول عن قسم توزيع الأسلحة النارية في وزارة الأمن القومي مدعيا بأن الوزير، أي بن غفير، يتجاوز الإجراءات المهنية المعمول بها في منح أسلحة نارية ويقوم بتقديم أجندته الرامية إلى زيادة عدد القطع النارية في أيدي المتطرفين والمستوطنين خاصة.

هذا النقاش كان في خلفية الحادثة التي قام بها فريجا بإطلاق النار على “شخص” (قبل أن يعرف أنه إسرائيلي)، حتى بعد أن استسلم ورمى سلاحه على الأرض. وفريجا هو مستوطن كان سابقاً عضواً في جماعة “شبيبة التلال”، ويحمل رؤية توراتية متطرفة. بعد الحادث، تم نشر مقاطع فيديو يظهر فيهاكاستلمان يتوسل من أجل حياته ويبين بشكل واضح أنه لم يكن فلسطينياً.  وعلى الرغم من كل هذا، استمرالجندي فريجا في إطلاق النار عليه حتى أصيب بجروح قاتلة توفي متأثراً بها. ومن المتوقع أن يستمر النقاش في هذا الموضوع وقد يستلزم أن نعود إليه على نحو أوسع.

شاهد أيضاً

ضابط إسرائيلي يختطف طفلة رضيعة من غزة قبل أن يُقتل لاحقا في المعارك

كشف جندي إسرائيلي، النقاب عن أن ضابطا بالجيش صديقا له، اختطف رضيعة فلسطينية من قطاع …