أخبار عاجلة

لوبي سياسي – مصرفي يعمل بين واشنطن وبيروت: نزع السلاح والخصخصة وحماية امتيازات المصارف* ٢

 

وهي قالت أمام بعض زوارها إنها تدرك حجم الضغوط التي يقوم بها لوبي مصرفي لبناني في الولايات المتحدة. وهو ما يشرحه بعض زوار العاصمة الأميركية، لجهة أن اللوبي المالي – السياسي الناشط في الولايات المتحدة، يعتبر أنه يسلّف الأميركيين مواقف متقدّمة ضد حزب الله، ويتوقّع في المقابل ألّا تدعم واشنطن البرامج الإصلاحية التي يقترحها فريق رئيس الحكومة نواف سلام، والتي يرى فيها أعضاء هذا اللوبي انحيازاً إلى جهات تريد المس بجوهر النظام الاقتصادي في لبنان، علماً أن فريق سلام أوضح للأميركيين أن ما هو قيد النقاش، يتعلق بتنظيم الآلية الإدارية والرقابية التي تمنع تكرار الانهيار، وأن الإصلاحات ليست مرتبطة حكماً بملف النزاعات الخارجية في لبنان.

 

ويوضح وزراء قريبون من سلام أن هدف الإصلاحات ضبط الأداء المالي والمصرفي، بما يحفظ حقوق الدولة والناس، ويعيد الاعتبار إلى دور ولو محدود لدولة الرعاية.

 

غير أن فريق رئيس الحكومة ليس موحّداً كفاية حول هذا الأمر، ناهيك عن الخلافات بين القوى السياسية الأخرى وداخلها كما يظهر في أداء وزراء كثر.

 

فهناك تباين واضح داخل الفريق الذي يمثّل «القوات اللبنانية»، إذ يظهر الوزيران جو عيسى الخوري وجو صدي في موقع المدافع عن القوانين والاقتراحات التي تعزّز الخصخصة واستخدام أصول الدولة وموجودات مصرف لبنان بطريقة مختلفة، وبما يقود إلى توزيعها على اللبنانيين، في خطوة تحاكي ضمناً الميل التقليدي لهذا الفريق إلى الفيدرالية، حيث يسود وهم بأن توزيع الأصول الخاصة بالدولة يمنع الغالبية المسلمة من السيطرة عليها، في مقابل توجّهات تبدو مختلفة لدى الوزيرين يوسف رجّي وكمال شحادة اللذين لا يبدوان في قلب المعركة الخاصة باللوبي المالي – السياسي.

 

والحال نفسه ينسحب على وزراء الثنائي الشيعي، إذ يبدو وزير المال ياسين جابر في موقع من يريد إقرار إصلاحات بأقل أضرار ممكنة، ومع مراعاة التركيبة التقليدية التي تعرّضت لاهتزاز كبير، سياسي واقتصادي، خلال العقد الأخير.

 

لكنّ جابر لا يبدو مصدر قلق للوبي المصارف، فيما يبدو الوزير فادي مكي أقرب إلى وجهة فريق رئيس الحكومة، ولو أن لديه رأيه الداعم لفكرة تعزيز دور القطاع الخاص، وسط صمت بقية الوزراء الشيعة حتى الآن.

 

أما وزراء رئيس الجمهورية والكتائب والأرمن، فليس واضحاً أن لديهم استراتيجية واضحة وحاسمة، بل هم أقرب إلى فكرة التسويات التي تحصل في اللحظات الأخيرة، لكن مع ميل واضح إلى دعم الخصخصة بصورة أكبر، ولو أنهم يختلفون في ما بينهم حيال الملفات السياسية، ولا سيما ملف سلاح حزب الله، إذ لا يزال الرئيس جوزيف عون داعماً لفكرة التوافق الوطني على أي خطوة تخص سلاح المقاومة، تفادياً لإدخال لبنان في متاهة الحرب الأهلية من جديد.

 

وعلى هذا المنوال، يجب النظر إلى فريق الرئيس سلام الذي تحمل تركيبته الأمرين معاً. فالوجهة التي يقودها الوزير عامر البساط مدعوماً من الوزيرة حنين السيد، ومن دون معارضة الوزراء طارق متري وغسان سلامة وريما كرامي، ترى أن شكل الإدارة الحالية للقطاعات الاقتصادية والمالية والمصرفية وطبيعتها وأشخاصها، بحاجة إلى تغيير كبير.

 

ويدعم هذا الفريق تعديلات جوهرية في القوانين الناظمة، لجهة توفير آليات رقابية أكثر فعالية، وهو ما يستفزّ لوبي المصارف، رغم أن هذا الفريق لا يدعم انقلاباً في التوجه العام، ولا يدفع نحو تغيير جوهري للنموذج القائم، وليست لديه تصوّرات استثنائية لدور الدولة في القطاعات الأخرى مثل التعليم والصحة والخدمات العامة.

 

لكنّ هناك أيضاً تفاوتاً في المقاربة السياسية داخل هذا الفريق نفسه، بين من ينظر إلى ملف سلاح المقاومة من زاوية أنه يمثّل خطراً على لبنان وعائقاً أمام الحصول على رضى الخليج والغرب ودعمهما، ومن يعتقد بأن الملف ليس معزولاً عما يجري من حولنا من تطورات كبيرة في المنطقة، وبالتالي لا يجوز السير في الطلبات الأميركية لمجرد أنها صادرة عن الولايات المتحدة.

 

وهذا ما يستغلّه اللوبي السياسي – المصرفي لقيادة حملة تحريض ضد هذه الوجهة في لبنان والولايات المتحدة، علماً أن هناك غايات شخصية تقف خلف الحملات على بعض الوزراء، مثل الحملة على الوزير متري، والتي تنطلق من اعتبارات سياسية تتعلق بأنّ الرجل ليس محسوباً على القوى المسيحية التقليدية، ومن طموحات «مجموعة المر الإعلامية» لتولّي مناصب تخص الطائفة الأرثوذكسية.

 

كذلك تُشنّ حملة ضد الوزير سلامة، تبدو في العلن وكأنها تتعلق حصراً بمقاربته لملف السلاح، ولا سيما بعد مقابلته مع قناة «الجديد» الأحد الماضي، وتأكيده أن نزع سلاح المقاومة مرتبط بعملية كبيرة تتطلب خطوات مدنية تثبت سلطة الدولة، ولا تقتصر على الجانب العسكري فقط.

 

لكنّ الواقع أن مشكلة اللوبي السياسي – المصرفي مع سلامة تتعلق أيضاً بموقفه من ملف الإصلاحات المالية والاقتصادية، وحديثه عن ثلاثية قوانين السرية المصرفية وهيكلة المصارف وتوزيع الخسائر، وقوله صراحة إن السرية المصرفية بمفعول رجعي ضرورية لأن المطلوب معرفة ما حصل قبل الانهيار في عام 2019 وأثناء الأزمة وبعدها، إضافة إلى إشارته إلى أن في لبنان مصارف غير قادرة على العمل حتى لو أعيدت إليها أموال المودعين من مصرف لبنان، ما يفرض درس أوضاعها واحداً واحداً.

 

واللافت في هذا السياق، أن «القوات اللبنانية» هي من يقود الحملة المباشرة ضد سلامة، مع العلم أن من يتولّون الهجوم عليه، إنما يقصدون رئيس الحكومة، لكنهم ليسوا في وارد الاشتباك المباشر مع الأخير لأن ذلك سيؤثّر على وحدة الحكومة، كما أنهم لا يريدون تناول موقف رئيس الجمهورية من ملف السلاح بالنقد المباشر خشية الظهور في موقع من يخاصم العهد.

🗞️ *الأخبار*

 

 

شاهد أيضاً

كلمة عضو كتلة الوفاء للمقاومة النائب رامي أبو حمدان خلال الاحتفال التكريمي الذي أقامه حزب الله ‏للشهيد السعيد على طريق القدس القائد حسن علي بدير ونجله علي حسن بدير في مجمع الإمام المجتبى ‌‏(ع) في السان تيريز:

بِسْمِ اللَّـهِ الرحمن الرَّحِيمِ     كلمة عضو كتلة الوفاء للمقاومة النائب رامي أبو حمدان …