تشكّل أزمة السير في لبنان مشكلة كبيرة نتيجة الازدحام الخانق على الطرقات بسبب ازدياد عدد السيارات بشكل كبير في وقت لم تعد طرقات لبنان تستوعب هذا العدد الهائل، وباتت هذه المسألة تستدعي إيجاد حلّ سريع لهذه الأزمة ليس فقط عبر إنشاء الاوتوسترادات بل عبر الذهاب بحلول طويلة الأمد تجاري الدول الأوروبية. الحل بقطارات لنقل الركاب والبضائع…
في الخارج يقطع السكّان مسافة ساعة بالسيارة خلال عشر دقائق في القطار، أما في لبنان فالمشوار البسيط الذي يستغرق ربع ساعة بات يحتاج الى خمسة وأربعين دقيقة بسبب الازدحام. ونتيجة الشعور بهذه الازمة أصدر مجلس الوزراء مؤخراً مرسوم تخطيط الاوتوستراد الضبية-العقيبة مروراً بوسط كسروان، ينتقل بعدها من جبل الضبيّة الى جعيتا بجسر وصولا حتى العقيبة بأنفاق، وهذا المشروع إن نفّذ يحلّ بعضاً من مشكلة السير موقتاً إلا أنها تبقى نفسها على المدى الطويل. من هنا كان القرار الذي أصدره مجلس الوزراء في الجلسة الأخيرة قبل الدخول في عطلة الأعياد بإجراء دراسات في كلّ لبنان لايجاد خطوط للقطارات لنقل الركاب والبضائع.
“وزارة الأشغال أجرت دراسة أولية في العام 2014 مموّلة من الاتحاد الاوروبي لإنشاء سكة حديد من بيروت الى طرابلس، والحكومة كلّفت قبل عطلة الأعياد الإنماء والاعمار استكمال هذه الدراسة”. هذا ما يؤكده مستشار رئيس الجمهورية الفني للشؤون الهندسية أنطون سعيد عبر “النشرة”، لافتاً الى أن “مجلس الإنماء والإعمار كان سابقاً أنجز دراسة إنشاء سكة حديد من بيروت للعبّودية حتّى الحدود السوريّة، وهي قابلة للتلزيم والحكومة طلبت إجراء دراسة لربط سكة الحديد بمرفأ طرابلس”. بدوره مدير عام سكك الحديد والنقل زياد نصر يشير الى أن “سكة الحديد الممتدة على الخط الساحلي من بيروت حتى طرابلس أُنشأت عام 1942 أيام الحلفاء ولم يكن الغاية منها نقل الركاب، إنّما لاغراض عسكرية وبعد ذلك العام استخدمت الدولة هذا الخط وفق مواصفاته والامكانيات المتاحة في ذلك الحين لنقل البضائع دون أن يصار الى الاستثمار الجدّي له لتطوير هذه الشبكة”.
يشير نصر الى أنه “أجريت العديد من الخطط في الفترات السابقة ولكن صلاحيتها كانت لفترة زمنية محددة لأنها تأخذ بعين الاعتبار الواقع العمراني وواقع الارض، الأمر الذي يتغير مع بمرور الزمن”، لافتا الى أنه “في العام 2014 حصل اتصال بين وزارة الاشغال والاتحاد الاوروبي وبنك الاستثمار الاوروبي، وتم طلب الدعم التقني لاجراء دراسة عينية لاحياء الخط الساحلي، وقد اجريت الدراسة الاولية التي تم فيها تحديد امكنة المحطات ومساحتها والابنية وغيرها، كما أجريت دراسة الجدوى الاقتصادية وكانت إيجابيّة ليبقى إنجاز الدراسات التنفيذية”، كاشفاً أن “كلفة إنجاز هذا المشروع بحسب الدراسات الأولية تصل الى حوالي 2.5 مليار دولار شاملة إنشاء المحطات وسواها من الامور”.
“خط طرابلس-العبودية سبق لمجلس الوزراء أن كلّف الإنماء والأعمار عام 2014 الإنتهاء من اعداد الدراسات اللازمة له، والّتي تلحظ طرابلس الحدود اللبنانية السورية مع وصل خط المنطقة الاقتصادية الحرة بطرابلس مع المطار”. وهنا يشرح نصر أن “الفكرة من انشاء هذا الخط هو أن يكون لبنان جاهزاً لأخذ حصّة عند انتهاء الأزمة بسوريا، بحيث يصبح مستعدا لاستقبال اعداد كبيرة ولربط الشبكة اللبنانية بالسورية”، مشدداً على أن “هذا الموضوع أوكل الى الانماء والاعمار، وعندما طرح هذا الواقع بالحكومة أبدت ايجابية واتخذت قرارا بتكليف وزير الاشغال مع الاستشاريين ومع المعنيين لوضع الدراسات لاعادة احياء شبكة خطوط النقل السككي بلبنان من الحدود الشمالية الى الحدود الجنوبية ومن بيروت الى البقاع”.
وفي انتظار انجاز هذا المشروع الكبير الذي يغيّر وجه لبنان، صدر قرار البدء بانشاء اوتوستراد الضبية-العقيبة، الذي تبلغ كلفته بحسب أنطون سعيد حوالي سبعمئة مليون دولار للتنفيذ، وسيكون هناك مناقصة وانجاز للإستملاكات وغيرها ولا يمكن تحديد وقت الانتهاء من التنفيذ الا عند اصدار الدراسة المفصّلة”، لافتا الى أنه “الى جانب هذا المشروع هناك مشروع آخر يقضي بتوسيع أوتوستراد جونيه ويتجه الى التلزيم في الأيام المقبلة”. في حين يرى نصر أننا “نتجه الى أزمة كبرى اذا استمرّينا في العمل بعيداً عن انشاء وسائل نقل عام عبر سكك الحديد، والدولة التي تفكّر استراتيجياً تتجه الى هذه الخيارات، لأن هناك جدوى اقتصادية كبيرة منها والمردود المالي يغطّي كلفة تشغيله وعلى المدى البعيد يغطي من تكاليفه التنفيذية”.
باسكال أبو نادر – النشرة