إنجاز أمني جديد حققه الجيش اللبناني في عمق مخيم عين الحلوة، هو الثاني من نوعه وحجمه وأهميته في أقل من شهر، كانت حصيلته توقيف أحد أكبر وأبرز المطلوبين في قضايا تزوير كبرى مرتبطة بملفات أمنية أكبر. وهو الفلسطيني حسن نوفل (المسؤول السابق في الجبهة الشعبية القيادة العامة) والذي يعرف بإسم «الحكيم» وذلك بعملية نوعية نفذتها مديرية المخابرات في الجيش اللبناني داخل المخيم بأسلوب وشكل مماثلين لعملية استدراج وتوقيف المطلوب الفلسطيني البارز بهاء حجير في 17 ايلول الماضي وسحبه من داخل المخيم أيضاً.
فمن هو «الحكيم» وما هي أهمية توقيفه؟
مصادر مطلعة أشارت إلى أن «الحكيم» متورط في العديد من القضايا الأمنية من خلال احترافه تزوير الوثائق على اختلافها لمطلوبين بارزين، وهو سبق وورد اسمه في التحقيقات مع الموقوف أحمد الأسير والذي تبين أن الحكيم هو من قام بتزوير جواز السفر الذي كان الأسير يحاول الفرار بواسطته قبل توقيفه في العام 2015.
وعلم في هذا السياق أن عملية استدراج وسحب «الحكيم» تمت على مرحلتين، الأولى من منزله إلى مرأب السيارات، والثانية من المرأب إلى خارج المخيم، بعدما تم تخديره. وهو ما يفسر نقله مباشرة إلى إحدى مستشفيات صيدا لبعض الوقت قبل اقتياده إلى التحقيق.
وكشفت المصادر في هذا السياق أنه سبق عملية استدراج الحكيم والقبض عليه، توقيف أحد كوادر الجبهة الشعبية – القيادة العامة الفلسطيني «طـ. ح.» صباح اليوم نفسه.
وبقي اسم نوفل أو «الحكيم» يتداول في أوساط الأجهزة الأمنية لسنوات كأخطر مزور للوثائق الثبوتية (جوازات سفر من مختلف الجنسيات، بطاقات اللاجئين الفلسطينيين، وحتى العملة بمختلف أنواعها)، نظراً لكونه محترفاً في التزوير، وأيضاً لما كان يحيط بهذا الرجل من هالة أمنية وغموض في الشخصية وحذر في الحركة والتواصل مع الآخرين.
ورأت هذه المصادر أن توقيفه أمس قد يشكّل طرف أكثر من خيط يقود لمعرفة وجهة أو مصير مطلوبين بارزين اعتمدوا على وثائقه المزورة في التخفي أو التنقل. ولم تستبعد المصادر أن تكون خلفية توقيف الحكيم أبعد من قضايا تزوير وثائق على خطورتها نظراً لتورطه أو ارتباطه بأكثر من ملف أمني. وبالتالي أن يساهم توقيفه في كشف معلومات أمنية على درجة عالية من الأهمية باعتباره بمثابة مخزن أسرار للعديد من المطلوبين ومن بينهم من يعتبرون خطرين على الأمن والاستقرار في المخيم وخارجه، فضلاً عن كونه شغل سابقاً مهاماً تنظيمية في الجبهة الشعبية – القيادة العامة وبقي بعد استبعاده منها على خلفية قضايا مالية، على ارتباط أمني غير معلن بها.
أما من حيث شكل عملية التوقيف وتوقيتها وبكل ما أحيط بها من ظروف، فترى أوساط متابعة للتطورات الأمنية في مخيم عين الحلوة أنه لا يمكن بالشكل فصل توقيف «الحكيم» عن عملية توقيف بهاء حجير قبل أقل من شهر، لأن طريقة التوقيف متشابهة إلى حد كبير شكلاً وإن اختلفت هدفاً ومضموناً وخلفيةً.
وتضيف هذه الأوساط أنه يبدو واضحاً من خلال هذه العملية والتي سبقتها أن مخابرات الجيش اللبناني تعتمد منذ فترة أسلوباً جديداً في التعاطي مع المطلوبين الخطرين المتوارين في مخيم عين الحلوة، وهو أسلوب العمليات الخاطفة والموضعية، وإن توقيف «الحكيم» جاء في هذا السياق وبعد رصد ومتابعة لحركته داخل المخيم استمرت لأيام وانتهت إلى توقيفه في مرأب للسيارات محاذ لتجمع مدارس الأونروا على الشارع الفوقاني للمخيم.
إلا أن الأمر اللافت بالمقابل في ضوء توقيف الحكيم وقبله حجير، أن أي ردة فعل مباشرة سواء على توقيف هذا او ذاك لم تصدر عن أية جهة داخل المخيم، ما يعطي الانطباع بأن العديد من المطلوبين الذين كانوا يحظون سابقاً بغطاء أو حماية من أفراد أو جهات أو تنظيمات مسلحة داخل المخيم لم يعد هذا الغطاء متوافراً لهم وبالتالي لم يعد أمامهم سوى المغادرة أو تسليم أنفسهم أو انتظار مصير مماثل لمصير حجير ونوفل.