⏳🏮⏳تفاصيل مواجهة بين الجيش اللبناني والعدو الاسرائيلي
تحوّلت منطقة كروم الشراقي التابعة لبلدة ميس الجبل إلى عقدة إسرائيلية بإمتياز أضيفت إلى سلالة العقد المتراكمة عند السفح اللبناني.
الجيش الإسرائيلي الذي يختبر ُاليوم تكتيكات خاصّة بقتال القرى أدخلها حديثاً إلى منظومة جيشه، يواجه اختياراً حقيقياً لا يقُل أهمية، يكمنُ في النموذج الفريد الذي انتهجهُ الجيش اللُّبناني في التعاملِ معه، إذ يبدو أن المؤسسة العسكرية دفنت النماذج التي اعتمدت في فترةِ ما قبل العام ١٩٩٠ لناحية إنتظار أمر الرّد على الخروقات من الجانبِ الإسرائيلي، بآخر يقومُ على “أمر دائم بالتصدي وبالمثل في حالِ التّعرض لإعتداء”.
العدو الإسرائيلي الذي يختبرُ حالياً عبر المناورات جدوى إدخال عناصر الكترونية آلية (روبوتات أو جنود آليون) إلى كتائبهِ العسكرية وكفاءة إستخدامها في القرى اللّبنانية التي فشل جنوده فيها، يدرسُ الجيش اللُّبناني في المقابل رفع عديد قواه البشرية العاملة على خطِ المواجهة مع إسرائيل، لا بل زيادة مناعة هذه القوات ورفدها بالسلاح المُناسب لمواكبة المهام.
وانطلاقاً من هذه القاعدة، يمكنُ قراءة التّبدلات على صعيدِ الجيشين اللُّبناني والعدو الإسرائيلي.
خلال سريان مفعول العملية الخلبية التي عَنونها الجيش الإسرائيلي بالبحث عن أنفاق مزعومة أقامها حزب الله عند الحدود، حاول القيام بإستعراض قوة موجّه في عدّة إتجاهات. إتجاه داخلي إسرائيلي يسعى من خلاله إلى رفع معنويات المستوطنين بعد سلسلة الإنكسارات العسكرية المتتالية، وفي جانب آخر رفع صلاحية بنيامين نتنياهو، وخارجي يهدفُ إلى الإيحاء بأن “الردع الإسرائيلي” لم يُصب بأي أذى.
في هذا الوقت، عملَ الجيش الإسرائيلي على ممارسة “إفراط إعلامي في القوة”، فجند ناطقهُ الرّسمي الإلكتروني أفيحاي أدرعي لإطلاق وابل من التغريدات النّارية تحت عناوين شتى منها ما يتعلقُ بإكتشاف أنفاق وآخر يرتبطُ في تهديداتٍ نفسية أطلقها صوب الجنوبيين، في وقتٍ عملت قيادته الشمالية على نشرِ جنودها المدججين بالسلاح عند النقاط الحدودية المفتوحة التي لم يتمكن من نصب جداره عليها، معززاً بآليات وجرافات ثقيلة.
الجيش الإسرائيلي الذي ظن ربما أنه يمارسُ “إرهاب معنوي” على الجنودِ اللبنانيين، لم يكن الأمر كذلك عند هؤلاء، فالملازم أول محمّد قرياني الذي رفع سلاحه بوجه الجنود الإسرائيليين، لم يكن وحده صاحب هذه الخطوة الشجاعة بل سبقهُ إليها ضابط قائد في الفوج المرابط قبل ساعات في المنطقة، الذي عمم على جنوده أوامر عسكرية صارمة مصدرها قيادة الجيش في اليزرة، وهي التعامل بالمثل مع جنود الإحتلال والدفاع عن النفس ورد أي إعتداء مهما كان ومنع خرق الخط الأزرق ولو ببضعة سنتمترات.
اللّافت كان صدور أمر بالرد على أي تحرك مشبوه وفوراً وبلا تردد، وهو أمرٌ أكدته مصادر عسكرية لـ “ليبانون ديبايت”التي أشارت إلى أن أوامر مشددة وردت إلى الجنود عند الحدود، وترك لهم أمر تقدير الموقف والتعامل المناسب معه”.
الوجه الأول من المواجهةِ كان حين تعمّد الضابط القائد في الجيش ممارسة ذات نوع الحرب النّفسي الذي مارسهُ الإحتلال. فحين حاول الإسرائيليون ترسيم الخط الأزرق ورفع أشرطة شائكة من دون وجود ضباط الإرتباط الدوليين وفريق “الطوبوغرافيا” في الجيش اللبناني، أصدر أمراً لجنود الفوج بالإنتشار على نقاطِ التّماس بوضعيات قتالية.
وفي حالةٍ أخرى حاول العدو زرع أجهزة تجسس مستقدماً قوة عسكرية كبيرة ومعززة، فبادر الضابط اللُّبناني إلى استدعاءِ قوة إضافية تابعة للفوج ونشرهم أيضاً في وضعية قتالية.
وفي وقتٍ لاحق أصدر أمراً بنصب كاميرات مراقبة مقابلة لمواقع الجنود الإسرائيليين، كذلك وفي خطوةٍ ثالثة، ردَّ على نشر جيش العدو لمجندات بإستدعاء جنديات يتبعن لنفس الفوج ونشرهن امام الجنديات الصهيونيات.
عند هذه النقطة اختبرَ قائد القوة الإسرائيلي نفساً جديداً، فجاء أستدعاء دبابة من طرازِ “ميركافا ٤” إلى إحدى نقاط التماس كعامل يرادُ منه إرهاب العسكريين، موجّهة مدفعها بإتجاه الأراضي اللّبنانية.
أبلغ الضابط نظيره لدى القوة الدّولية بضرورة تراجع دبابة الميركافا عن هذه الوضعية وإلا سيضطرُ أن ينفذ خطوة مقابلة. تواصل الضابط الدولي معهم، لكن الإسرائيلي تجاهلَ الأمر.
بعد دقائق إستدعى الضابط اللبناني مدفع محمول عيار ١٠٦ ملم موضوع على آلية من طراز “ولّس” ونصبه في مواجهةِ الميركافا آمراً بتصويبه نحوها على مرأى من الجنود الصهاينة، ثم طلب مغادرة المدنيين والصحافيين. هنا، سارعَ ضابط الإرتباط الدولي إلى إبلاغ الجانب الإسرائيلي بخطورة ما يجري ووجود أمر لدى الجنود اللبنانيون، بذلك ويبقى التصويب في حالِ لم يجرِ سحب الميركافا، فإضطر العدو إلى سحب الدبابة وتثبيتها بعيداً عن موقع إنتشار الجنود اللبنانيين، حينها جرى سحب المدفع المحمول.
الإسرائيليون ربما لم يقتنعوا بجدية قرار المواجهة المُتخذ من الجانبِ اللبناني، فبعد فترة وجيزة على قضيةِ الميركافا، أرسل العدو طائرة تجسس من نوع “أم كا” حلّقت على علو منخفض فوق المنطقة خارقة الأجواء اللُّبنانية، وحلّقت فوق المراكز العسكرية للجيش والمواطنون الذين تجمهروا في المكان، فأعاد الضابط الكرّة مرة جديدة متواصلاً مع ضباط الإرتباط الدوليون المتواجدون في المكانِ طالباً منهم إبلاغ الجانب الإسرائيلي بضرورة سحب طائرة التجسّس فوراً.
لم يمتثل الصهاينة للطلب. بعد وقت قصير، استنفرَ الضّابط مضاد أرضي ثقيل موضوع على ملالةٍ وثبته في المكان معطياً امراً للجنود بتوجيه فوهته صوب الطائرة، آمراً المدنيين والصحافيين بإخلاء المكان. تحرك فوراً الضابط الأممي وتواصل مع الإسرائيليين طالباً منهم وقف تحليق الطائرة لإنهاء التوتر كي لا يحصل إحتكاك، فإضطر الإسرائيليون مرّة جديدة للإنصياع.
هذا المشهد، كان دافعاً معنوياً للملازم أول قرياني ليمارس الشّدة التي اختبرها من سلسلة إجراءات اتخذها الجيش اللبناني
وعلى عكسِ ما صوّر أن حركة قرياني كانت نتيجة رد فعل فردي – ذاتي، فإن الحقيقة والسّياق عكس وجود أوامر عسكرية خلفها ضباط أشداء قرروا