حفل تأبيني لعميد المجلس الشيعي في الوردانية

حفل تأبيني لعميد المجلس الشيعي في الوردانية
خليل ممثلا بري :” لا يعقل ان نبقى بدون حكومة ”
لمناسبة ذكرى مرور أسبوع على وفاة عميد المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الحاج محمد رضا الحاج ” أبو رضا”، أقيم في حسينية بلدة الوردانية، مجلس عزاء حسيني وتليت آيات من الذكر الحكيم عن روحه الطاهرة، وحضره ممثل رئيس مجلس النواب نبيه بري وزير المال في حكومة تصريف الأعمال علي حسين خليل، وزير البيئة في حكومة تصريف الأعمال طارق الخطيب، ممثل رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الامام الشيخ عبد الأمير قبلان المفتي الجعفري الشيخ أحمد قبلان، النواب :أيوب حميد ومحمد نصرالله ورئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد والنائب مصطفى الحسيني، وفد من حزب الله ممثلا الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، المدعي العام المالي القاضي علي ابراهيم، وفد من حركة أمل ضم اعضاء هيئة الرئاسة قبلان قبلان وجميل حايك،الأمين العام للملجس الإسلامي الشيعي الاعلى نزيه جمول ،اللواء ابراهيم بصبوص، اللواء الياس فرحات، اللواء علي الحاج، السيد صدر الدين الصدر، المدير العام لوزارة الشباب والرياضة زيد خيامي، ورؤساء المجالس البلدية في اقليم الخروب واحزاب وشخصيات وقضاة ومخاتير ووفود من مختلف المناطق من الجنوب وبيروت والبقاع والجبل.
ممثل بري
بعد آيات من الذكر الحكيم، وتقديم من رئيس لجنة الوقف محمد عيد، ألقى الوزير علي خليل كلمة بإسم الرئيس بري فقال :”كنت ملتزماً أن أقف مكرما أبو رضا الحاج الأسبوع الماضي، بإسم دولة الرئيس نبيه بري في الجامعة الإسلامية التي هو أحد أركانها، وصانعي موقعها في هذه البلدة العزيزة الوردانية، لكن القدر سبقنا وغلبنا لنقف ونؤبن هذا العزيز الإستثنائي. لهذا من الصعوبة أن نقف في الوردانية اليوم بدون ان يكون بيننا ابو رضا الحاج، مفتاح معرفتنا وعلاقتنا مع هذه المنطقة، التي شدنا بحب الى حدود التعلق ببلدته والجوار وبمشهد الوحدة والتعايش في هذه المنطقة. تراكم سني عمره الطويل اكثر من العقود التسعة، التي عاش عمره كله قيماً ومبادئء وشهامة، كان يمثلها بصفاء وصدق، وهو الخازن ليس لبعض من تاريخنا، بل المشارك في تأسيس هذا التاريخ الى جانب إمام الوطن والمقاومة، الإمام السيد موسى الصدر، بل أن تسلسل هذا التاريخ السياسي والإجتماعي الذي شكله وكان جزءا منه، هو أرسى وعينا على كثير من قضايا العلاقلات الإجتماعية والسياسية، لهذا ليس أبو رضا ما نفتقد اليوم، نفتقد كل منا، يفقد جزءا من ذاته، من تاريخ وذاكرته ومن أحلامه وطموحاته ومن وجوده، تماما كما فقد أبو رضا مع تغييب إمامه السيد موسى الصدر، الكثير من روحه وقوته، لكنه لم يفقد العزيمة والإرادة فإستمر حاملا قيمه ومبادئ ينتقل فيها من منطقة الى أخرى، ومن موقع الى موقع، يشد عزيمتنا ويدفعنا نحو الأمام، وهو المؤمن بإستثنائية إمامه، التي يمتد نحو امام، إمام كل الأحرار في العالم، الإمام الحسين عليه السلام. ”
وأضاف ” اليوم نحبس الدمعة خلف وجه الضرورة، لنفتش عمن فقدنا، ونحن نقف بالأمس مصلين على جثمانه في هذه الحسينية، نسأل كيف يغيب من نحب؟ نسترجع احلامنا الأولى، وكيف استلمها مع رفاقه ليجد تفسيرا لعصيانهاعلى التحقق والحزن اليوم أكثر توقدا، الحزن على الوجه المحبوب، الممتلئ برائحة الحياة، نجما من عقود النجوم المتحلقة حول الامام موسى الصدر، حبات ثريا الأمل التي كنا نجده كلما نراه، ومنها هذا الوجه المنتقل الى سعادته الأبدية، وهي نفس العيون التي رأيناها على وجه ونحن نودع معه قبل عقدين من الزمن حبيبه الدكتور رضا.”
وقال : نستعيد تاريخنا ومجدنا خلال المصير الصعب الذي اخترناه، ومشى بنا ومشينا به من ارض الجفاف الى واحات الانتصار، وبينما ننظر الى الطريق أمامنا، نسأل من عبّد هذه الطريق؟ ومن صنع الدرب دربا؟ هو أبو رضا وأخوانه الذين فهموا طبيعة الإيمان الحقيقي لله والوطن، وان الحمام نفسه يطوف على مأذنة الجامع والكنيسة، هم الذين رموا الحجارة الأولى في بحيرة صمتنا، وأطلقوا ضجيج المحرومين في فضاء الحرمان، حولوها أمواجا وأفواجا لا تهدأ، هؤلاء الذين كنا نتدفأ بأصواتهم، من خوف الأيام، كانوا يحولون تعب أيامهم وقود حياة جديدة لنا. اليوم نستمر لنسترجع صورهم برفقة الإمام، ومع كل المحطات التي تلت والتي نرى فيها ابو رضا ينتقل من سنينه برشاقة الى حافة العمر الموقود، بدون ان يتعب حتى شهره الأخير، ليصل الى زمن انتصارتنا وسعادتنا اللامحدودة بها، مع إسرائيل وعلى مستوى الداخل، وهو يعكس بكل أمانة وصدق وجه امامه وصورة إمامه في فهم العيش المشترك الواحد بين كل اللبنانين وعلاقة الانسان بالانسان هي الأسمى، ليقدم وهو الشيعي الصافي صورة علاقاته مع المحيط وتنوع هذا المحيط، بمسلميه و ومسيحييه أرقى صورة عن الإنسان الذي اراده موسى الصدر، الانسان الوطني الصادق الخالص المنفتح على اخيه الانسان، هكذا جعل من هذه القيم محور علاقاته مؤمنا وملتزما بعيدا عن التعصب الاسلامي – الاسلامي او الاسلامي – المسيحي، ليكون ايضا صدق صورة حركتنا التي نريد ان تبقى نفسها وان تعمم على كل الوطن. هو بهذا الطريق الاجتماعي والسياسي مشى مع الامام وكان المعين في خدمة الناس، بزرع الأحلام في عالم مليئ بالألغام، امام حياتهم من مدينة الزهراء الى برج البراجنة والحازمية وطريق المطار مع الامام الشيخ عبد الأمير قبلان، دائما يعطي من روحه الى ايدي الناس، نحن نعرف ان ابو رضا التقى بالموت مرارا وضحك، اليوم نكرمه علما من اعلام شبابنا في كهولتهن ونكرم أنفسنا وامامنا القائد.”
وتابع ” اليوم علينا وفي هذه المنطقة العزيزة من لبنان، التي عاصرت وعايشت زعامات تاريخية، كان أبو رضا واحدا من الذين تواصلواوبنوا جسور العلاقات مع منطقة الشوف واقليم الخروب، من كمال جنبلاط وانور الخطيب وكميل شمعون وغيرهم، وكان بيتا وموئلا وموقعا للامام الصدر بالأساس. لذلك نؤكد من هذه المنطقة التي تعكس صورة الوطن الذي نريد كما في هذا الجمع المتميز، على التزامنا ثوابت الوطن ودستوره وميثاقه، التزامنا الثابت والأكيد اتفاق الطائف وبالدستور بعيدا عن خلق اي أعراف جديدة، تضرب ركائز علاقات اللبنانيين مع بعضهم البعض، خصوصا مع محاولات تكريس هذه الاعراف وارساء نماذج جديدة في تطبيق وتنفيذ اتفاق الطائف ووثيقة الوفاق الوطني، وعلينا ان نبقى عاملين بجد ودون كلل، وفي زمن القلق واليأس على ان نحول هذه السلطة التي عكست تطوراتها وازماتها، أزمة نظام، نحو بناء الدولة الحقيقية القوية والعادلة، بمؤسساتها وبالتزام دستورها، الذي يجب ان يبقى الضامن والحافظ والمنظم لعلاقات الناس مع بعضها البعض. اليوم علينا ان نعترف ان السواد الأعظم من اللبنانيين قلق على حاضره ومستقبله، القلق يعم الجميع من المرحلة التي وصلنا اليها، والناس تصرخ على المستوى الاجتماعي وعلى مستوى الهذيان السياسي الذي ادى الى بنا الى نقف بعد ثمانية اشهر من انتخابات المجلس النيابي دون تشكيل حكومة جديدة. لا يعقل ان نبقى بدون حكومة، عندما نقول هذا الكلام لا نريد ان نساجل احد، او التدخل في الأدوار الدستورية لأحد، لكن على الجميع ان يعرف انه منذ اللحظة الأولى اقدمنا على اعتماد مبدأ تقديم المصلحة الوطنية العليا والتراجع عن رفع الأسقف في المواقف من هذا التشكيل، من اجل ان نبادر سريعا الى وضع الامور على طاولة النقاش، كل القضايا التي تهم الناس. نحن اردنا ان لا نحوّل حكومة جديّة وقادرة الى منصة لتبادل الشد السياسي الداخلي حول الحصص والمكاسب الصغيرة. كنا نريد منذ اللحظة الاولى ان لا نتحدث في التشكيل، بل ان نتحدث عن الخطط والبرامج التي يجب ان تطرح على طاولة البحث لهذه الحكومة، من المعيب علينا جميعا ان نبقى نراوح مكاننا في هذه القضية المفصلية في حياة لبنان ووطننا، بدل ان نكون الان وربما قبل اشهر، نبحث في البرامج والخطط التي تعيد بناء وارتباط الناس بدولتهم ووطنهم.”
وقال :”من المهم جدا ان لا نخلط الاستحقاقات السياسية ببعضها البعض وان نترك كل استحقاق في أوانه، وان نناقش على هذا الأساس، وان لا نربط بأذهاننا الموقف من قضية سياسية ما، بما نريد او نطمح اليه على مستوى المستقبل. نحن امام قضية مطروحة اليوم هي القمة العربية الاقتصادية التي ستعقد في بيروت. بصراحة نحن كنا وما زلنا طليعين بالايمان بضرورة العمل العربي المشترك، ومع اجتماع العرب على مصالحهم السياسية والاقتصادية والاجتماعية، ومع تعزيز دور لبنان في هذا المجال، حتى لا يفهم بأي شكل من الاشكال ان هناك موقف من القمة العربية او لقاء العرب مع بعضهم البعض، لكننا وحرصا على انجاح هذا الاجتماع نادينا بالتأجيل حتى يكتمل العقد العربي مع الشقيقة سوريا وحضورها في هذا المؤتمر، وهو امر لا علاقة له بأي مزايدة سياسية، هو موقفنا المبدئي الذي اطلقناه يوم اتخذ قرار الجامعة العربية خلافا لنظامها واصولها بإبعاد سوريا عنها، يومها كان الموقف خارج الاجماع العربي، تماما كما هو اليوم الموقف من تأجيل هذه العودة خارج الاجماع العربي، على هذا الاساس ومن منطلق المسؤولية والحرص على انجاح هذه القمة نادينا بهذا الامر، وهو امر لا نختلف فيه مع احد وتحديد مع فخامة رئيس الجمهورية، وهو ليس موجه الى اي طرف داخلي على الاطلاق، الامر ينبع من ايماننا والتزامنا وتقديرنا العميق لحقيقة وطبيعة ان اي قمة اقتصادية واجتماعية تتعلق بمستقبل العلاقات على هذا الصعيد بين الدول العربية لا يمكن ان تنجح ولا يمكن للبنان ان يستفيد منها بمعزل عن هذه المشاركة. واما ما يتعلق بحضور ليبيا والمشاركة الليبية، فهذا الامر ليس بوجه احد في الداخل على الاطلاق، بل يجب على الداخل المجمع على امامة وقيادة السيد موسى الصدر ان يكون موقفه موحدا من المشاركة الليبية، خصوصا مع اصرار السلطة الليبية الحالية على تجاوز كل الاتفاقات والنقاشات التي دارت بعد سقوط نظام القذافي والتهرب من تنفيذ الالتزامات على هذا الصعيد، الامام الصدر لم يكن يوما اماما لطائفة او مجموعة سياسية، بل كان اماما للوطن كله بمسيحييه الذين آمنوا به ببداياتهم مخلصا، وصولا الى اخر محروم على مساحة الوطن.”
وأضاف ” نحن بموقفنا هذا اننا نعبر عن الاحترام لانفسنا وقياداتنا ورموزنا، ولذلك رفضنا منذ البداية حضور ليبيا، وهذا موقف وثابت ومبدأي بالنسبة لنا. نعم الامام الصدر قدسيته لدينا بقدسية التزامنا الديني والوطني والاخلاقي، نحن الذين ندين لهذا العظيم كما اللبنانيين جميعا بالكثير في حياتنا ووجودنا. اليوم وفي هذه الساعات وعلى مقلب اخر، على مقلب الحدود مع فلسطين، الحدود مع العدو الصهيوني الاسرائيلي، نرى المشهد المتكرر من خرق اسرائيل محاولات خرقها لسيادتنا والتجاوز على حقوقنا من خلال بناء الجدار في المنطقة التي هي للبنان واللبنانيين، نحن اليوم نجدد تعبير التزامنا بالوقوف خلف جيشنا ومقاومتنا في مواجهة اي اعتادء على ارضنا، ما يحصل يعكس طبيعة وصورة الموقف الحقيقي بأن المعركة مع العدو الاسرائيلي هي معركة مفتوحة ودائمةن لأن هذا النظام كان ومازال يتربص بنا وبأرضنا وقوتنا وبالمناعة التي اكتسبناها من الانتصارات التي تحققت عليه. اهمية الموقف اللبناني اليوم اهمية كبيرة عكسها قبل يومين اجتماع مجلس الدفاع الاعلى برئاسة رئيس الجمهورية؛ ونؤكد اليوم على التزام مضامين قراره الثابتة في التصدي بكل الوسائل، السياسية والديبلوماسية والعسكرية على هذا الاعتداء ومواجهته الى اقصى المواجهة متحدين جميعا كلبنانيين.”
قبلان
ثم تحدث المفتي قبلان فقال :”قبل أن نبدأ الموت ومواسم الحصاد مع الحاج أبو رضا الحاج، نبدأ حقيقة (وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ) ومقام (وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا)، لأن هذه مدخل لقول الله تعالى (إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ أَلا تَخَافُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ)، كأساس لتضحيات وجهاد الحاج أبو رضا، الذي قابله الله وقابل الذين عملوا وقدّموا بإخلاص، بقوله تعالى (وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ)، ولا أغالي إن قلت أن العودة إلى زمن الحاج أبو رضا، زمن الخمسينات والستينات وما قبل وما بعد، كان على مستويين أو شقين: الشق الأول: غربة الإيمان والتديّن، رغم أن الدين ثقافة وجود وفلسفة إنسان وطبيعة ومصلحة بشر قبل أن يكون مظهراً اجتماعياً أو بيئة أخلاقية، وهذا يعود للمشاريع التي طرأت على المنطقة والتي شطرت الإنسان بين نزعة السلطة العثمانية والانتداب الفرنسي”.
وأضاف “ولأن كليهما كان يعيش عقدة كره للآخر، واستنزاف الكيانات وسحق البنى الرئيسية لإنتاج ناسنا وبلدنا، لذا وظّف إمكانات غير عادية لإنتاج جيل عدو لإنسانه، لبلده، لوطنه، للقيم الأخلاقية والمبادئ، وزرعوه ضمن هياكل القوة التي أسسوا عليها مزرعة هذا البلد، وكان من نتائجه سحق القيم الحقوقية، والعمل على تمزيق شعب هذا البلد، عبر لعبة الطوائف والمذاهب وغير ذلك. في نفس الوقت الذي منعوا فيه صوت الدين كأساس للشراكة الإنسانية والوحدة الأخلاقية، لأن الدين في فلسفته يعني أنكم لله وأنتم ناسه وخلقه، والأرض أرضه، والكون كونه، وهذا يفترض وحدة مصالح الناس، ووحدة همومهم وإمكاناتهم وشراكتهم بالدولة ومرافقها، ببعد النظر عن الدين والمذهب والطائفة. إلا أن هذا لا يخدم مصالح المحتل أو المنتدب، لذا مزّق بلدنا على مستوى الدستور والقانون، وللأسف ما زلنا نمزّق بلدنا وناسنا وشعبنا أيضاً عن طريق الدستور والقانون.
الشق الثاني: نهضة الإيمان، بنسخة الإمام السيد عبد الحسين شرف الدين، ونسخة الإمام الصدر الذي بيّن أن دين وعي وحقيقة وخدمة إنسان، وشراكة همومه ومنافعه، على قاعدة “الناس للناس”، الناس شركة في البلد والوطن والموارد والإمكانات، وأن الدولة مؤسسة لخدمة إنسانها وليس زعيمها، لخدمة شعبها وليس خدمة السلطان والقائد، لضمان المواطن بكل فئاته وطبقاته، فإذا لم تحقق هذا العنوان صارت مزرعة وليس دولة. هذا هو عقل مشروع الإمام الصدر، وهذا مغزى أطروحة حركة المحرومين، والذي عاينه وشارك فيه الحاج أبو رضا، مشروع صدّر الدين تحت عنوان وظيفة الدين بيان حقيقة الإنسان، من أين، وإلى أين، حقيقة الكون، والغاية منه، وما هي الطريقة الأخلاقية التي تحقق شراكة الناس ومحبّتها وعدالة السلطة وخدمات الدولة ومنع الفساد والاستبداد، وعالم الصفقات وكافة أنواع الظلم والهيمنة السلطوية. تحت هذا الشعار كان الحاج أبو رضا يعيش نتائج سياسات الحقبة العثمانية والانتداب الفرنسي التي حوّلت الشراكة اللبنانية المفترضة إلى طوائف ومتاريس وكراهية على المذهب والطائفة، والذي تحوّل فيما بعد إلى محاور ومدافع وصواريخ ومذابح على الهوية، وفتح الباب بشدّة للعبة الإقليمية والدولية، ما حوّل لبنان إلى ملعب للقوى، ملعب دماء ومقاطعات وفيدراليات طائفية، أورثتنا كمّاً هائلاً من الحقد والكراهية”.
وتابع “كان من نتائج سياسة التوزيع والهيمنة الطائفية مظاهر سرطانية منها مشاريع إلغاء الآخر، وإهماله وتوريعه أحياناً، وإنتاج أجياله على طريقة زبّال وعتّال وماسح أحذية ومنبوذ، ولم يقتصر الأمر على الطوائف بل تجذّر في بيئة الطائفة الواحدة على قاعدة سلطوي وتابع، على الأبواب غني وفقير، متسلط ومظلوم، متنفّذ ومغلوب على أمره، متعلّم وممنوع من العلم، متريث ويائس، وهكذا ورغم الأمل، غاب الأمل غاب الإمام الصدر، وشاهد الحاج أبو رضا بأمّ العين فشل الطبقة السياسية، بإنتاج لبنان الواحد، الشعب الواحد، الهمّ الواحد، العائلة الواحدة المصلحة الواحدة.
وها نحن اليوم نواجه مصيراً سقوطياً مستقبلاً قاتماً، وضعاً اجتماعياً ومالياً ونقدياً سيئاً جداً، ويمكننا القول بأننا اليوم نعيش في جمهورية المصارف وإقطاعية المال، بسبب سياسة المصالح والفيدراليات الطائفية التي حوّلت البلد ملكية خاصة لمن يحكم ومن يملك. لدرجة أن لبنان الواحد عاجز عن إنتاج حكومة شعب واحد، ومصلحة واحدة، خاصة البعض الجديد الطامح، الذي يريد تجيير البلد والمستقبل السياسي الضيّق حتى لو حوّل البلد إلى متاريس ومعابر وأشلاء ومذابح ومقاطعات متناحرة.”
من هنا، نؤكّد أن صبر الناس قد نفد، وجوعهم وسياسات إفقارهم وتمزيقهم ومصادرتهم ومصادرة بلدهم ومواردهم وأرزاقهم وصلت لحد الخيانة، والمطلوب تصحيح الوضع الحالي، وإلا فإن الشعب معنيّ بالتغيير، وكفانا شعارات لأن كثيراً ممن أطلقوا الشعار تحوّلت ضدّه كما أن مزيداً من الاستئثار بالحصص الحكومية، وخاصة حديثي النعمة السياسية يكاد يضع البلد في قعر الهاوية.
وأما بخصوص القمة الاقتصادية العربية، أقول: أصلاً العرب مشاريع شعارات بلا تطبيق، دول ممزقة، سياسات متناحرة، ما جرى في سوريا والعراق، ويجري في اليمن وغيرها من بلاد العرب سببه عداوة العرب للعرب، كما أن خطف الإمام الصدر ورفيقيه حصل بخيانة عربية ومصيره اليوم وكتم المعلومات التي تخصّه بعد سقوط القذافي، سببه دول عربية معروفة، وتواطؤ النظام الليبي الحالي، لذلك لن نقبل بدعوة النظام الليبي إلى لبنان وسنمنعها، ولسنا بحاجة إلى تذكير المسؤولين اللبنانيين بأن الإمام الصدر مصلحة لبنانية رئيسية، وركن تاريخي، وقامة أكبر من وطن، ولن نقبل أن يتجاوز قضيته أحد، عليهم أن يتذكروا أن لبنان اليوم، لبنان الذي هزم تل أبيب والتكفير، واستعاد لبنان، إنما هو نتاج البذرة المقاومة، التي قادها الإمام الصدر وأسسّ لها، ولسنا ممن يفرّط بقادته كما لسنا ممن يترك المغامرين بأخذ البلد إلى أسواق النخاسة من بيع وشراء.
وأعلن المفتي قبلان انه بتوجيه من الإمام الشيخ عبد الأمير قبلان، وبرعاية دولة الرئيس كان يفترض ان يكون هناك تكريم للحاج ابو رضا قبل ايام من وفاته، لكن هذا هو قضاؤنا وقدرنا، فالجامعة الاسلامية وبهذا التوجيه وبهذه الرعاية، اقل ما تقدم الجامعة الاسلامية للحاج ابو رضا ليبقى ذكره متعلق بهذه الجامعة نظرا لاسهاماته، قررت الجامعة جعل قاعة مجلس الأمناء في الوردانية بإسم قاعة الحاج ابو رضا الحاج.
وختم “رحم الله الحاج أبو رضا الحاج، فقد جاهد في الله بصبر ومرارة وتعب طويل، ها هو الآن يحصد ما زرع، والله تعالى يقول له (وَلَنَجْزِيَنَّ الَّذِينَ صَبَرُواْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ)
فواز
ثم القى المحامي فرج الله فواز كلمة اقليم الخروب، فرأى “ان اليوم هو تكريم للحاج ابو رضا وليس تأبينا”، واكد ان الحاج ابو رضا حكمة واغنية وشعر وعنوان.” ثم القى قصيدة من وحي المناسبة.
رئيس البلدية
وكانت كلمة لرئيس بلدية الوردانية المحامي حكمت الحاج فقال : ” وفي الليلة الظلماء يفتقد البدر. اننا نفتقد رجلا من أعز الرجال، رجلا قلما جار الزمان بمثله، وبمثل حكمته وصبره وانفتاحه”، لافتا الى “انه كان من أول الداعمين للمجلس البلدي، حيث كانت وصيته الاساس خدمة جميع اهلنا في الوردانية”، مؤكدا ان المجلس البلدي سيبقى على وصيته في خدمة ابناء البلدة جميعا من اجل ان تكون الوردانية من ارقى البلدات.”
الحاج
والقى شقيق الفقيد القاضي حسن الحاج كلمة وجدانية فتناول فيها تاريخ العلاقات الاجتماعية والاخوية التي ارساها الراحل مع جميع ابناء المنطقة، واصفاه اياه برجل الدين والدنيا”، وعدد خصائله ومزاياه، واكد ان مشوار الراحل الطويل بدأ مع اقليم الإباء والوفاء اقليم الخروب”، واشار الى المحبة التي كان يبادلها اهالي الاقليم للراحل”، كما تطرق الى التاريخ العريق الذي رافق فيه الراحل الامام السيد موسى الصدر”.
نجل الفقيد
وختاما القى نجل الراحل علي الحاج كلمة فقال :” العمر ياوالدي معك لا يقاس بعدد السنين، بل رأيناه يقاس بعدد دقات القلب، انت لم ترحل، فنحن نحفظ لك الامانة والوصية التي كانت خياراتك على مدى مسيرة حياتك”، مؤكدا التزام نهج والده، نهج الامام موسى الصدر المغيب بقيادة حامل الامانة الرئيس نبيه بري”ن مشددا البقاء على العهد وان نجاهد دوما لوحدة طوائفنا ومذاهبنا وان نحافظ على سلمنا الاهلي مهما بلغت التحديات”، شاكر الجميع من الجنوب الى البقاع وبيروت والجبل مواساتهم لنا برحيل فقيدنا الكبير.”
وبعد ذلك اقيم مجلس عزاء حسيني.

 

شاهد أيضاً

مجازر إسرائيل = عدالة السما كتير قوية/دكتور عباس

بسم الله الرحمن الرحيم إَنَّ الَّذِينَ لاَ يَرْجُونَ لِقَاءنَا وَرَضُواْ بِالْحَياةِ الدُّنْيَا وَاطْمَأَنُّواْ بِهَا وَالَّذِينَ …