🛑♨🛑عون لعثمان: تجاوزت الخطوط الحمر
ليبان ن ديبايت – المحرر الامني
فاجأ المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان ضباط المديرية بإصدار برقية اليوم عمد من خلالها الى سحب ثلاث سيارات مواكبة عائدة للمفتش العام العميد جوزف كلاس وحرمانه من مخصّصات البنزين الشهرية، فيما يتداول ضباط السلك معلومة تفيد بأن عثمان يتوجّه الى إصدار برقية أخرى يحرم من خلالها كلاس المخصّصات الشهرية العائدة لقطعته.
القصّة، وفق المعلومات، مسألة تراكمات ومآخذ متبادلة بين اللواء عثمان وبعض أعضاء مجلس القيادة، وعلى رأسهم كلاس، والتي لامست حدّ الأزمة خلال إجتماع مجلس القيادة الأخير في 13 تشرين الأول الماضي.
الكيمياء مفقودة حتماً بين اللواء والعميد المقرّب من رئيس الجمهورية ميشال عون والوزير جبران باسيل، لكن إجتماع “13 تشرين” تكفلّ بنسف الجسور بين الضابطين.
ففي هذا الاجتماع، وخلافاً لرغبة معظم أعضاء مجلس القيادة، وقّع المدير العام قرار تمديد “أمر فصل” الضباط، الذي كانت ستنتهي صلاحيتُه في 22 تشرين الاول، وذلك تحت عنوان “تسيير المرفق العام وإستمرارية المؤسسات”، وبسبب العجز عن ايجاد التوافق السياسي لإجراء تشكيلات عسكرية عامة.
لكن القرار واجه رفضاً من 7 ضباط من قادة الوحدات من أصل 11 في مجلس القيادة وهمّ الى كلاس: رئيس الاركان العميد نعيم شماس، قائد الدرك العميد مروان سليلاتي، قائد القوى السيارة العميد فؤاد خوري، قائد جهاز أمن السفارات العميد وليد جوهر، العميد فارس حنا (الخدمات الاجتماعية)، ، وقائد الشرطة القضائية العميد اسامة عبد الملك (درزي).
وقد رأى هؤلاء أنّ عثمان يرتكب مخالفة قانونية بتوقيعه قرار تمديد أمر الفصل مع تجاوز رأي مجلس القيادة، خصوصاً أنها كانت المرة الأولى التي يمدّد فيها “فصل جميع الضباط المفصولين حتى إشعار آخر”، فيما أشار القرار الى أنه “يطبّق الى حين إجراء أمر نقل إجمالي وفقاً للأصول”.
وقد طالب الضباط المعترضين بإصدار أمر نقل عام من خلال إقرار تشكيلات بالأصالة هي عملياً متوقفة منذ العام 2004، ويستعاض عنها منذ ذلك الوقت بأوامر فصل.
وما زاد الطين بلة “تزعّم” كلاس ما يشبه “جبهة معارضة” كانت تحاول، بغطاء من عون وباسيل، إستعادة بعض المراكز الأمنية في المديرية لصالح المسيحيين بسبب وجود تفاوت عددي في هذه المواقع مع الضباط المسلمين.
وقد أدى سوء العلاقة بين عثمان وكلاس الى انتقال هذا الملف لاحقاً الى قائد الدرك العميد سليلاتي الذي يتولاه الى جانب النائب العوني أسعد درغام والقيادي في “التيار الوطني الحر” جوزف صليبا.
لاحقاً أدّت المذكرة التي أصدرها عثمان في 28 تشرين الاول الماضي والتي عَدّل من خلالها التعليمات العسكرية بحيث ينوب عنه عند غيابه “الضابط الأعلى رتبة الذي يتبع للمدير العام” الى أزمة داخل المديرية.
وكان المقصود في البرقية، بشكل مباشر، العميد كلّاس الذي يخوض مواجهة مباشرة مع عثمان حول التشكيلات العسكرية واستعادة بعض المواقع في السلك لتصبح من حصة المسيحيين.
وكَون المفتش العام يخضع لوزير الداخلية، فقد حرمته هذه المذكرة من ممارسة صلاحيات المدير العام بالوكالة عند غيابه، فأصبح العميد فؤاد خوري هو من يتولى صلاحيات المدير العام عند غيابه، مع العلم أنه من الضباط الذين رفضوا التوقيع على برقية الفصل في إجتماع 13 تشرين الأول.
وهذا الواقع دفع كلاس الى تجاهل كافة المعاملات الواردة من العميد خوري، عند سفر عثمان، كون الأخير أدنى رتبة من كلاس، ولا يمكن أن يأتمر بتعليماته.
ولم تنفع توضيحات كلّاس في إقناع المدير العام “بأنّ المفتش العام يتبع عملانيّاً وزير الداخلية، لكن إدارياً يتبع المدير العام في كل المعاملات الخاصة بقطعته”، وبأن قرار اللواء مخالف للقانون.
وفيما يتيح القانون لأي ضابط الاعتراض على أي قرار أو إجراء بحقه خلال مدة شهرين، فقد دخل خلال هذه الفترة على الخط وسطاء من جانب المرجعيات السياسية المحسوب عليها كلاس من رئيس الجمهورية ونزولاً، وصولاً الى الإجتماع الذي عقد قبل أيام في مكتب اللواء مع النائب درغام والعميد سليلاتي، لكن عثمان أصرّ على رأيه.
وهكذا إنتظر العميد كلاس إستنفاد كل المهلة التي كان بالإمكان معالجة الأزمة فيها “بالسياسة”، وتقدّم في اليوم ما قبل الأخير في 27 كانون الأول الماضي بشكوى ضد القرار الصادر بحقه أمام مجلس شورى الدولة كونه الجهة الصالحة للبت بالقرارات الإدارية.
خطوة كلاس أثارت غضب عثمان، ولم يتردّد طوال الفترة الماضية، وبتأكيد ضباط في المديرية، في إستهداف كلاس مباشرة من خلال العديد من الممارسات، ووصل الأمر الى حد إرسال رسائل مباشرة اليه عبر بعض قادة الوحدات بأنه سيحرمه من مخصّصاته إذا لم يتراجع عن شكواه.
وكان ردّ كلاس الواضح على عثمان “تراجع أنت لأتراجع أنا”. مع العلم أن كلاس حرص طوال الفترة الماضية على التأكيد بأنه لم يتقدّم بشكوى شخصية ضد عثمان، إنما ضد قرار إدراي ظالم بحقه.
ويؤكد متابعون أن قرار عثمان الاخير الذي حَرَم من خلاله كلاس من سيارات موكبه (بقي بحوذته تلك العائدة للمفتشية العامة) ومن مخصّصات البنزين قد أتى بالتزامن مع تلقيه جواباً أو رداً من مجلس الشورى لكن لم يعرف محتواه.
ووفق مصادر مطلعة، فإن عون مستاء جداً من اللواء عثمان بسبب الإجراء الأخير الذي اتخذه بحق كلاس، وقد أبلغه، عبر وسطاء، ما مفاده “أنك تجاوزت الخطوط الحمر”.
أما قادة الوحدات فمعظمهم بدا مستغرباً لهذه الخطوة، وشعروا بأنه بمثابة “إنذار بأن قائد الوحدة، وما يعنيه هذا الموقع من رمزية في الهرمية العسكرية، ممكن أن يكون بأي لحظة عرضة لهذا النوع من الممارسات التي تسئ الى الموقع والضابط الذي على رأسه”.
واللافت ان عثمان الذي بدا في الآونة الأخيرة تحت مجهر الإتهام بسبب خضوعه لضغوط سياسية تمنعه من إعطاء الإذن للقضاء لملاحقة ضباط بتهم فساد، فأنه آثر فتح “باب مشكل” إضافي، وهذه المرة مع رئيس الجمهورية، مع العلم أن قرار مجلس الشورى قد ينصف العميد كلاس.. أو يخسّره معركة بوجه عثمان.