بعد سلسلة قرارات ازالة البلوكات الاسمنتية عن الطرقات، سيطر جو ايجابي في البلد حول المناخ الامني الايجابي السائد، الحملة التي بدأتها وزيرة الداخلية ريا الحسن بازالتها بلوكات الاسمنت من امام وزارة الداخلية، وواكبتها اعلاميا مراسلة قناة الجديد راشيل كرم، ادت الى تساقط “المناطق الامنية”لبعض المسؤولين السياسيين في بيروت تباعا.
الحملة كان لها بالطبع تأثير ايجابي عمومي حول استباب الامن في بيروت، وآخر خصوصي له علاقة بتحسين السير موضعيا امام المواطنين الذين يسلكون هذه الطرقات، ورغم ان هذه الخطوة الايجابية كان لها اصداؤها، الا انها ليست الاولى من نوعها، كلنا يذكر ما سمي “المربع الأمني” لحزب الله والذي كان قائما في الضاحية الجنوبية لبيروت قبل عام 2006، وكلنا نذكر ازالة الحزب لكل البلوكات الاسمنتية التي كانت في المنطقة هناك بعد حرب تموز، فرغم الاوضاع الامنية الدقيقة للمقاومة في مواجهتها المستمرة مع العدو الاسرائيلي، الا انها لم تمنع الحزب من هذه الخطوة التي لم تلق حينها جزء يسيرا مما نراه من اهتمام اليوم.
الا ان خطأ شائعا يسود اليوم مع النشاط الذي تشهده حملة ازالة البلوكات، يرتكز على الخلط بين هذه البلوكات وبين الحواجز الامنية التي تنتشر في بيروت، واذا ما جلنا على مداخل الضاحية، نرى انتشار الحواجز الامنية للدولة بشكل ظاهر بات يألفه سكان هذه المنطقة، هذه الحواجز التي استحدثت بعد ان تعرضت الضاحية لعدة تفجيرات ارهابية.
الحواجز الامنية هذه، كان لها الى حد ما دور فعال في حماية الضاحية، ولعل ابرز مثال يخطر بالبال هو حادثة التفجير في الغبيري، والتي بفضل حاجز الامن العام اللبناني، وبسالة وتضحية الشهيد في الامن العام المفتش اول عبد الكريم حدرج، تم انقاذ المنطقة من مجزرة محققة،ورغم التأفأف الشعبي مما تحدثه هذه الحواجز من ازمة سير، لاسيما في الاوضاع الامنية المستتبة اليوم، يبقى موضوع ازالة هذه الحواجز الامنية رهنا بقرارات المسؤولين الامنيين ومعطياتهم الامنية.
وفي هذا السياق، يبرز الحديث عن حواجز امنية اخرى تعنى بامن بعض المسؤولين الامنيين والمؤسسات العسكرية والامنية، والتي لا يمكن باي منطق ان تشملها حملة ازالة البلوكات، كالمديرية العامة للمخابرات والامن العام وامن الدولة ومراكز قوى الامن الداخلي و الثكنات العسكرية وقصر بعبدا اضافة الى مساكن المسؤولين الامنيين، فهذه الاماكن، لا جدل حول تعرضها لمخاطر امنية محدقة، نتيجة طبيعة عملها الامني ضد الارهاب، وحفظ الامن في البلاد، وهنا يبرز الجدل الحاصل الذي اثارته مراسلة الجدبد راشيل كرم، حيث تحدثت في تغريدة لها عن منزل مدير عام الامن العام عباس ابراهيم.
الزميلة كرم ختمت تغريدتها بالقول ان “الامن ليس بالحواجز”، وهو تعبير غير موفق، فقد يكون الامن بمجمله ليس بالحواجز فقط، ولكن الحواجز الامنية هي جزء من استراتيجية عالمية موجودة في كل دول العالم، وربما تفجير الغبيري خير مثال على هذه الاستراتيجية لبنانيا.
اما بالعودة لمنزل اللواء ابراهيم، فان الحاجز هناك لا يقفل طريقا رئيسيا ولا حتى فرعيا بالمعنى العام، حيث ان الحاجز يتمركز مباشرة امام البناء في طريق لا يسلكه الا سكان البناء، فهو بالتالي لا يحدث ازمة سير،هذا ثانيا، اما اولا فهو موجود لضمان سلامة مدير عام الامن العام، وهنا لا حاجة لذكر المخاطر الامنية المحدقة بالرجل من جراء مركزه ومعاركه الطويلة والمستمرة مع الارهاب بحكم مهامه.
مشكورة جهود الاعلام في موضوع حملة ازالة البلوكات، ولكن من الضروري عدم الوقوع في الالتباس بين ما هو ضرورة امنية كالحواجز الامنية، وما هو حمل زائد على ازمة السير اليومية، فلا ازالة البلوكات الاسمنتية ستحل ازمة السير المزمنة، والتي تحتاج خطة سير معقدة، ولا الخلط بتضمين الحملة ازالة الحواجز الامنية سيزيل التهديد الامني
فلنترك الامن لرجاله، ونبعده عن الضغوطات الاعلامية، واذا ما كان لا بد من ايجاد هدف اعلامي جديد لحملة ازالة البلوكات الاسمنتية، فان السفارة الاميركية في عوكر خير هدف، اللهم الا اذا كنا نعترف بحق الاميركيين في امنهم اكثر من حق المسؤولين الامنيين اللبنانيين فيه.
يقول المثل “الوقاية خير من قنطار علاج”، فبين احتمال تعرض اللواء ابراهيم لتهديد امني اذا ما ازيل الحاجز الامني من امام منزله، وبين وجود هذا الحاجز في موضعه دون ازعاج لحركة السير في الطرقات العامة، من المؤكد ان خيار جيران اللواء المعنيين بالموضوع، سيكون لصالح سلامة اللواء وبقاء اجراءاته الامنية.
شاهد أيضاً
إسرائيل تخترق الإلكترونيات كما الهواتف والفايسبوك والإتصالات/ الدكتور عباس
عملية مار إلياس ليست استهدافًا بريئًا لمحال إلكترونيات. بل هو بكل بساطة : إعدام-لجهاز-أرادت-له-الفناء. لن …