كتب عماد مرمل في صحيفة “الجمهورية” تحت عنوان “ما لا تعرفونه عن جلسات الموازنة… وغرائبها!”: “أما وقد تمّ إقرار مشروع الموازنة في مجلس الوزراء، بعد نحو 20 جلسة عُقد معظمها في السراي الحكومي، فلا بأس في الإضاءة على كواليس تلك الجلسات وتظهير الصورة الحقيقية لما كان يدور في داخلها، تبعاً لأقوال بعض “الشهود” من الوزراء.
صحيح أنّ النقاشات استغرقت وقتاً طويلاً وتخللها كثير من الأخذ والردّ، لكن يبدو أنّ “البطولة” في هذا المسلسل كانت معقودة لعدد قليل نسبياً من الوزراء، فيما توزّع الآخرون بين الأدوار الثانوية و”الكومبارس”.
وكان “التفوّق” واضحاً في المداولات لبعض “قدامى” الوزراء، من الذين شاركوا في حكومات متلاحقة وتعاقبوا على وزارات عدة، فاكتسبوا من التجربة والخبرة ما منحهم “أرجحية” في النقاش الاقتصادي- المالي، خصوصاً عندما كان يتخذ أبعاداً تقنية.
كذلك، فإنّ طبيعة الاختصاصات العلمية للوزراء أدّت دوراً في إعطاء “الأفضلية” النسبية للآتين من عالم الأعمال والمال على حساب المتخصّصين في مجالات أخرى.
ووفق انطباعات “شهود العيان” في الحكومة، فإنّ الرئيس سعد الحريري كان “الحَكَم” الذي فتح باب النقاش على مصراعيه، وتحلّى بالبال الطويل والصبر الكبير، محاولاً تدوير الزوايا واحتواء الخلافات بين مكوّنات حكومته، لكنه كان يتخلّى عن “استرخائه” عند المَسّ بأمور تهمّه على الصعيدين الاقتصادي والمالي.
أما في عنقود الوزراء، فإنّ علي حسن خليل وجبران باسيل لعبا في خط الهجوم، وكانا الأكثر استحواذاً على “كرة” الموازنة في الفريق الحكومي، الأول بحكم كونه وزير المال، والثاني بحكم خبرته المتراكمة. ويروي أحد الوزراء انّ خليل بدا متمكّناً بقوة من ملفه، يعرف كيف يسوّق فكرته ويفكّك الفكرة التي لا تعجبه، فيما ظهر باسيل وكأنه كان يشارك الحريري في إدارة الجلسات، “محترفاً” في مقارعة التفاصيل وساعياً الى الإمساك بزمام المبادرة عبر طروحاته.
وبرز محمد فنيش “ضابط إيقاع” و”سوبر وزير”، مستفيداً من تجربة غنية في الحكومات المتعاقبة التي كان يمثل “حزب الله” فيها. خلال مناقشات الموازنة كان باله طويلاً، لا يُبارح هدوءَه المعروف سوى عند الضرورة، يميل الى المتابعة الدؤوبة، ويحرص على التدخلات المدروسة لتصويب مسار البحث، بالتعاون مع زميله محمود قماطي”.