كلنا يسمع المثل القائل *”حاميها حراميها”* .. أي أن الموكَل إليه حماية حقوق و جيوب و كرامات المواطنين ، أصبح هو من يصادر و يتاجر بهذه الحقوق ، حتى بات المواطن الأعزل بلا حيلة أمام هكذا واقع مزري يدعو للسخرية و الحيرة !
*الحرامي* هنا ليس من أهل السياسة او التجارة أو المؤسسات أو الشركات ، أو على الأقل كما كنا نتوقع ، بل إن هذا الحرامي هو حامل لواء حقوق الانسان و رافع شعار مساعدة من لا مساعد له ، ما يجعل من ذنبه هذا ذنباً مضاعفاً .
إنها *المنظمات الإنسانية* !!
بقلم: محمود المصري
———————
أول ما يتبادر الى ذهن أحدنا عند قول *منظمات إنسانية* أو *جمعيات حقوقية* ، هو إحترام حقوق العامل و توفير شروط لائقة من كل الجوانب _الصحية و القانونية و الاجتماعية و الاقتصادية و غيرها_ .
على اعتبار أنها أُسِّست لهذا الغرض و لحماية الحقوق المهدورة للمواطن العامل في خارجها ، و أنها معنية أولاً و آخراً بالموظف لديها كإنسان يجب إحترام كافة حقوقه المدنية ، البسيطة قبل المعقدة .
لكن ما يحصل في أيامنا هذه ، و على غرار باقي المؤسسات ، فقد تحولت هذه المنظمات الى *مزرعة* لا يحكمها سوى شريعة الفساد و دستور الواسطة و قانون الربح و الخسارة و المال ثم المال .
هل من أخلاق من يحامي عن الانسانية ، أن يصرف عدداً من موظفيه تعسفياً دون وجه حق ، مع علمهم المسبق بحاجة هؤلاء للعمل ، و أن أكثرهم على عاتقه ديون و قروض و مستحقات لمصارف و أشخاص !؟
هل من الطبيعي أن تسمح هذه المنظمات بتجاوز القانون ، و سماحها *مع علمها و رضاها* بتوظيف أشخاص يقومون بتزوير أوراق رسمية مثل *دفتر السواقة* و غيرها ؟!
هل يُعتبر منطقياً توظيف أشخاص متقاعدين عن العمل من وظائف رسمية ؛ أي أنهم قبضوا تعويضات نهاية خدمتهم و ما زالوا يحصلون على مرتباتهم الشهرية ؛ دوناً عن الشباب العاطلين عن العمل المحتاجين لأدنى فرصة توظيف !؟
هل ما وصلت اليه هذه المنظمات هو المحسوبيات ، التي تدخل في معظم شؤون هذا البلد ؟!
أم أنها تحولت الى مؤسسة تتوخى الربح و لا شيء سواه ، و تفتش عن شتى الوسائل التي تزيد من ثرواتها ، و تقلل من مصاريفها ..
كإبقائها على الموظف “المتقاعد من وظيفة رسمية” لأنه مضمون و لديه تأمينه الصحي و الاجتماعي و ليست بحاجة لدفع مصاريف تأمينه و طبابته و عائلته !!
أم القصة أنها مطمئنة أنه ما من حسيب ولا رقيب يسألها ماذا تفعل و لماذا و من أين لها هذا !؟
يبقى السؤال الذي يُطرح دائماً و أبداً ، هل سنحظى في وطننا لبنان ؛ البلد الذي تفوق فيه عدد *الحراميين* عن ٤٠ ؛ بيوم يكون فيه صوت الحق هو العالي ، و يكون فيه كل المواطنين سواء حاصلين على حقوقهم ، يعيشون فيه دون التفكير في هجرته .