تحت عنوان أين أصبحت قضيّة العميل الفاخوري؟، كتب محمد نزال في “الأخبار”: أين أصبحت قضيّة عودة العميل الإسرائيلي عامر الفاخوري إلى لبنان؟ مضى نحو شهر على إثارة الأمر. هو اليوم قيد التوقيف، لكن على أيّ أساس قانونيّ رست القضيّة؟ هل هناك مَن يُراهن على تراجع الاهتمام الشعبي، وعلى خفوت ردود الفعل الغاضبة، وهذا طبيعي أن يحصل بمرور الزمن؟
مصادر قانونيّة ذكرت لـ”الأخبار” أنّ الفاخوري بات جاهزاً للاستجواب مِن قبل قاضية التحقيق العسكريّة، نجاة أبو شقرا، بعدما استكملت الاستماع إلى عدد مِن الشهود (مِن الأسرى المحرّرين وسواهم) منتصف الأسبوع الماضي. هي تحضر إلى مكتبها أيام الثلاثاء والأربعاء والخميس.
المتابعون يتوقّعون أن يكون اليوم، الثلاثاء، هو يوم الاستجواب الأوّل للموقوف.
لم يحصل بعد أن خضع الفاخوري لتحقيق في العمق معه، وعندما أثار موكلوه مسألة سقوط الحكم القضائي الصادر بحقه بفعل تقادم الزمن، كان يُمكن أن يُصبح، نظريّاً، جاهزاً لأن يُطلق سراحه.
كان يُتوقّع أن يأتي بعد حملة «حقوقيّة» تطلقها الولايات المتّحدة، لكون العميل يحمل جنسيّتها، تحت عنوان |توقيف تعسّفي| وما شاكل.
كلّ ذلك نتيجة خلل القوانين اللبنانيّة وعدم تطويرها وفق الاتفاقيات الدوليّة الموقّع عليها. بالفعل، ربّما لأمكن إطلاق سراحه لولا الكثير مِن الإخبارات التي قدمّت أخيراً ضدّه إلى القضاء، وبعضها شكاوى مباشرة مِن متضرّرين منه.
هكذا، كان يمكن إطلاق سراح الفاخوري لولا أن تفطّن المحامي معن الأسعد، وكيل أسرى محرّرين، إلى أن الفاخوري ينطبق عليه فعل الإخفاء القسري وحجز الحريّة بحقّ الأسير في معتقل الخيام، علي حمزة، الذي لا يُعرف مصيره إلى اليوم. تقدّم بأوراقه هذه، المدعّمة بالشهادات (والشهود الذين استمعت إليهم القاضية)، فأحكم بذلك الطوق القانوني حول عنق الفاخوري.
يُسجّل هذا للمحامي الأسعد، في بلاد يضطر فيها أحدنا إلى اجتراح العجائب القانونيّة للتمكن مِن توقيف عميل، وأيّ عميل، هو أحد أبرز جزّاري معتقل الخيام. الأسير حمزة، الذي اعتقل في ثمانينيات القرن الماضي، لا يزال اسمه مدرجاً في القيود اللبنانيّة أنّه على قيد الحياة.
مَن يقول إنّه قتل، جازماً، لا يمكنه أن يجزم بمكان جثّته. أما الشهادات على أنّه يمكن أن يكون حيّاً، إلى اليوم، فهي قويّة ومدعّمة بالمعنى القانوني. الفاخوري هو من أمر بتعذيبه على عمود الكهربا، معلّقاً، وهو من أمر بإنزاله عن العمود بعد التعذيب (إضافة إلى شتمه في تلك اللحظة). آنذاك، سمع بعض الأسرى حمزة يتكلّم، كان يذكر أولاده، أيّ إنّه كان حيّاً، قبل أن يُنقل بواسطة سيّارة إلى خارج المعتقل. ظلّ اسمه يُردّد في تعداد المعتقلين، بحسب الشهود، إلى حين تحرير جنوب لبنانوخلع أبواب المعتقل وتحرير من بداخله عام 2000. هذا السرّ يعرفه الفاخوري. عليه أن يعترف ويدلي بما لديه، وعلى القضاء أن يتعامل معه كخاطف، كآمر في معتقل أخفى مصير رجل لا يزال أبناؤه إلى اليوم يطالبون بمعرفة مصير والدهم.