الواقع برس سينفرد وعلى مراحل بنشر تاريخ لا يعرفه الا القليل من جيلنا عن الإمام المغيب موسى الصدر و رفاقه وكل من شاركه مراحل نشأته وكفاحه. بالإضافة إلى صور نادرة جدا.
سأل أحدهم عن الشيخ سليمان اليحفوفي وعن علاقته بالسيد موسى الصدر فكان الجواب:
سؤالك في محله، وحقك أن لا تكون قد سمعت بذلك التاريخ المشرق للشيخ سليمان اليحفوفي. لأن الشيخ سليمان اليحفوفي تاريخ مغيب.
وإليك القصة باختصار:
في أواخر ستينات القرن الماضي لم يكن السيد موسى الصدر معروفا في غير منطقة صور، ولم يكن له أي قوة أو سند. وفي أحد الأيام نشرت الصحف صورة امرأة مدعية أن السيد الصدر قد تحرش بها.
و في تلك الأثناء لم يكن الشيخ سليمان اليحفوفي يعرف السيد موسى الصدر، ولم تكن تربطه به أي رابطة. ولكنه حين رأى الصورة والخبر على صفحات الجرائد صدمه ذلك -أي نشر الخبر في الصحف- وعلم أن المراد هو تشويه صورة أحد علماء الدين و تشويه صورة العمائم.
عندها أجرى اتصالاته وعلى وجه السرعة مع فعاليات مدينة صور واطلع على التفاصيل والأسباب الداعية الى تشويه صورة هذا السيد غير المعروف. و في تلك المرحلة، كان الشيخ سليمان اليحفوفي هو مفتي بعلبك والرجل القوي والحاضر على مستوى جميع الشؤون العامة والخاصة وعلى مستوى القضايا الكبرى والمحلية، ولعلّه كان أبرزعلماء لبنان في تلك المرحلة.
فضرب موعدًا للذهاب إلى صور، وحَشَدَ عائلات وعشائر منطقة بعلبك، وطلب منهم ان يرافقوه مع كامل أسلحتهم. وكان سابقًا يُحرّم على الناس إطلاق النار في الهواء ويَحضٌّهم على توفير الرصاص لمواجهة العدو الصهيوني، إلا أنه طلب من الناس وعند وصولهم إلى صور وإلقاء خطبته أن يشعلوا سماء صور بالرصاص.
وفي اليوم المحدد احتشد الناس في موكب لا تكاد تعرف له بداية ولا نهاية، وقادهم الشيخ سليمان اليحفوفي إلى صور-ويوجد هنا بعض التفاصيل عن الطريق واعتراض حواجز الجيش للموكب، يضيق المجال عن ذكرها-.
وإذا أردت إطلاق تسمية على ذلك اليوم، وعلى طريقة أهل السياسة، فيمكنك تسميته بـ:
((يوم الزحف المقدس)).
وإلى يومك هذا يحدّثك سكان صور عن ذلك اليوم التاريخي المهيب. حيث كان أول الوفد قد وصل إلى حسينية الإمام الصادق(عليه السلام) في صور، بينما يمتد آخره إلى ما وراء منطقة البص على طريق بيروت. وأخبرني البعض قائلا باللهجة اللبنانية: “وفد سيارات طوييييل.. الطرقات بصور كلها تسكرت، وبين سيارة وسيارة ما بيقدر الإنسان يدعس”.
وباختصار ألقى الشيخ اليحفوفي خطابا جاء فيه:
((إن اليد التي تشير إلى السيد موسى الصدر، سوف نقطعها من الكتف)).
وهنا ملأ الرصاص سماء صور.
وبهذا وَأَدَ الشيخ اليحفوفي الحركة الدعائية المسيئة لسمعة السيد موسى الصدر في مهدها.
وبعد ذلك قامت الصلة بين الرجلين، ودعا الشيخ اليحفوفي السيد الصدر إلى بعلبك في عيد الغدير، فألقى سماحة السيد موسى الصدر خطبة، جاء في مطلعها:
((شاركتمونا في آلامِنا، ونشارككم في آمالكم..)).
تلك كانت بداية القصة وانطلاقة المسيرة، حيث تعاون الرجلان، وبدأت نهضة تلك المرحلة، والتي كان الأساس فيها هو الشيخ سليمان اليحفوفي (رحمة الله عليه)، ثم تتالت المنجزات كتأسيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى، وغير ذلك من أمور كثيرة تحتاج لتسليط الضوء عليها، وإخراجها إلى النور، لكي لا يبقى تاريخ منطقة بعلبك، وتاريخ الشيخ سليمان اليحفوفي تاريخا مغيبا.