أخبار عاجلة

الانتحار شَّجاعة أم ضّعف؟؟

مع ارتفاع نسبة الانتحار في لبنان و تعدد اسبابه تلين انه بين الفينة والفينة، نسمع عن أشخاصٍ انتحروا وأنهوا حياتهم في لحظة غياب الأمل، وتزايد الصّعاب عليهم، إلى درجةٍ يصبح الموت في نظرهم خياراً وحيداً، يخلّصهم من مآسيهم، ويضع حدّاً لعذاباتهم الّتي لا يرون لها نهاية!

وكثيرًا ما نسمع جدلًا حول الانتحار؛ هل هو وهن وجبن وضعف، أم قوّة وشجاعة؟ هل هو يأس  أم هو قرار بوقف نزيف الألم بعد أن تكون الأمور قد وصلت إلى حدٍّ لا يحتمل؟

ولو أنَّ كلًّا منّا أنهى حياته في لحظة ضعفٍ ووهن، لأنّه مرَّ بأوقات ضاقت الدّنيا في عينيه، وشعر بالاختناق نتيجة ضيق الأفق، ولأنَّ ما كان يواجهه من آلامٍ وصعابٍ أكبر من قدرته على الاحتمال، لما بقي منّا في هذه الدّنيا إلّا القليل.

إنَّ الحياة لتمتلئ بالصِّعاب والآلام والعقبات والأزمات، خصوصا واقع الحياة الاجتماعية في لبنان

وقد لا يكون منّا من لم يلعنها يومًا، ويتمنَّ لو أنَّه لم يأت إلى هذا الوجود، ولكنّنا في النّهاية نتجاوزها، ونرى أنفسنا في أماكن أجمل، وظروف أحسن، وننتقل من عتم اليأس إلى نور التّفاؤل والأمل، ولو تكرّر الوجع، لتحمّلنا من جديد، وعملنا على أن نتخطّاه، فهذه هي الحياة؛ يسر وعسر، حزن وفرح، أحيانًا تقهرنا الظّروف وأحيانًا نقهرها، ولكن لا بدَّ للحياة من أن تستمرّ، لأنّها أغلى وأثمن من أن ننهيها بأيدينا، مهما كان ما نواجهه صعبًا.

لكلٍّ وجعه وظروفه، ولكنّها الحقيقة الّتي علينا أن لا نتجاهلها؛ وهي أنَّ الحياة لا تقوم على مسارٍ منبسطٍ دائمًا، بل هي عبارة عن طلعات ونزلات، عن انبساطات وتعرّجات، قد يكون بعض تعرّجاتها قاسيًا أكثر من المعتاد، ولكنّه لا ريب سينتهي إن نحن وثقنا بقدراتنا، وآمنّا بأنّ كلّ ما له بداية ستكون له نهاية.

وكما يقول منطق الأمور، وكلّ ألم ومأساة ووجع سيكون له حدّ حتمًا.

والله سبحانه لم يتركنا ليأسنا وألمنا وإحباطنا وقنوطنا، بل ساندنا دومًا، ودعانا إلى أن نثق به، ونتَّكل عليه، ونؤمن بأنَّه سيشقُّ لنا من وسط الصّخور منفذًا، وهو القائل لنا: {فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا* إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا}،

والقائل: {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللهِ}،

{وَلاَ تَقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيماً}،

{وَلاَ تَيْأَسُواْ مِن رَّوْحِ اللهِ إِنَّهُ لاَ يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ}.

ليس في الانتحار شجاعة أبدًا، وإن تفلسف المتفلسفون، فالشّجاعة الحقيقيّة هي أن نحيا، أن نحمي حياتنا من الموت العبثيّ هربًا من المواجهة، الشّجاعة أن نكون أقوياء في الحياة وليس في الموت، الشّجاعة أن نواجه ولا نسمح لشيءٍ بأن ينتصر علينا وعلى إرادتنا، وبالإيمان ننتصر وننجو.

ومع ذلك نامل ان يكون لسبب نسبة ارتفاع الانتحار في لبنان حل ولو بسيط عبر تنشيط جمعيات مختصة ومتعاونه مع وزارة الشؤون الاجتماعية عبر  متطوعين يبحثون بدراسات عن اسباب هذه الآفه الخبيثه والعمل على استأصال اسبابها.

إنّ الآراء الواردة في هذا المقال، لا تعبّر بالضّرورة عن رأي الموقع، وإنّما عن وجهة نظر صاحبها.

شاهد أيضاً

ورشة إسعافات أولية للإعلاميين والناشطين/ المراسل الميداني جواد

نظَّمت مستشفى الشيخ راغب حرب الجامعي ، ورشة إسعافات أولية للإعلاميين والناشطين في مبنى التدريب …