شكّل مهرجان “الحركة التصحيحية” لحزب “البعث العربي الاشتراكي” في عرسال علامة فارقة، بعد انقطاع طويل من احياء هذه المناسبة منذ شباط ٢٠٠٥، وما اعقبها منذ اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري.
فقد حضر أعضاء قيادات الحزب من الشمال وصولا إلى عكار والجنوب والبقاع والجبل، حيث ظهرت في الاحتفال وجوه غابت منذ زمن بعيد او كانت تتحاشى الظهور في هكذا احتفالات ومناسبات مؤيدة لسوريا وخط المقاومة وقوى الثامن من آذار، والاحتفال اثبت ان عرسال طوت مرحلة من ماضيها الأسود ومعاناتها مع التشدد الاصولي ومرحلة التهجير والتكفير، من خلال حضور شباب انضموا حديثا لمسيرة الحزب، وقد تميز حضورهم بالحيوية والهتاف والتصفيق الحار مع كل مناسبة
هذا الحضور اللافت سبب انزعاجا لبعض القوى السياسية في موقع الخصوم مع الحزب، وهذا ما لاحظه المتتبع على وسائل التواصل الاجتماعي من تغريدات لبعض السياسيين والمؤيدين لهم لمن هم في مواقع الخصومة، وقد عبرت هذه القوى عن انزعاج حقيقي غاب لفترة طويلة، وقد ظهر من خلال جهد لم يتجاوز عمره العام الواحد، بعد عشرات زيارات العمل والمتابعة لمشاكل وقضايا عرسال، وقد أسهم حزب البعث بحل بعضها في سوريا وفي لبنان.
امين عام حزب البعث علي يوسف حجازي كان واضحا من خلال كلمته التي القاها، وهو العارف بمشاكل وشؤون وشجون ومطالب عرسال الانمائية ، ويضع ضمن اولوياته الوضع الصحي المتفاقم، وضرورة بناء مستشفى كي لا يموت المريض وهو في طريقه الى أقرب مستشفى في بعلبك او الهرمل، بحيث يبعد أقرب مستشفى عن عرسال مسافة ٤٠ كلم، بالإضافة إلى مطلب استحداث دائرة نفوس، وحل المشاكل العالقة حول ملكية الأراضي الحدودية المتنازعة عليها مع الجارة سوريا واولوية اعادة فتح ملفات المحاكمات…. وهي قضايا اساسية وذات أولوية لدى أهالي عرسال.
تبين من خلال المهرجان، ان حجم البعث في عرسال هو احد القوى الثلاثة الاساسية الفاعلة في البلدة لناحية التنظيم، وتبين أيضا ان الحزب هو في موقع المرحب به، من خلال الحضور الكثيف والمشاركة من قبل أبناء المدينة الذين يريدون من خلال هذه العودة إرسال رسائل ود إلى سوريا، التي كانت وما زالت تربطها بعرسال قضايا وطنية وحدود جغرافية مفتوحة هي الأكبر، ومن خلال المعابر التي تربط عرسال بسوريا واكبرها معبر الزمراني الذي يربط عرسال بقرى القلمون الغربي.
رسالة عرسال عبر “البعث” الى سوريا وصلت، وتبيّن إن هناك مراجعة قد جرت وأن عرسال قد اسدلت الستارة عن حقبة لا افرادية من تاريخ البلدة يوم اجتاحها التكفير.
المهرجان ان دل على شيء، فقد دل على أن هناك مراجعة سياسية قد جرت، وهناك الكثير من الأسئلة التي تطرح حول انتخابات البلدية المقبلة من خلال الحضور اللافت لبعض الوجوه الطامحة للتمثيل السياسي والانمائي، وبات هؤلاء يتطلعون الى دعم “البعث” في المعركة المقبلة، لما يشكله الحزب من قوة وازنة وتحول في أظهره الشارع السني، علما ان الانتخابات النيابية الأخيرة قد افرزت ٤٨٩ صوتا لرئيس تكتل نواب بعلبك – الهرمل الدكتور حسين الحاج حسن الذي أكد في كلمة القاها خلال الاحتفال على أولوية المطالب الانمائية لعرسال.
قيادي في قوى الثامن من آذار علق على مشهد الاحتفال على صفحات التواصل الاجتماعي قائلا: ان حزب البعث قد احدث تحولا نوعيا من خلال الاحتفال على الساحة العرسالية، وقد اثبت الحزب جدارة القيادة الجديدة الشابة التي تعرف كيف تخاطب الناس، وهذا شكل ارتياحا لدى القوى الحليفة بإن يعود إلى الساحة حليف غاب منذ العام ٢٠٠٥.