TEL AVIV, ISRAEL - OCTOBER 22: Relatives hang banners and photos of their relatives, who are held captive, as they gather to demand that the government take action to secure the return of their relatives on the 16th day of Israeli attacks in Tel Aviv, Israel on October 22, 2023. (Photo by Nir Keidar/Anadolu via Getty Images)

إسرائيل تخلّت عن المخطوفين

المصدر : هآرتس

المؤلف : غدعون ليفي

عودة إسرائيل إلى القتال هي أكبر خطأ ارتكبته منذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر. حرب “الأيام الثقيلة والمثقلة بالدماء”، بحسب التعبير الشهير لموشيه دايان عن حرب أُخرى، تحولت في الأول من أمس إلى أيام ثقيلة ودموية، أكثر فأكثر، في وقت تبتعد أهدافها، وتتراكم جرائمها. العودة مجدداً إلى المشاهد المخيفة من غزة، اليومان الأولان لتجدُّد القتال كانا مريعَين، أولاد يُحتضرون على الأرضية القذرة للمستشفيات في غزة، وأهلهم فوقهم يصرخون ألماً. جرحى في الرأس غطاهم غبار الدمار، يُحمَلون إلى المستوصفات، حيث لا يمكن إنقاذهم. غزة لم يعد في إمكانها أن تتحمل أكثر، وبعد الهدنة، لم يعد من الممكن تحمُّل المعاناة الإنسانية. كيف يمكن أن تخبر عائلة فرّت، حفاظاً على سلامتها، ووجدت لها مأوى في ربع خيمة، بأن عليها التوجه جنوباً؟ كيف تقول لها إن عليها التوجه جنوباً، بينما الجنوب كله يُقصَف من دون تمييز تقريباً، مثل الشمال. وحتى الخريطة التفاعلية نتيجة تكنولوجيا وأخلاقية الجيش، والتي وُزعت في نهاية الأسبوع، لا تستطيع إنقاذ أحد في غزة، وثمة شك في أنها وُضعت من أجل هذه الغاية.

إسرائيل غير مهتمة بمعاقبة غزة، بل فقط بتحقيق الأهداف. من خلال العودة إلى الحرب في غزة، إسرائيل اعترفت بأنها تفضل هدفاً على هدف آخر. انتهى الحديث عن تحرير المخطوفين بأي ثمن، قبل أي شيء آخر، وسقط سقوطاً لا عودة عنه. إسرائيل فضّلت، بوضوح، سحق “حماس”، بغض النظر عمّا تعنيه كلمة سحق، على إنقاذ المخطوفين. لا تنفع الألاعيب الكلامية هنا، وهذه هي الحقيقة العارية. مع استئناف الحرب، إسرائيل لا تعرّض حياة المخطوفين للخطر فحسب، بل تُفشل محاولات تحريرهم.  يجري هذا كله، بينما كانت عملية تبادُل المخطوفين والأسرى في ذروتها، ونجحت أكثر مما كان متوقعاً لها.

بعد أيام طويلة من احتفالات إطلاق سراح المخطوفين، وفي الوقت الذي استنفدت الاستديوهات والصحف كل قطرة من المشاعر؛ وتحولت نشرات الأخبار إلى برامج من تلفزيون الواقع، روى فيها كل ابن عم بعيد روايته لمحرر مرات ومرات، وعندما تحول الواقع المفزع إلى برنامج تلفزيوني، والنهاية السعيدة إلى مشهد مبتذل، بعد هذا كله، انهارت المفاوضات، وانهارت أسطورة تحرير المخطوفين بأي ثمن. وفقاً للتقارير، “حماس” هي التي أرادت الانتقال إلى إطلاق سراح الرجال، الأغلى ثمناً، لكن إسرائيل أرادت الانتهاء من إطلاق النساء أولاً. إن تفجير المفاوضات والعودة إلى الحرب بكامل القوة يعني شيئاً واضحاً فيما يتعلق بسلّم أولويات إسرائيل التي كان هناك شك منذ البداية في أنها تفضّل الحرب على تحرير المخطوفين.

لقد حانت لحظة الحقيقة بالنسبة إلى إسرائيل، والاختيار جرى، وهو أمر مشين. لا يوجد هدف لإسرائيل أهم من تحرير المخطوفين، ولا يوجد أخطر من قطع الميثاق غير المكتوب بين المواطن (والجندي) وبين دولته، وترك المخطوف لمواجهة مصيره. منذ الآن، لا يمكن الحديث عن تحرير المخطوفين بأي ثمن. إسرائيل مع إطلاق المخطوفين، لكن من الواضح أنه ليس بأي ثمن. في نظرها، هناك أمور أكثر أهمية. فهي لن توافق على صفقة الكل في مقابل الكل، صفقة وقف إطلاق نار ثابت في مقابل إنقاذ 136 إسرائيلياً.

في استديوهات الموت والفن الهابط، حاولوا طمس الاختيار. وحدهم أبناء عائلات المخطوفين، وليس كلهم، تجرأوا على الوقوف ضد استئناف الحرب، بينما واصلت جيوش المحللين والمراسلين ترديد الشعارات الفارغة، دفاعاً عن الحرب، حرب ما من شك في عدالتها، لكنها تطرح مسائل ثقيلة جداً، لا أحد يتحدث عنها بشأن أدواتها المرعبة. لقد خرجت إسرائيل إلى حرب عادلة، لكنها استخدمت وسائل غير عادلة قط. حتى في الحروب العادلة، ليس كل شيء مسموحاً، وبالتأكيد ليس مسموحاً قتل 15 ألف إنسان، والاستمرار في ذلك من دون توقف، فقط من أجل تحقيق أهداف، ثمة شك في أنها ممكنة التحقيق، وإذا تحققت، فإنها لن تحل شيئاً.

لكن لنترك عدالة الحرب ووسائلها جانباً.  من واجبنا استعادة المخطوفين، قبل كل شيء. ولا يزال في إمكاننا ذلك، شرط توقُّف الحرب.

شاهد أيضاً

ضابط إسرائيلي يختطف طفلة رضيعة من غزة قبل أن يُقتل لاحقا في المعارك

كشف جندي إسرائيلي، النقاب عن أن ضابطا بالجيش صديقا له، اختطف رضيعة فلسطينية من قطاع …