ربما تكون عملية خانيونس العملية البرية الأخيرة

المصدر : يديعوت أحرونوت

المؤلف : ناحوم برنياع

إن العناوين التي برزت عقب الكلام الذي قاله رئيس الأركان مغلوطة، فالعملية البرية للجيش الإسرائيلي في خانيونس لن تكون مشابهة من حيث حجمها وقوتها للعملية البرية في شمال القطاع، قطعاً لا، وهذا هو وقت خفض التوقعات. إذا ألقينا نظرة جدية إلى الخيارات المتاحة حالياً، فسيقودنا هذا إلى استنتاج أن القتال البري في خانيونس لا يستطيع أن يستمر أكثر من 10 أيام أو أسبوعين. وإذا كنا لم ننجح في تطهير مدينة غزة وضواحيها من المسلحين خلال 59 يوماً من الحرب، فكيف لنا أن نستطيع تطهير خانيونس وضواحيها خلال فترة أقصر بكثير؟ أضف إلى هذا أن اجتماع مليوني نازح (مليون ونصف المليون من شمال القطاع، و200,000 نازح جديد من خانيونس)، مع الضغط الأميركي، هما أمران يفرضان حدود العملية، بالإضافة إلى وجود خطر تبادل إطلاق النار هناك أيضاً. إن الثمن الذي ندفعه في هذا الشأن في شمال قطاع غزة مقلق للغاية، ويمكن أن تكبدنا منطقة خانيونس ثمناً مماثلاً.

يحوم فوق كل نقاش يتعلق بالضغط الأميركي التهديد بأن هذا الدعم الأميركي للجيش الإسرائيلي يمكن أن يضعُف، وهو ما لم يحدث بعد، لكنه ممكن في الحقيقة، ويلقي بظلاله على كل قرار يتخذه الكابينت بشأن الخطة العملانية. ويشعر البيت الأبيض بالقلق بشأن تأثير صور الدمار في الناخبين الشباب وفي الجناح التقدمي في الحزب الديمقراطي، وعلى الرغم من ذلك، فإن الرئيس جو بايدن مصرّ على الوفاء بوعوده ومنح إسرائيل مساعدة بقيمة 14 مليار دولار، بالإضافة إلى دعمه السياسي والعسكري، لكن لم تجرِ الموافقة على هذه المساعدة بعد، فالجمهوريون في مجلس النواب والكونغرس يضعون شروطاً صعبة، جزء منها لا علاقة له بإسرائيل، والآن، جزء من الديمقراطيين أيضاً يضعون شروطاً لها علاقة مباشرة بسياسة إسرائيل إزاء الفلسطينيين.

يرى البيت الأبيض أن إسرائيل متعنتة ومتهورة، فهي ترفض كل ما له علاقة بنقاش جدي لليوم التالي في قطاع غزة والفلسطينيين، ولا تبالي بقصفها المكثف للمدن في غزة، ولا تستجيب للتحذيرات من مغبة حدوث كارثة إنسانية. والمسألة هنا ليست “من الذي على حق في هذا الجدل؟”، بل “إلى أي حد تستطيع إسرائيل شد الحبل؟”، وهذا في الوقت الذي بات فيه اعتماد إسرائيل على الولايات المتحدة أكبر بكثير مما الحكومة مستعدة للاعتراف به.

منذ يومين، ألقى وزير الدفاع الأميركي لويد أوستين خطاباً علنياً تضمن عبارة قاسية تتعلق بالحكومة الإسرائيلية، قال فيه: “عندما تدفع سكاناً مدنيين إلى أحضان العدو، أنت تحول نصراً تكتيكياً إلى هزيمة استراتيجية.” وأضاف: “لقد أوضحت هذا أكثر من مرة لزعماء إسرائيل. لديهم مسؤولية أخلاقية بحماية حياة السكان المدنيين في غزة، وهذه ضرورة استراتيجية.” وقد نقلت نائبة الرئيس الأميركي كاميلا هاريس رسالة مماثلة في خطاب ألقته قبل أيام.

إن التوغل البري في مداخل خانيونس هو جزء من المرحلة الثانية من الحرب، وبذلك، فقد سمح تراجع “حماس” عن الاتفاق بالاحتفاظ بـ15 امرأة مدنية في الأسر، إذ اقترحت الحركة أن تطلق بدل النساء مسنين، لكن إسرائيل رفضت، والذريعة الأساسية كانت أنها لن تسمح لـ”حماس” بتغيير الاتفاقات بسرعة. وعلى خلفية ذلك، طُرحت فكرة بديلة في الجيش الإسرائيلي؛ وهي استبدال المرضى بين المختطفين بأسرى فلسطينيين مرضى، وهي فكرة مثيرة للاهتمام، يمكنها أن تؤمّن يوماً أو يومين لتحرير المختطفين، لكن فرصها ضئيلة.

وعلى افتراض أن العملية البرية في خانيونس ستنفَذ، فشبه مؤكد أنها ستكون العملية الأخيرة، ولا نستطيع توسيعها حتى رفح، فليس لدى النازحين مكان يذهبون إليه. إذاً، فالمرحلة الثانية للحرب التي بدأت بدخول شمال القطاع ستنهي قريباً في خانيونس.

في الأمس (الاثنين)، تجمعت أعداد غفيرة من الناس في مستشفى ناصر في خانيونس، أكبر مستشفى في الجنوب (ووفقاً لتقرير صادر عن الأمم المتحدة، فقد استعاد مستشفى الشفاء في شمال غزة جزءاً من نشاطه)، وقد كان مستشفى الشفاء مركزاً للسيطرة لقادة كتائب “حماس” في شمال القطاع؛ فهل يقوم مستشفى ناصر بالدور عينه في الجنوب؟ والسؤال الكبير والمعضلة الصعبة: هل نهاجمه ونفتح جبهة مع البيت الأبيض والإعلام الغربي؟

في نهاية مرحلة خانيونس، ستبدأ مرحلة المنطقة العازلة؛ أي إقامة منطقة أمنية بين غزة والغلاف، لكن لن تؤمّن هذه المنطقة كثيراً من الأمن، فالأرض ضيقة جداً، ومكتظة سكانياً. لقد أرادت إسرائيل أن تتدخل مصر والسعودية والدول السنية الأُخرى إلى جانب الولايات المتحدة في إدارة القطاع وإعادة بنائه، لكن فرص حدوث ذلك ضئيلة ما دامت إسرائيل تنوي مواصلة تحرك الجيش الإسرائيلي في غزة. وفي الجيش، يتحدثون عن مستقبل غزة كما تحدثوا عن مدن الضفة الغربية بعد عملية السور الواقي [2002]، أي منطقة يديرها آخرون، لكن الجيش يتحرك فيها بحرية، لكن من الصعب تصديق أن دولاً أجنبية ستوافق على تعريض جنودها لخطر تبادل إطلاق النار.

يكثر الحديث في مجلس الأمن القومي وفي الجيش الإسرائيلي عن اليوم التالي، لكن الخلاصات لا تُعرض على الكابينت، فرئيس الحكومة بنيامين نتنياهو يرفض ذلك، والسياسة الداخلية تتغلب على الحاجة الأمنية، وربما المزاج العام لدى أغلبية الإسرائيليين جرّاء “الفظائع” في 7 تشرين الأول/ أكتوبر لا تتطابق مع متطلبات الواقع…

شاهد أيضاً

ضابط إسرائيلي يختطف طفلة رضيعة من غزة قبل أن يُقتل لاحقا في المعارك

كشف جندي إسرائيلي، النقاب عن أن ضابطا بالجيش صديقا له، اختطف رضيعة فلسطينية من قطاع …