أخبار عاجلة

لا يوجد مدنيون غير ضالعين في القتال في غزة

المصدر : القناة 7 “عروتس شيفع”
المؤلف : أفيعاد فيسولي

 

تحوّل القانون الدولي، خلال السنوات الماضية، من منظومة توافقية بين الدول، إلى طريقة لفرض القيم التقدمية المدمرة على وزراء الحكومات، وكبار الموظفين، وضباط الجيش، وقادة القوات الأمنية، إذ تقوم المنظمات الدولية، المدعومة من مليارديرات تقدميين، باستخدام الحرب القانونية الدولية، والجنائية المدنية، بتهديد المسؤولين إن لم يخضعوا لمطالب هذه المنظمات ولم يسعوا لترويج مصالحها باستخدام مناصبهم، فإنهم سيواجهون العقاب.

هكذا، على سبيل المثال، أصدر ضباط كبار في الجيش الإسرائيلي أوامرهم بالتوقف عن عمليات “تليين الأهداف” [القصف تمهيداً لدخول القوات البرية]، عبر القصف الجوي والمدفعي، في الحرب في قطاع غزة، لأن هؤلاء الضباط كانوا يخشون من المساس بـ “مواطنين أبرياء”. لقد تحدثت النيو يورك تايمز عن وجود محامين يجب أن يصادقوا على كل غارة، ولا يتم تنفيذ الغارات في حال لم يصادق هؤلاء عليها. هكذا تم إلغاء أغلبية غارات سلاحَي الجو والمدفعية في غزة، وهو أمر يحول دون “تليين الأهداف”، ويتسبب بسقوط جنودنا قتلى.

يستصرخ مقاتلونا في قطاع غزة، طلباً للإسناد الناري، عبر القصف الجوي والمدفعي، ويقابَلون بالرفض، وبأوامر تقدمية صادرة عن المستوى السياسي والضابطية العليا، تصدر إليهم الأوامر باحتلال المناطق باستخدام سلاح المشاة، من دون إسناد. هكذا فقدنا العشرات من جنود المشاة من لواء غولاني، ووحدات أُخرى، على مدار الأسبوعين الماضيين. لم تتسبب هذه الأوامر التقدمية بسقوط ضحايا في أوساط القوات المقاتلة فحسب، بل مسّت بنجاعة القتال البري، وأطالت أمده.

في كلّ تدخّل أجنبي في حرب “السيوف الحديدية”، يواصل كثيرون التحدث، من دون أن يرف لهم جفن، عن إصابات في أوساط “مدنيين غير ضالعين في القتال”، واستخدام الأمر كرافعة لتقييد السلوك الجسور لجنودنا. إن “مجزرة غلاف غزة” التي أشعلت فتيل الحرب، نفّذها الآلاف من مدنيي قطاع غزة، بعضهم من “مخربي” حركة “حماس”، وبعضهم “مدنيون” عاديون قتلوا ما يزيد عن 1200 يهودي. تواصل “حماس” إطلاق صواريخها من كل نقطة في قطاع غزة في اتجاه البلدات المدنية في إسرائيل، وهو ما يستوجب استيضاحاً معمقاً بشأن مسألة وجود “مدنيين أبرياء” في غزة، وكيف يجب على الجيش الإسرائيلي أن يعامل هؤلاء.

بصورة عامة، يعرَّف “المدنيون غير الضالعين في الأعمال القتالية”، بحسب القانون الدولي، بأنهم “مدنيون لا يشاركون في القتال”. إن مواطني قطاع غزة، يقاتلون في المعارك التي تخوضها حركة “حماس” بصورة نشطة، أو غير نشطة: لقد انتخب مدنيو غزة “حماس” لتمثيلهم… وشارك سكان قطاع غزة، الذين لا ينتمون إلى حركة “حماس”، في مجزرة السابع من تشرين الأول/أكتوبر. وفي استطلاع أجراه معهد استطلاعات فلسطيني، اتضح أن أغلبية سكان قطاع غزة، يؤيديون “المجزرة” ويتفاخرون بها. وبعد أن قام الجيش الإسرائيلي باجتياح قطاع غزة، لم يبادر سكان غزة إلى التعاون مع الجيش، أو تسليم عناصر حركة “حماس” ومواقع احتجاز المخطوفين. فضلاً عن كون جزء كبير من المخطوفين، الذين تمت إعادتهم إلى إسرائيل، شهدوا بأنهم احتُجزوا في منازل سكان قطاع غزة.

لقد سمح سكان غزة لحركة “حماس”، بل ساعدوها، بحفر شبكة أنفاق تمتد إلى مئات الكيلومترات تحت منازلهم في جميع أرجاء القطاع. كما يسمح سكان قطاع غزة للحركة بتخزين الوسائل القتالية داخل منازلهم، وفي مدارسهم، ومساجدهم، وعياداتهم، وجميع مبانيهم العامة. فضلاً عن كونهم يسمحون لها بإطلاق الصواريخ في اتجاه إسرائيل من باحات منازلهم ومساجدهم.

وهكذا، ما دام سكان قطاع غزة لم يرفعوا الراية البيضاء بعد، ولم يقوموا بطرد حركة “حماس” من القطاع، ولم يتعاونوا مع الجيش الإسرائيلي في الحرب الهادفة إلى القضاء على المنظومة العسكرية، وتدمير الوسائل القتالية، وشبكة الأنفاق التابعة لحركة “حماس”، وإعادة المخطوفين، يجب اعتبار هؤلاء “المدنيين” داعمين للقتال، أو مساعدين للحركة، ويجب تعريف هؤلاء والتصرف معهم، بصفتهم أعداء للدولة، وأعضاء في “حماس”.

لا مفرّ من القول إن سكان قطاع غزة متورطون فعلاً، عن سابق إصرار وترصّد، في نشاطات حركة “حماس” العسكرية. هذا هو الواقع الحقيقي والصعب، وعلينا أن نعترف به، مع كل ما يترتب على الأمر من عواقب.

فالقول إنه لا وجود لـ “مدنيين أبرياء” في قطاع غزة له أهمية في القانون الدولي. لكن علاوةً على ذلك، له أهمية حاسمة بالنسبة إلى أمن إسرائيل: فالجيش الإسرائيلي لا يقاتل حركة “حماس” التي يبلغ عدد أعضائها 40 ألف شخص فحسب، بل هو يقاتل عدواً أكبر كثيراً، أي سكان قطاع غزة البالغ عددهم 2.1 مليون نسمة. يشكّل عناصر حركة “حماس” نسبة لا تتجاوز الـ 2% فحسب من المشكلة القائمة في قطاع غزة، وحتى لو تم تدميرهم، فإن بقية سكان غزة، الـ 98%، سيواصلون التخطيط للمجزرة المقبلة، وتنفيذ الهجمات الهادفة إلى قتل اليهود وتدمير إسرائيل.

يتوجب على كابينيت الحرب وقادة المنظومة الأمنية والقيادة العليا في الجيش الإسرائيلي تحرير أنفسهم من هذا المفهوم المدمر والخطِر، القائل إن القضاء على “حماس” سيحل مشكلة إسرائيل الأمنية. هذا لن يحدث. هذا وهم خطِر يعرّض حياة سكان إسرائيل للخطر. فطالما بقي ما يزيد عن المليونين من سكان قطاع غزة يخططون للقضاء على بضع عشرات من سكان “غلاف غزة”، فإنهم سيصوغون مخططات للقضاء على اليهود “من البحر إلى النهر” واجتثاث إسرائيل، وهكذا، لن يُستعاد الأمن لسكان الدولة عموماً، وسكان “غلاف غزة” على وجه الخصوص.

يتوجب على المسؤولين عن الأمن في هذا البلد، أن يدركوا ما يمثل الإسلام المتطرف، على غرار حركة “حماس”، وحزب الله، وسائر منظمات “الإرهاب” العربي في أرجاء العالم، أن “حماس” هي فكرة يشترك فيها ملايين المسلمين. على قادة أجهزة الأمن أن يدركوا أن هذه الملايين المساندة للفكرة هي عدونا الحقيقي، وعلينا مواجهتها هي. إن محاولة تقزيم المشكلة وحصرها في حركة “حماس” ليست سوى تصوّر فاشل، ويشكل خطراً على “شعب إسرائيل”، تماماً كما جلب على رؤوسنا التصور الفاشل مجزرة السابع من تشرين الأول/أكتوبر.

إن المغازي العسكرية لتبيان أن جميع سكان قطاع غزة هم مساعدون وداعمون لجهد حركة “حماس” القتالي، هي مغازٍ شديدة الأهمية: إذ لا يجب على الجيش الإسرائيلي التردد فيما إذا كان عليه قصف منطقة معينة، أو الامتناع من ذلك، بسبب وجود “مدنيين أبرياء”. لا يوجد أبرياء في قطاع غزة. وعليه، فإن حرية العمل العسكري يجب أن تكون أوسع، ويجب السماح باستخدام وسائل كثيرة، مثل تسوية أحياء سكنية بأكملها بالأرض، بواسطة بلدوزرات D-9، والمواد المتفجرة، والقصف المدفعي، أو القصف من الجو. هكذا سنقلل من الخطر على حياة جنودنا، وسنحول دون احتمالات القتال، وجهاً لوجه، في مناطق مبنية، وهو ما يسفر عن سقوط كثير من جنودنا.

التأكيد أن جميع سكان قطاع غزة ضالعون في القتال، يمنح الجيش الإسرائيلي سلاحاً شديد الأهمية في مواجهة السكان. على الجيش الإسرائيلي أن يعلن، على الملأ، وعبر منشورات توزَّع على جميع سكان غزة، أن مَن لا يريد منهم أن يتعرض للأذى، عليه أن يرفع راية بيضاء، ويتعاون مع الجيش الإسرائيلي في البحث عن الوسائل القتالية، والمقاتلين، والمخطوفين.

إذ ذاك، سيثبت عدد الرايات البيضاء للعالم مَن هم “المواطنون الأبرياء”، ومن هم أولئك الذين يقدمون العون لحركة “حماس”. سيكون للأمر تأثير أفقي في مجمل سكان قطاع غزة، الذين سيرون أن مَن يستسلم ويتعاون مع الجيش الإسرائيلي سيظل حياً، في حين أن الآخرين سيتعرضون للأذى، أو يموتون. أولئك الذين سيستسلمون ويتعاونون مع الجيش، سيساهمون في نشر الرسالة القائلة إن “حماس” هي مصدر مصائب سكان قطاع غزة. أما فيما يتعلق بعناصر حركة “حماس”، فإن صور المستسلمين ستمس بموقفهم بصورة كبيرة، والثقة الشعبية الغزية بهم، وفرص بقائهم أحياء.

علاوةً على ما تقدّم: ولأن جميع سكان قطاع غزة هم: إما من المقاتلين، وإما من المساعدين لحركة “حماس”، فعلينا اعتبار قطاع غزة بأسره منشأة عسكرية يجب تدميرها خلال الحرب. وبصورة خاصة إذا ما علمنا أن هناك تحت القطاع بأكمله، مئات الكيلومترات من الأنفاق. يجب استبدال الأوامر الصادرة عن الكابينيت، والقاضية بالقضاء على القدرات الإدارية والعسكرية لحركة “حماس”، بأمر يقضي بتسوية جميع مباني القطاع بالأرض، لأن الحركة تستخدم هذه المباني كمكامن وقواعد للعمل العسكري وتخزين السلاح، وكغطاء لشبكة الأنفاق.

وكما كتبت في السابق، يتعين على الجيش الإسرائيلي أن يعلن قطاع غزة بأسره منطقة عسكرية، وأن يفرض حظر التجوال على مناطق واسعة في القطاع، وأن يسوي بالأرض، تماماً، جميع المباني بوسائل هندسية (بلدوزرات، ومواد متفجرة). إذ لا يوفر القانون الدولي أي حماية للمباني في مناطق القتال.

يجب دعوة جميع “المدنيين” في قطاع غزة، إلى ترك القطاع لمصر، إن لم يكن هؤلاء يريدون أن يتضرروا نتيجة الحرب، ويجب اعتبار كل مَن يبقى هناك جندياً معادياً.

أما فيما يتعلق ببقية دول العالم، فإن إعلان إسرائيل أن جميع سكان قطاع غزة، ما دام لم يستسلم هؤلاء، ولم يتعاونوا مع الجيش، هم من عناصر حركة “حماس”، ومقاتلون فيها، أو متعاونون معها في الحرب، وليسوا “مدنيين أبرياء”، سيؤدي بصورة كبيرة إلى تخفيف الضغط الدولي على إسرائيل، بدعوى “عدم المساس بالأبرياء”. ستقوم إسرائيل بصورة جديدة بتعريف مَن هم “الأبرياء”، وهكذا، فإن مَن سيظلون خارج هذا التعريف، يعلنون أنهم داعمون لحركة “حماس”، وبالتالي لن يتمتع هؤلاء بحماية القانون الدولي.

كان من المفترض بالمستشارة القضائية للحكومة والنيابة العامة، مساعدة جنود الجيش الإسرائيلي فيما يتعلق بتعريف سكان قطاع غزة، بصفتهم داعمين لحركة “حماس”. لكن أياً منهما لم يفعل ذلك، بدافع من الأجواء السياسية التقدمية السائدة في أوساط النيابة، والتي تتماهى مع أحزاب اليسار الإسرائيلي المتطرف، وأعدائنا.

إن هؤلاء “المستشارين القضائيين” التقدميين، ورؤساء الأجهزة الأمنية، يقومون، عملياً، بالحؤول دون تنفيذ الهجوم الناري عن بُعد، باستخدام سلاح الجو، والمدفعي، والوسائل الهندسية، وهم، بذا، يتسببون بسقوط ضحايا في صفوف قواتنا المقاتلة في قطاع غزة. وكنتيجة مباشرة لهذا الأمر، تزعزعت مكانة إسرائيل على المستوى الدولي، وهو ما وصل إلى ممارسة الضغوط المباشرة عليها لكي توقف الحرب، وما أدى في نهاية المطاف إلى ضرب مقاتلينا. فهل النيابة العامة في صفّنا، أم في صف أعدائنا؟ عليكم أنتم أن تحكموا في هذا الشأن.

شاهد أيضاً

دفورا ليس :مرّ 12 أسبوعاً، وقد ضقت ذرعاً من الادعاء بأن كل شيء على ما يرام

المصدر :هآرتس المؤلف : دفورا ليس أنا محطَمة؛ لقد مرّ 12 أسبوعاً، وكل ما أريد …