المصدر : يديعوت أحرونوت
- إسرائيل منشغلة بالحرب الكبيرة في الجنوب، وبالصغيرة في الشمال، وبكثير من الأحداث الأمنية في الضفة، بالإضافة إلى سورية والبحر الأحمر. لا ينقصنا شيء على الطاولة. وبصورة خاصة في هذا الوقت الذي ننشغل بالأمور الطارئة، علينا أن ننظر إلى المستقبل ونتذكر أنه من دون دعم دولي، لن نستطيع الدفاع عن أنفسنا وقتاً طويلاً في هذه الجبهات جميعها. وعلى الرغم من آمال بعض اليهود بيننا، فإننا في القرن الـ21، لا نستطيع أن نكون “شعباً يدافع عن نفسه، ولا يفكر في الأغيار”. ولا حتى للحظة واحدة. لن نستطيع البقاء من دون الدعم، ومن دون أن نكون جزءاً من أي معسكر جيو – سياسي من بين المعسكرات التي تتقاسم العالم.
- وسط صورة الصداقة هذه، والدعم الذي نحصل عليه من الولايات المتحدة، بدأت تظهر إشارات تحذير صارخة. وكان آخر هذه الإنذارات بحثاً أجرته جامعة “هارفارد” وشركة استطلاعات الرأي “هاريس بول”، وجاء فيه أن 51% من الأميركيين من جيل 18-24 يعتقدون أن حل الصراع هو “نهاية إسرائيل وتحويلها إلى ’حماس’ والفلسطينيين”. وهو استطلاع يتماشى مع استطلاعات سابقة طرحت نتائج مشابهة، وأيضاً يتماشى مع التظاهرات الكبيرة التي خرجت في المدن الأميركية والجامعات الكبيرة، وهتف المشاركون فيها “من النهر إلى البحر، فلسطين حرة”، وشهدت أحياناً اعتداءات وإزعاجات للطلاب اليهود. هذه الموجة تستند إلى أساسات لا سامية، لطالما كانت موجودة في الولايات المتحدة. وهي لن تختفي.
- وفي المقابل، لا يزال الرئيس جو بايدن، حتى الآن، ملتزماً الدفاع عن إسرائيل، والسماح لها بالتعامل مع معركة عسكرية – سياسية – واقتصادية فُرضت عليها. المشكلة أنه يوجد بايدن واحد فقط. الولايات المتحدة لم تعد تصنع سياسيين مثله. وهو محاط بأصوات كثيرة تطالبه بالتحفظ، أو حتى وقف إسرائيل – في البيت الأبيض، وفي الإدارة، وفي الكونغرس، والحزب الديمقراطي، وأيضاً الرأي العام. ممنوع علينا تجاهُل هذه الأصوات، لذلك، فإن المعركة على الجامعات هي معركة مهمة وأساسية، فمنها يخرج جيل المستقبل في الولايات المتحدة، وحتى في العالم. الطلاب الجامعيون اليوم هم قادة الغد. وإن لم تتغير آراؤهم في إسرائيل عموماً، والصراع بشكل خاص، فإننا سنكون أمام جبهة صعبة جداً.
- الآن، علينا بناء “مشروع أميركا” – خطة استراتيجية بعيدة المدى، تنظر إلى مدى 20 عاماً، وتكون تحت مسؤولية ديوان رئيس الحكومة الذي يدير أصلاً ملف العلاقات الأميركية- الإسرائيلية. على الخطة أن تشمل كل الوزارات الحكومية والسلطات التي تتعامل مع العلاقات بين الدولتين، وأن تستند إلى شراكة مع المجتمع المدني الأميركي، عبر لاعبين مركزيين: الفيدرالية اليهودية في شمال أميركا؛ و”المجلس الإسرائيلي – الأميركي”، وهو الجمعية الأكبر للجالية الإسرائيلية في الولايات المتحدة.
- وبالشراكة مع الجهتين، يجب تشخيص المهم ونقاط القوة للتأثير في الرأي الدولي. ولتحقيق ذلك، يجب تخصيص ميزانيات كبيرة مختلفة عن ميزانية وزارة الخارجية القليلة. ويجب على “مشروع أميركا” أن يعزز بشكل جدي منظومة الممثلين والمبعوثين الإسرائيليين إلى الولايات المتحدة، وأن يطوّر خططاً جديدة للتعامل مع الفئات الجديدة وفئة الشباب.
- وفي هذا السياق، يجب أخذ التغييرات الإثنية والديموغرافية في الولايات المتحدة بعين الاعتبار. وخصوصاً أنها تطور قيماً جديدة، وتشتبك مع المجتمع، وتُراجع نفسها، وتتحفظ عن كل ما يبدو، في نظرها، أنه كولونيالية، وبكل قوتها، تطالب بفرض “التعددية والمساواة والاحتواء”، وهي أمور تحولت إلى قيم حديدية بالنسبة إليها. بهذه الصورة، يمكن للولايات المتحدة أن تتبرأ من إسرائيل، ولا ترى فيها حليفة تستحق المليارات من خزينتها، ولا تمنحها الدعم العسكري والسياسي من دون شرط.
- على إسرائيل البحث عن الطريق الأمثل للوصول إلى القوى الصاعدة، وأن تقنعها بصدق طريقها، وأن نبتعد عن الوصف الكولونيالي، ونكسر المعادلة التي بحسبها، السود= الفلسطينيين. وعلى “مشروع أميركا” أن يشدد على التاريخ اليهودي الخاص، وعلى طريقتنا للوصول إلى الاعتراف والاستقلال، ومساهمتنا التاريخية في بناء القيم الليبرالية التي يستند إليها الغرب.
- يجب أن يكون التشديد على الجامعات – المكان الذي تنمو فيه كراهية إسرائيل، وتثمر فيه أموال النفط العربي الذي استثمر فيها على مدار الـ40 عاماً الماضية. وإن لم نصل إلى هناك الآن، فستتحقق الرؤية المرعبة لشعب يقف وحيداً. وكلّ مَن يسخر من هذا الآن، بغباء وجهل، سيفهم معنى كلمة “وحيد”، كما جنوب أفريقيا حتى التسعينيات: عزلة، وضعف، وضغط دولي، وفي النهاية، خضوع.