على وقع اشتداد «الكباش» الاقليمي والدولي من «بوابة» الحرب في سوريا، ومع تكشف المزيد من «كواليس» العدوان الثلاثي الاخير وما سبقه من غارات اسرائيلية على مطار «تيفور» العسكري في ريف حمص، ترتفع حدة الحماوة الانتخابية في لبنان مع اقتراب «اليوم الكبير» في السادس من ايار المقبل، لكن المفارقة خلال الايام القليلة الماضية كانت في خروج بعض انصار تيار المستقبل عن «السيطرة» في بيروت لمحاولة ترهيب مرشحي اللوائح الاخرى، فهل صحيح ان «بيروت» ستكون «ام المعارك»؟ ولماذا هذا «القلق» المستقبلي»؟
العالم – مقالات وتحليلات
اما الاهم اقليميا، فيبقى السؤال عن المهمة التي كلف بها قائد فيلق القدس في حرس الثورة الاسلامية الايرانية في دمشق؟ وما هي المعادلات التي رسمتها طهران قبل «العدوان؟
وفقا لاوساط معنية بالتطورات الميدانية في سوريا، حضر الجنرال قاسم سليماني الى دمشق بعد ساعات قليلة من استهداف الطائرات الاسرائيلية لمطار «تيفور» العسكري، حيث قتل 7 من ضباط وعناصر حرس الثورة الايراني، وكان لافتا حضور «الجنرال» الميداني الى القاعدة الجوية التي يتشارك فيها الايرانيون مع الجيش السوري، وقد عقد سلسلة اجتماعات مع حامية المطار، وتفقد الاضرار واطلع من القادة الميدانيين على تفاصيل الاعتداء الصاروخي، وبحث في خطط انتشار عملانية لتجنب حصول خسائر في حال حصول ضربات مماثلة في المستقبل…
«الخطوط الحمراء» الايرانية…
وبحسب تلك المعلومات، فان سليماني لم يغادر الاراضي السورية، وبقي يتابع مع قيادات الجيش السوري، وقيادات ميدانية في حزب الله، ارتفاع حدة التهديدات الاميركية بشن عدوان على سوريا، وكان حريصا على متابعة تفصيلية لعملية اعادة الانتشار التي حصلت في القواعد العسكرية التي كانت مرشحة للقصف الاميركي… لكن الجزء الاهم من هذه الزيارة كان يرتبط بالرسالة الحاسمة التي كان يحملها سليماني من طهران الى القيادة العسكرية الروسية في سوريا، ففي الشكل كان حضوره شخصيا دليلاً على جدية القرار الايراني بالمواجهة اذا ما توسع نطاق العدوان الاميركي ليشمل «العصب» السياسي او العسكري للدولة السورية، وليس فقط القوات الايرانية في سوريا، وقد ابلغ سليماني غرفة عمليات حميميم، بأن تعليماته واضحة بالرد بقوة على اي تجاوز «للخطوط الحمراء» بمعزل عن قرار القوات الروسية في سوريا، واذا كان الاميركيون ومن معهم يريدون تغيير «قواعد اللعبة» فان طهران جاهزة لـ«قلب الطاولة» وفق معادلتين: الاولى، دمشق، برمزيتها السياسية، مقابل تل ابيب، والمعادلة الثانية، ان استهداف الجيش السوري، سيعني حكما استهداف القواعد الاميركية في شرق سوريا، وعندئذ ليتحمل الجميع مسؤولياتهم…
«رسالة» سليماني «الحاسمة»
وتعتقد تلك الاوساط، التي لم تؤكد ولم تنف زيارة سليماني الى بيروت، ان «الرسالة» الايرانية الحاسمة كان لها الدور الاكثر تأثيرا في تأخير الضربة لايام قليلة، حصلت بعدها تلك «التخريجية» التي جعلت الاسرائيليين يقرون ان «اللعبة» كانت «مباعة»، خصوصا مع اقرار الفرنسيين لاحقا بأن الروس تلقوا بلاغا مسبقا بالهجوم، وهم ابلغوا بدوره دمشق وطهران، وكل من يوجد في سوريا اطلع بشكل مباشر أو غير مباشر على حدود الضربة.
الصواريخ الأميركية لم تدخل المجال الجوي للمنظومات الروسية، كان الأميركيون حذرين جداً، والنتيجة هي مستوى متدن جداً لأي عملية محدودة يمكن تصورها.
وزارة الحرب الأميركية نشرت بيانا تحدثت فيه عن هجوم لمرة واحدة. والمعنى هو أنه حتى إذا لم تكن الاهداف قد دمرت ـ وقسم لا بأس به من الصواريخ الجوالة، اعترضت ـ ليس للأميركيين نية للعودة لمهاجمة هذه المواقع. النتائج لا تعنيهم. هذا كان هجوما لرفع العتب.
ووفقا لتلك الاوساط، الإيرانيون ابلغوا الجميع بمن فيهم الروس انهم لا يقبلون تعديل «قواعد اللعب» في سوريا، اما الرد على غارة «التيفور» فهو حساب آخر ستدفعه “اسرائيل”، وهو خارج سياق نتائج العدوان الاخير، ويدرك الاسرائيليون جيدا ان طهران سترد عليه حكما، ولعل «الرسالة» الابلغ التي تشغل بالهم الان تلك «السطور» التي تقصّد السيد حسن نصرالله قراءتها بعناية عن ورقة بين يديه، في خطابه قبل الاخير.
ابراهيم ناصر الدين – الديار