دَخَلَ لبنان أسبوعاً «عاصِفاً» في الطريق إلى «الأحد الفاصل» في 6 أيار، موعد الانتخابات النيابية التي انطلقت أول من أمس في الخارج من 6 دول عربية وتحطّ اليوم في 34 دولة أجنبية، في سياق أوّل تجربة من نوعها في تاريخ «بلاد الأرز» على صعيد اقتراع المنتشرين في أماكن وجودهم.
وتَوزّع الاهتمام في بيروت أمس على 3 مسارات متوازية:
* الأول «تشريح» حصيلة جولة الاقتراع الأولى للمغتربين في كل من الكويت والسعودية وقطر وعُمان والإمارات ومصر والتي بلغ عدد المقترعين فيها 8284 من أصل 12615 كانوا تَسجلوا للتصويت اي ما نسبته 65.67 في المئة.
ومع وصول الصناديق التي تتضمّن المظاريف المختومة بالشمع الأحمر الى بيروت عبر الـ DHL حيث ستبقى «محروسة» في مصرف لبنان حتى انتهاء اليوم الانتخابي في 6 مايو، ساد ارتياحٌ عام لمسار «انتخابات المهجر» رغم ملاحظات هامشية، كما لنسبة الاقتراع المرتفعة، وسط انهماك الماكينات الانتخابية في بيروت بقراءة المؤشرات التي عبّرتْ عنها اتجاهات التصويت في الدول الست ليُبنى على الشيء مقتضاه.
* الثاني استكمال الاستعدادات للجولة الثانية من عملية الاقتراع في دول الانتشار والتي تشمل 33 دولة إضافة إلى جزيرة غوادلوب، التي انطلقت منتصف ليل السبت – الأحد بتوقيت بيروت من أستراليا (السابعة صباحاً بتوقيت أستراليا) على أن تستمرّ العملية اليوم تباعاً بين السابعة صباحاً والعاشرة مساءً بالتوقيت المحلي للدول المعنية بانتخابات المغتربين، علماً أن آخر قلم يقفل أبوابه في ولاية سان فرانسيسكو عند الثامنة من صباح الغد بتوقيت العاصمة اللبنانية.
وتشمل انتخابات المغتربين اليوم 70.355 ناخبا سبق ان تسجّلوا للاقتراع (خصص لهم 200 قلم اقتراع)، أكثرهم في أستراليا 11.826 ناخباً، ثم كندا 11.443، فالولايات المتحدة 9999، وألمانيا 8357، وفرنسا 8342، وساحل العاج 2345، والبرازيل 2113، والسويد 1910، وبريطانيا 1824، وفنزويلا 1497، ونيجيريا 1263، وبلجيكا 1053، فيما الدول الباقية سُجل في كلّ منها أقل من ألف ناخب.
ويجري رصْد نسبة الاقتراع في الدول الـ 34 باعتبار أن من شأنها أن تشكّل «رسماً تشبيهياً» لما يمكن أن يشهده يوم 6 مايو، سواء لناحية الإقبال على المشاركة في انتخابات تجري للمرة الأولى وفق القانون النسبي أو لجهة النتائج التي يمكن أن يتأثّر قسم منها بـ «رياح الاغتراب» الحاسمة، لا سيما تلك التي ستهبّ من الولايات المتحدة التي يتركّز ثقل ناخبيها في دائرة الشمال الثالثة (البترون – بشري – زغرتا – الكورة) التي تشهد معارك «على المنخار». علماً أن انتخابات الانتشار اعتُبرت «تمريناً» للماكينات الانتخابية التي بدأتْ التكيّف عملياً ولوجستياً مع الاستحقاق بقانونه غير المسبوق، كما للناخبين الذين يجدون أنفسهم أمام عملية اقتراع «مدّججة» بآليات «لأول مرة».
* أما المسار الثالث فتمثّل في مهرجانات «ربع الساعة الأخير» قبل «الأحد الموعود» والتي ترمي إلى رفْع مستوى التعبئة الشعبية لأعلى مستوى تمهيداً لإعطاء غالبية الأفرقاء، بحلول يوم الجمعة المقبل، «كلمة السرّ» لماكيناته لكيفية توجيه القواعد نحو منْح الأصوات التفضيلية للمرشّحين ضمن اللائحة الواحدة بما يؤّمن للأحزاب الوازنة توازناً بين تأمين العدد الأكبر من الحواصل وبين عدم تَسرُّب مقاعد لها أبعاد بارزة يمكن ان تفوز بها لوائح منافسة وترتّب نتائج سياسية.
وفي هذا السياق، بقيت الأنظار أمس على جولة زعيم «تيار المستقبل» رئيس الحكومة سعد الحريري في الشمال والتي بدأها الجمعة من طرابلس واستكملها أمس في المنية والضنية على أن يختتمها اليوم في عكار، وهي الجولة التي تتّسم بمشاركة شعبية كبيرة جداً تشي بقلْب الحريري الأرقام التي أوحتْ بتحديات غير قليلة على مستوى استجابة الشارع لـ «المستقبل» في دائرتين تكتسب نتائجهما دلالات على أكثر من مستوى سياسي.
في سياق متصل، كانت بارزة محطة رئيس البرلمان نبيه بري الشعبية في صور (الجنوب) حيث أقامت حركة «أمل» مهرجاناً تحدّث فيه بحضور أعضاء «لائحة الأمل والوفاء» في دائرة الجنوب الثانية (الزهراني – صور) موجّهاً رسائل في أكثر من اتجاه.
وكرّر موقفه المؤيد لقانون آخر للانتخابات «يعتمد لبنان دائرة انتخابية واحدة أو على الأكثر 5 دوائر على أساس النسبية الكاملة»، معتبراً أن «القانون الحالي قسّم لبنان إلى 15 لبناناً لكنه في الوقت نفسه شكل نقلة نوعية من القانون الأكثري الى القانون النسبي».
وأضاف: «نحن من خلال الاستحقاق الانتخابي لن نقبل بجعل الجنوب قرباناً للمصابين بجنون العظمة… أحدهم يبرغت اليوم في دائرتنا، يتكلمون عن حرية تلة مغدوشة ونسي من حررها، وعن المشاركة، ودائرة جبيل خير دليل على المشاركة التي يتمتعون بها».
وكان بري يشير إلى رئيس «التيار الوطني الحر» الوزير جبران باسيل، من دون تسميته، بعدما شن حملة على رئيس مجلس النواب، من دون تسميته أيضاً ولكن من عقر داره، في مغدوشة بدائرة صور – الزهراني التي يترشح عنها بري، عبر مهرجان دعم مرشح على لائحة معارضة برئاسة رياض الأسعد هو وسام الحاج.