*الإمام الصدر والفكر المؤسساتي – رؤيته للأوقاف نموذجا* ”   / بقلم المحامي ضياء الدين محمد زيباره

المستشار القانوني للأوقاف الإسلامية الشيعية

 

 

” *إن الأوقاف الشيعية وبعد تنظيمها والسعي في الإستفادة منها تُشكل ثروة كبرى لصالح التقدم الإجتماعي في البلاد والتربية الخلقية في الأجيال ورفع مستوى الثقافة العامة* ” .

 

هذا الكلام أدلى به الإمام السيد موسى الصدر خلال مؤتمر صحافي عقده في صور عام 1966 تحت عنوان ” الطائفة الإسلامية الشيعية في لبنان _ آلامها وآمالها ” ، وهو يعبر بوضوع عن الفكر التنظيمي والمؤسساتي والقيادي لسماحته .

 

فكانت لديه الرؤية لتنظيم الأوقاف الشيعية منذ العام 1966 حيث كان يرى الدور الذي يمكن أن تؤدّيه في المجالات الإجتماعية والتربوية والإقتصادية والثقافية .

 

وقد تكرّس قول الإمام بالقانون وبالفعل .

 

فلناحية القانون ؛ أورد سماحته في القانون رقم 72 لعام 1967 ( أي بعد عام من القول المتقدم ) وفي المادة الثانية تحديداً مسألة تنظيم الأوقاف فنصت المادة 2 منه على أن :

 

” ينشأ للطائفة الإسلامية الشيعية في الجمهورية اللبنانية مجلس يسمى المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى يتولى شؤون الطائفة ويدافع عن حقوقها ويحافظ على مصالحها ويسهر على مؤسساتها ويعمل على رفع مستواها وهو يقوم بصورة خاصة بشخص رئيسه بعد استطلاع رأي الهيئتين الشرعية والتنفيذية كل فيما يعدد إليها بالمهام التالية:

 

أولاً – *يُنظم أوقاف الطائفة ويعمل على إحيائها والعناية بها .* ”

 

كما أفرد في النظام الداخلي للمجلس ( القرار رقم 15 لعام 1969 ) المكرس بالقانون رقم 20 لعام 1982 *عدة مواد تتعلق بتنظيم الأوقاف وآلية عمل جهازها الإداري ، يصلح للعمل به لقرن من الزمن* بشهادة كبار رجال القانون في لبنان ، وهذا يدل أيضا على رؤيته الاستراتيجية الثاقبة ، فعلى سبيل الذكر نصت المادة 40 منه على صلاحيات اللجنة العامة للأوقاف :

 

المادة 40- تقوم اللجنة العامة للأوقاف بما يلي :

 

– اقتراح تعيين المسؤولين أو اللجان المحلية لتولية الأوقاف الشاغرة من التولية ، واقتراح ابدالها بسواها.

 

– إجراء المحاسبة مع اللجان والمتولين ومراقبة سير أعمالهم ووضع مناهج لنشاطاتهم .

 

– التحقيق والتدقيق بالشكاوى المتعلقة بأعمال مختلف لجان الأوقاف المحلية، والتولية، واقتراح التدابير اللازمة بشأنها .

 

– الموافقة على تأجير الأوقاف أو استثمارها عندما تجاوز المدة ثلاث سنوات، ويعود هذا الأمر للجان المحلية والمتولين في الأحوال الأخرى .

 

– اقتراح المشاريع الآيلة إلى تنمية الأوقاف وتعزيز دخلها .

 

– درس طلبات استبدال العقارات الوقفية وإجراء المعاملات اللازمة لذلك …”

 

كما نصت المادة ٣٠ منه على صلاحيات الهيئة التنفيذية للمجلس في تنظيم الأوقاف وإصدار النُظم والتعليمات التي يقتضيها تنظيمها وإدارتها ، والفصل في جميع المسائل الناتجة عن إدارة الأوقاف .

 

ونصت المادة ٥١ منه على انشاء محكمة خاصة للبت في الخلافات مع متولي الأوقاف لجاناً وأفرادً وأصول المحاكمة لديها .

 

ومن الناحية العملية ؛

*بدأ سماحته السعي لتمليك أوقاف الطائفة عقارات* تمهيدا لإنشاء مشاريع تربوية وصحية وثقافية تكون في خدمة الطائفة ، ففي بدء ولايته في رئاسة المجلس ، عمل الإمام الصدر على تأمین مقر للمجلس الإسلامي الشیعي الاعلى في بناء لائق يتألف من اربعة طوابق ، يقوم على عقار مساحته حوالي 7000 م م ،  كما عمل على تمليك الأوقاف عقار تبلغ مساحته حوالي  15000 م م في ضاحیة بیروت (محلة الجناح) ، أُنشأ علیه ” مستشفى الزھراء ” التابعة ملكيته للمجلس ، وعمل على تملیك أوقاف الطائفة عقار في  محلة خلدة مساحته حوالي 8000 م م ، أقيم عليه مبنى الجامعه الإسلامية في خلدة التابعة ملكيتها للمجلس أيضا ، كما قام بشراء عدة عقارات في الورادانية ( شرقي أوتوستراد بيروت – صيدا ) مساحتها حوالي مائتا ألف متر مربع ، حيث أُنشأ عليها مؤخرا مجمع الجامعة الإسلامية في لبنان .

 

هذا العمل الجبّار خلال فترة قصيرة ودقيقة وصعبة من تاريخ لبنان ( إضافة الى أعمال أخرى عديدة في شتى الميادين ) كانت ستُضاف عليه إنجازات أخرى كبيرة تصُب حتما في الصالح العام للطائفة لا سيما في المجالات التربوية والثقافية والصحية والإجتماعية ، لو قُدّر لسماحته أن تبعُد أيادي الغدر والطغاة عنه في مؤامرة لإخفائه .

 

اليوم ونحن في رحاب شهر الإمام وفي ذكرى غيابه الأربعون ، نُكمل مسيرته ورؤيته في العمل المؤسساتي ، ودائما بتوجيه دولة الرئيس المؤتمن على الوطن والطائفة الأستاذ نبيه بري ، وسماحة الإمام الشيخ عبد الأمير قبلان .

شاهد أيضاً

الاتفاق الوشيك/ دكتور عباس

بسم الله الرحمن الرحيم رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ صدق …