تدحرجت مفاعيل باخرة الكهرباء التركية من الزهراني إلى كسروان فطرابلس التي يسودها غليان شديد، ليس فقط بسبب ما أثير حول تغيير اسم الباخرة وإنما أيضا لشعور الطرابلسيين بأنّ مدينتهم كانت الأحقّ في الحصول على “الطاقة المستوردة”، نتيجة التقنين الشديد والمزمن الذي تعاني منه.
تفيد المعلومات بأنّ قول وزير الطاقة سيزار أبي خليل انّه بادر الى تبديل اسم الباخرة التركية من “عائشة” الى “اسراء”، بناء على طلب سياسي، إنّما ولّد موجة من الغضب والاحتقان في بعض الأوساط الطرابلسية التي استفزّها تغيير الاسم بناء على اعتبارات مذهبية، وفق ما يُستنتج من كلام أبي خليل، ما دفع النائب فيصل كرامي الى إطلاق صرخة مدوّية ضدّ الحكومة التي اتّهمها بالتحوّل من تصريف الأعمال الى تصريف البلد، كما شنّ هجوماً عنيفاً على وزير الطاقة داعياً الى محاسبته بسبب تصريحه الخطير.
ويبدو انّ موقف كرامي أمس هو أول الغيث وانّ الآتي سيكون أعظم، وتحديداً بعد عيد الأضحى المبارك، ما لم تتم معالجة أزمة الكهرباء ومشكلة النفايات في طرابلس، في وقت يبدو انّ العلاقة بين الرئيس المكلّف سعد الحريري والنائب الطرابلسي تتأزّم على وقع الخلاف حول التمثيل السني وكيفية التعامل مع صلاحيات الرئاسة الثالثة الى جانب الشكوى من إهمال عاصمة الشمال.
ويقول كرامي لـ”الجمهورية” إنّ عدم الاستجابة لمطالب أبناء المدينة وحقوقهم سيدفعه الى تنظيم تحرّكات اعتراضية متدرّجة، بالتنسيق مع بعض سياسيّي طرابلس وفعالياتها، موضحاً انّ خطّة التحرك التي يُحضّر لإطلاقها بعد عيد الاضحى تتضمّن تباعاً عقد لقاء موسع للتشاور، تليه تظاهرة ثم الدعوة الى إضراب عام، وصولاً الى إعلان العصيان المدني ما لم تتم تلبية احتياجات الناس الملحّة في عاصمة الشمال.
ويشير كرامي الى انّ الوضع الخدماتي في المدينة بات مزرياً، ولا يُطاق، منبّهاً الى انّ الناس اصبحوا غير قادرين على التحمّل والانتظار، ومتسائلاً: لماذا رست الباخرة التركية في كسروان وليس في طرابلس، التي يُفترض ان تعطى الاولوية بسبب التقنين القاسي الذي ترزح تحته؟ ويضيف: لا مانع لدينا في ان يطلقوا اسم جبران باسيل على الباخرة، المهم ان تعود الكهرباء الى طرابلس، وليس الفتنة التي حاول سيزار أبي خليل ان يوقظها من خلال تصريحه التحريضي ووضعه الملح على الجرح.
ويؤكد كرامي عزمه على خوض معركة انتزاع حقوق طرابلس حتى النهاية، قائلا: أصلاً ليس لدي ما أخسره او أخشاه، فأنا متحرر من المصالح الضيّقة والطلبات الشخصية، وقد اخترت ان أرفع الصوت في هذا التوقيت بعدما تبيّن لي ان تشكيل الحكومة متأخر وانه لم يعد ممكناً انتظار تأليفها حتى نرفع إليها مطالبنا.
ويعتبر كرامي انّ الحكومة الجديدة أصبحت مرتبطة بأجندة خارجية، لافتاً الى انّ الرئيس سعد الحريري و”القوات اللبنانية” يراهنان على متغيرات إقليمية لتحسين مواصفات الحصة العائدة الى الفريق الذي يمثلانه.
ويشير الى أنّ “القوات” هي رأس حربة في أزمة تشكيل الحكومة وفي المنظومة التي تحاول فرض شروط معينة، “أمّا الحريري فقد تنازل سابقاً عن صلاحياته ثم أراد ان يستردها، علماً أنّني أعتبر انّ مشكلة الصلاحيات تكمن في شخصية الحريري بالدرجة الأولى”.
ويلاحظ كرامي مفارقة غريبة وهي أنّ “همّنا صار يتركّز حالياً على إنقاذ العهد، بينما كان يُفترض بالعهد أن ينقذنا”، مضيفاً: “ما هذه المعادلة؟”.