اسبوع حافل بالنفوس المشحونة
بعد جلسات طويلة استمرت ايام لمناقشة البيان الوزاري, نالت الحكومة الجديدة الثقة. من اصل 128 نائبا, 111 نائبا ابدوا ثقتهم بحكومة “هيا الى العمل”, فيما حجب 6 نواب ثقتهم عن الحكومة حديثة الولادة و هم: بولا يعقوبيان, اسامة سعد, جميل السيد, الياس حنكش, سامي و نديم الجميّل. و جدير بالذكر ان 11 نائبا لم يحضروا هذه الجلسات.
كما هي الحال منذ زمن في لبنان خلال الجلسات في البرلمان, لا يخلو الجوّ من التوتر و اللغة الطائفية التي تلامس في كثير من الاحيان نبش القبور و التاريخ بما يعطي انطباع لدى شريحة كبيرة من الناس ان الحرب الاهلية لا زالت تداعياتها و الحساسيات التي ولّدتها, قائمة و في اوجّها حتى بعد 29 سنة على انتهائها ظاهريا حسب ما بيّنت الاحداث الاخيرة.
يكاد ان يكون السجال الحاد الذي نشب بين النائب عن كتلة الوفاء للمقاومة نواف الموسوي و النائب نديم الجميّل هو الابرز. فقد ولّع الساحة الكتائبية خاصة و المسيحية من طرف ما كان يعرف سابقا ب14 اذار , مع جمهور المقاومة الذي تبنّى بشراسة موقف الموسوي. فقد تضاربت الساحتين مدة يومين متواصلين في الشارع و على مواقع التواصل الاجتماعي. اظهرت هذه الحادثة نوايا اللبنانيين الخفية و قد اثبتت ان الحرب الاهلية لا يزال شبحها يتنقّل بين اللبنانيين و يشحنهم كرها و حقدا و دمارا للذّات قبل للاخر.
لحسن الحظ, تدارك النائب عن كتلة الوفاء للمقاومة محمد رعد الموقف و ايقن ان السلم الاهلي فوق كل اعتبار و حتى فوق وجهات النظر المتضاربة في كثير من الاحيان. و قد طلب رعد من دولة الرئيس نبيه بري ان يشطب كلام الموسوي من المحضر, كما و اعتذر منه على انفعال زميله.
جاءت خطوة محمد رعد في مكانها. فلبنان بصدد محاولة بناء دولة القانون التي يسودها الازدهار. تحريض اللبنانيين على بعضهم البعض لن يبارك قرار الحكومة الجديدة بان تكون حكومة “عمل” و لن يبارك موقف النواب الذين ارادوا اخيرا مطاردة الفساد. و لا بد من لفت النظر على ما يحرك في النفس اللبنانية روح الثورة و التظاهر و العدائية. فبدل من مساندة حقّهم بعيش كريم كامل متكامل, كشف سجال الموسوي-الجميّل مدى استسلام العقل اللبناني للغريزة اللبنانية, الطائفية الهوية.
فلا جورج زريق و لا من سبقه و لا من سيلحق به سيحرك ساكنا لدى الشعب اللبناني الذي اكثر ما يمكن ان يفعل للاحتجاج على واقعه المرير هو “النّق” على مواقع التواصل الاجتماعي لساعات محدودة فقط. فايّ دولة ستبنى و شعب فيها لا يوجد ليردعها و يصونها و يراقب عملها؟ ايّ فساد سيطارد و النفوس التي تزعم مطاردته, شعبا و حكّاما فاسدون قلبا و قالبا؟ ايّ ثقة هذه تعطى مسبقا لحكومة سبقت و تعهّدت بلاصلاح و الازدهار و بمكافحة الفساد؟
يارا اللقيس