🌐🇱🇧🌐 عون يُكشّر عن أنيابه
قيل
حينَ ضرب رئيس الجمهورية ميشال عون يدهُ على الطاولةِ في أول اجتماع رسمي للحكومة الجديدة، أوحى أن بضربته تلك يكون قد دشّن عصراً جديداً من تعاطيه السّياسي، وفي تقدير متابعين أن طريقة التعاطي في الحُكومة الجديدة ستكون مختلفة عن السّابقة، فهذه الحُكومة يعتبرها عون حكومته الرسمية وبالتالي على عاتقها حمل تقديم صورة حكمه، وعليه تكون هذه الحكومة عبارة عن ما يشبه وحدة قياس لمدى نجاح أو فشل “عهد عون”.
للمرة الأولى خلال رئاسته، يظهرُ عون أنه صارم وحاسم لدرجة أنه رفض مطلقاً رسم سياسةِ لبنان الخارجية وتحديد العدو من الصديق وشكل التعاطي مع الدُّول من دون العودة إليه، وحقيقة، هذا الأمر بالذات هو الذي أزعجَ شركائه في الحكم، المستقبليين، الذين خرجوا بإمتعاض شديد يحكي لغة الطائف لجهة اشتراك رئيس الحُكومة بإقرار سياسات الدولة على طاولةِ مجلس الوزراء، وكل ما هو خلاف ذلك اعتبروه انتقاصاً.
طبعاً، يريدُ عون ممارسة فائض القوة لديه المستمد من الحضور في الشارعِ المسيحي و ارقام الإنتخابات المقرشة نواباً، وأيضاً من شعار الرئيس القوي، وبالتالي لن يقبل عون أن يأتي غيره لرسم سياسات الدولة فكيف إذا كان أشد خصومه؟
من الاطروحة التي اذاعها عون على مسامع جميع الوزراء في ما يخص العلاقة مع سوريا ومن خلفها مسألة النازحين، يتاكد أن الرجل ماضٍ في خياراته السياسية، ويقال أن عون اختار هذا التوقيت بالذات ليس لانعكاس الطفرة العربية الزاحفة باتجاه دمشق أملاً في إستعادةِ العلاقات للظفر بقطعة في قالبِ إعادة الإعمار، بل لأنه أدرك أن حكومته الأولى تشكلت وبالتالي باتَ لزاماً عليه التكشير عن سياساته.
ولعلَ موقف بكركي تسبب بمزيد من الارباك للفريق الآخر الذي لا يرى ضرورة الآن، لا لتطبيع كامل للعلاقات مع سوريا، ولا في إعادةِ النازحين، بل أن أكثر ما يثيرُ توجس هذا الفريق هو تطابق طروحات عون مع تلك التي يسعى إليها حزب الله
.
يرددُ زوار قصر بعبدا أن عون الذي “كشر عن أنيابه” في الحُكومة على خلفيةِ المواقف والزيارات إلى سوريا، سيستخدمُ الأسلوب ذاته في مقاربة الملفات الأساسية في البلاد وأولها “سيدر” حيث لن يكون الرّئيس ذلك الشخص الذي يوقع مغمض العينين بل “سيتابع كل خيط بخيطه”. وينقل عنهم أن باتَ جميع من يعنيهم الأمر على علم بقرار الرّئيس البحث في كل مشروع ممول من جهاتٍ دولية وحجم تكلفته والجهة التي ستتابع أعماله، وهذا يعني أن الرئيس سيسهرُ على حسن سير الأعمال وعدم تسرب الأموال كما كان يحصلُ خلال المرات السّابقة، وهذا يتطابقُ كلياً مع ما أبلغهُ حزب الله أيضاً.
وبهذا المعنى، تقرأ الجهات المعارضة لخطوات عون كذلك المناوئة لحزب الله وأيضا تلك المراقبة على السواء، أن رئيس الجمهورية يتقاطعُ في أكثرِ من توجّهٍ مع حزب الله والفريق الحليف مع هذا الأخير ما يجعلهُ أقرب إليهم سياسياً وهذا ما يثيرُ ريبة خصومه الذين كانوا يراهنون على الأيام وبعض اشتباكاتها في حصولِ ابتعادٍ سياسي بين الجانبين.
في الخُلاصة، ثمّة إعتقاد لدى جانب سياسي عريض أن عون بحكومة العهد الأولى يختلف عن عون حكومة “استعادة الثقة”، وأن ما خطّهُ رئيس الجمهورية ورشحهُ، وضع على طريقِ التنفيذ، بالتالي فإن المشهد السّياسي القادم يبدو منذ الآن مزدحم بكثير من المواقف التي ستؤشرُ إلى طبيعة الخيار السّياسي الذي اتخذهُ عون لنفسه وطريقة تعاطيه مع المسائل موضع الجدل بالإضافةِ إلى شكل التعاطي بالقضايا الحسّاسة.