مسطّح مائي مساحته ثلاثون ألف متر مربع في البحر تحوّل إلى ملكية خاصة بقرار اتخذه وزير الأشغال العامة والنقل السابق غازي العريضي قبل ست سنوات. القرار الذي أتى مناقضاً لأحكام قضائية مبرمة تعود إلى أكثر من عقدين، لا يشكل مثالاً فادحاً على نهج السطوة على الملك العام البحري فقط، بل يثير تخوفات جدية من فتح شهية كثيرين على نهش ما بقي من الأملاك البحرية العامة
«كيف يمكن الأفق والموج أن يشكلا عقاراً خاصاً؟»، سأل رئيس بلدية المينا عبد القادر علم الدين. أوضح أن بلديته تنبّهت عام 2016 لوجود «عقار وهمي» مسجّل في الصحيفة العقارية. «وعندما عاينّا المكان تبيّن لنا أنه في البحر»! لافتاً إلى «أننا تقدّمنا باعتراض أمام القضاء، وحتى اللحظة لم يُبَتّ في الدعوى».
«مُسطّح مائي تبلغ مساحته نحو 30 ألف متر مربع، ويبعد عن كورنيش المينا البحري أكثر من سبعة أمتار». هذه هي مواصفات «العقار الخاص» الذي يزعم أفراد من آل شبطيني ملكيتهم له، مطالبين باستعادته بعد إسقاطه من أملاكهم الخاصّة سهواً.
تعود القضية إلى ستينيات القرن الماضي عندما تقدّم ورثة مالكي الأراضي المحاذية لـ«العقار المزعوم» بطلب إعادة البحر إليهم بحجة وجود خطأ مادي أسهم بإسقاط المساحة من أملاكهم الخاصة، بعد نحو 30 عاماً على أعمال تحديد منطقة المينا وتحريرها وتصنيف هذه المساحة ضمن الأملاك العامة البحرية (تعريف الملك العام يشمل البحر والرمول وكل منطقة يصل إليها فقش الموج وفق القرار 1925). حينها، رُدّت دعاوى الورثة بدايةً واستئنافاً لغياب أي خطأ مادي، وانتهت القضية بأحكام مبرمة مع صدور حكم محكمة النقض عام 1987. إلا أن الورثة دأبوا، منذ عام 1988، على مراجعة وزراء الأشغال العامة لـ «يحصلوا منهم على ما لم يحصلوا عليه في القضاء، لا بل خلافاً لأحكام القضاء المبرمة»، على حدّ تعبير «المفكرة القانونية».
وفيما رفض وزير الأشغال الأسبق عمر مسقاوي ادعاءات الورثة، طلب الوزير غازي العريضي، مرتين، تسجيل المساحة على أسماء الورثة من دون أي تعليل. وبعدما أوقفت وزيرة المال السابقة ريا الحسن طلب العريضي عام 2010، توجه الأخير في المرة الثانية عام 2013 إلى قاضٍ متقاعد (القاضي الذي أشرف على عملية الضم والفرز في الميناء)، وطلب منه اتخاذ قرار بنقل المساحة إلى ملكية الورثة الخاصة. وبذلك خرجت المساحة من الملكية العامة إلى الملكية الخاصة، رغم قرار هيئة الاستشارات والتشريع قبل 26 عاماً بعدم جواز المسّ بهذا العقار نتيجة صدور أحكام قضائية مبرمة.
• هديل فرفور – الأخبار.