جلسة واحدة مكتملة عقدتها الحكومة اللبنانية حتى اليوم منذ تاريخ تشكيلها في 31 كانون الثاني 2019.
فالجلسة الأولى كان نجمها رئيس الجمهورية وعُرفت بجلسة “خبط اليد على الطاولة” وانتهت قبل أن تبتّ في الخلاف الحاصل حول موضوع النازحين والاتصال بسوريا…
الجلسة الثانية كانت هادئة ولو أن الجميع كانوا يتوجّسون من مداولاتها… بعد ذلك ارتفع منسوب التوتر السياسي المهدّد بتعطيل عمل الحكومة أو بتبطيئه بسبب فتح ملفات المالية العامة وأخبار الهدر والفساد ومحاربته التي إتّخذت منحى متفجّراً يهدّد كلّ الآمال التي عُلقت على وقف الفساد ولو بالحدّ الأدنى.
في ظلّ هذه الأجواء المشحونة تبرز المهلة التي وضعها وزراء التيار لأنفسهم لتحقيق انجازات قبل انقضائها بعد تضارب الآراء حول الاستقالة المسبقة التي وقّعها الوزراء لرئيس التيار جبران باسيل، إذ اعتبرها البعض أمراً مهيناً للوزير ولا يُمكن أن تكون الاستقالة بيد رئيس الحزب، وكيف يقبل الوزير بأن يكون مسيّراً وليس سيد نفسه ووزارته كما باقي الوزراء.
فيما رأى قسم كبير من الناس أن حرية بعض الوزراء وتصرّفهم بوزاراتهم وكأنها محميّات خاصّة وشركات عائلية أدّى إلى ما أدّى اليه من محاصصات وتنفيعات وهدر وفساد…
وخطوة التيار جاءت من خارج المنظومة والنظام الذي يُجهض المبادرات ويُفرمل العمل ويعطّل قضايا الناس في أماكن كثيرة ومهمّة، اعتبروا أن ما فعله التيار هو سابقة لضبط وزرائه ومراقبة عملهم والتقيّد بمُهل لم تُحترم يوماً في لبنان.
فماذا ستكون نتيجة حرب المئة يوم التي يخوضها وزراء التيار؟
استناداً إلى عمل الوزارات اللبنانية منذ ما بعد الاستقلال تُعتبر مهلة المئة يوم ظلماً وضغطاً هائلاً على الوزير، فنحن لسنا في السويد أو في سويسرا وأستراليا ولا في إمارة وايلز أو إمارة موناكو…
فعندنا مشاكل مستعصية تبدأ ولا تنتهي وترافقها تجاذبات سياسية وطائفية وإقليمية وغيرها…
فكيف سيُنجز الوزراء في مئة يوم والتعقيدات الإدارية والسياسية ترهقهم وتلزمهم وتؤخّر قرارارتهم وإمضاءاتهم وتواقيعهم أشهراً وربما سنوات؟
كيف يُمكن أن يعمل الوزير ومعه مديرعام لا يمون عليه ولا يُمكن أن تمرّ معاملة من دون توقيعه أو أقله يمكنه إيقافها لفترات طويلة؟ كيف سيعمل الوزير وموظفو وزارته ينتظرون وينفّذون تعليمات زعيم آخر يعتبرونه ولي نعمتهم ويعمل بدوره على طريقة “مرقلي تا مرقلك”؟
كيف سينجز الوزير في مئة يوم وتصريح فريق سياسي عن فساد أو هدر يطال فريقاً آخر قد يوقف عمل الحكومة لا بل قد يفجّرها من الداخل؟
حرب المئة يوم ما زالت مستمرة وشعار الحكومة “إلى العمل” لم يطبق شيء منه بعد، باستثناء إزالة البلوكات بمبادرة من الوزيرة ريا الحسن في مبادرة مشكورة أحرجت كلّ المسؤولين والزعماء، فسارعوا جميعهم إلى رفع بلوكاتهم، بحيث انتفت كلّ الاعتبارات الأمنية فجأة ومن دون سبب.
ونأمل ألا يقتصر إنجاز المئة يوم على إنجاز الحسن برفع البلوكات