وأخيرا اخذت “خطة الكهرباء” طريقها الى النور، هذا القطاع النازف يتحمل مسؤولية 40 مليار دولار من حجم الدين العام الذي قارب حتى اليوم نحو 86 مليارا، هدرت على مدار 3 عقود على المشتقات النفطية وغيرها من المشتروات والعقود والصفقات المرتبطة بالطاقة الكهربائية المغيبة عبر منظومة فساد عطلت دور الرقابة والمحاسبة لتشبع نهمها من المال السائب.
الرئيس سعد الحريري رد تخطي خطة الكهرباء العوائق المزمنة الى التناغم القائم بينه وبين الرئيس ميشال عون مضافا اليهما سرعة تجاوب وزيرة الطاقة ندى بستاني، في حين كان ثمة اضافة على المضاف تمثلت بموقف وزراء القوات اللبنانية وحركة امل والحزب التقدمي الاشتراكي وحزب الله الذين اصروا على ان تتسلم ادارة المناقصات العامة ملف تلزيمات معامل الكهرباء الذي هو لها اصلا، واخيرا الضغط الكبير من دول مؤتمر “سيدر” تحت طائلة سحب اليد من ملف تصحيح مسار الاقتصاد اللبناني برمته.
وهكذا بات ممكنا امس ما كان متعذرا طوال السنوات التسع الماضية وبعد جلسة مجلس الوزراء مباشرة اتصل الرئيس ميشال عون برئيس مجلس النواب نبيه برياثناء وجوده في قطر واطلعه على نتائج الجلسة، ورغب اليه اضافة مشروع قانون معجل الى جدول اعمال الجلسة النيابية المقررة اليوم يرمي الى تمديد العمل بالقانون الصادر في 24/11/2015 والخاص بتنظيم قطاع الكهرباء تسريعا للتفاهم الحاصل حول الكهرباء، وقد وافقه بري الرأي وهو عاد الى بيروت امس.
بيد ان الدخول في تفاصيل الخطة تتظهر معه ثغرات محتملة في موضوع تشكيل الهيئة الناظمة لهذا القطاع وتشكيل مجلس ادارة مؤسسة كهرباء لبنان، وهاتان الشركتان سترعيان من حقل صلاحيات وزيرة الطاقة بالذات، والذي انتقد مع اقرار “الخطة الجديدة” صلاحية عقد الصفقات المليونية بالتراضي او بالمناقصات المدروسة.
بيد ان التوافق الكهربائي لم يطاول مكافحة الفساد الذي اخرج الى العلن مواجهة قضائية مع اكثر الاجهزة الامنية اللبنانية فعالية في مكافحة الاجرام، انها شعبة المعلومات، التي ارفدت القضاء بعشرات الملفات والموقوفين بقضايا الفساد والمخدرات وعصابات سرقة السيارات.
وقد بدأت تبرز ملامح ازدواجية في الموقف الرسمي من مكافحة الفساد ومحاسبة المفسدين، الكلام عن مكافحة الفساد وقطع دابر المفسدين والسماسرة والمرتشين تمثل باعادة التلزيمات الكهربائية الى مجراها الطبيعي عبر دائرة المناقصات المضادة للصفقات بالتراضي وسواها من الالتواءات الوظيفية.
وبعد الكهرباء سيكون الانصراف الى اعداد موازنة 2019، وهي احد شروط مؤتمر «سيدر» بالتوازي مع تعيين النواب الاربعة لحاكم مصرف لبنان