مرسوم التجنيس نافذ… والثاني على الطريق! 

 

أكثر من عام مرّ على صدور مرسوم التجنيس الذي أثار خضة كبيرة ما لبثت أن هَمدت تدريجاً، تماماً كما الكثير من الملفات الفضائحية التي “تضرب” وتًحدِث “زلزالا” ثم تتحوّل الى مجرد “خبرية” يتمّ نبشها من الجوارير من حين الى آخر على فنجان قهوة!

 

 

في 11 أيار العام الفائت صدر مرسوم التجنيس الأول في عهد الرئيس ميشال عون، ورغم الغبار الكثيف الذي أحدثه لناحية عدم أهلية العديد من الأشخاص المشمولين به في حيازة الجنسية اللبنانية، طالب وزير الخارجية جبران باسيل بالقيام بشكل شهري بإصدار مراسيم تراعي المعايير اللازمة لمنح الجنسية، داعياً كل من تنطبق عليه هذه المعايير، والتي حدّدها بأربع حالات، بأن يتقدّم بطلب لمنحه الجنسية، “فيما تبقى صلاحية إعطائه إياها استنسابية”، كما قال.

وفق المعلومات، إعداد لائحة جديدة من طالبي التجنيس، ودرس ملفاتهم، يتمّ بسرية تامة مع مراعاة للثغرات التي طبَعت صدور مرسوم التجنيس الاول.

 

 

مع العلم أن كلام باسيل في مؤتمره الصحافي في حزيران 2018 بأن “الصلاحية الاستنسابية الدستورية محفوظة للموقعين على المرسوم.

 

 

واذا ارتكب هؤلاء خطأ سياسياً فليحاسبوا سياسياً، أما اذا كان الخطأ جرمياً فالمطلوب عقوبة جزائية وسياسية ودستورية”، لم يترجم على الأرض بل انضم الى أرشيف خطابات باسيل!

 

 

فلا المحاسية السياسية تمّت عن أخطاء أكّدت جهات رسمية عدة حصولها، منها التقرير الرسمي لمدير عام الأمن العام اللواء عباس ابراهيم، ولا العقوبة الجزائية طالت أحد. أكثر من ذلك، فإن الطعنين المقدّمين من “الحزب الاشتراكي” و”القوات اللبنانية” دخلا بازار الحسابات السياسية فيما مجلس شورى الدولة يمرّ بحالة تصريف أعمال.

 

 

فالقاضي هنري خوري الذي عيّن رئيساً لمجلس شورى الدولة في آب 2017 أحيل الى التقاعد نهاية شباط الفائت، وتعيين قاض جديد مكانه سيأتي من ضمن سلّة التعيينات القضائية القريبة والتي يشتعل الخلاف السياسي في شأنها تدريجاً. مهلة سبعة أشهر فصلت بين تقديم الطعون بمرسوم التجنيس الى مجلس الشورى وإحالة خوري الى التقاعد، وهي بالتأكيد لم تكن كافية للبت بالملف، ما يعني أن الرئيس الجديد للشورى الذي يحرص الوزير جبران باسيل على أن يكون نتاج خياره القضائي، سيتولى إصدار حكم “الشورى” في الطعن بمرسوم التجنيس.

 

 

في قصر بعبدا كان الرأي السائد ولا يزال بأن الغالبية العظمى من الإشاعات أو الشبهات التي أُلصقت ببعض مَن مُنحوا الجنسية لم تكن دقيقة وتفتقر الى المصداقية وحتى “التجني”، وبأن “الشبهة” على الارجح تطال أسماء لها علاقة بالوضع المالي أو الامني أو تعرّضت لملاحقات في بلدها الأصلي… وهي قليلة جداً ولا تتجاوز ربما أصابع اليد الواحدة.

 

 

ووفق المعلومات، فإن رئيس الجمهورية مقتنع بأنّ مجرد “الشبهات” غير كافية لسحب الجنسية من مستحقيها خصوصاً أولئك ممّن قدّموا ويقدّمون خدمات جلّة للبنان!”.

 

 

هذا في المضمون، أما في الشكل فإن هناك اجتهاداً إدارياً قضائياً ينكر على النائب الصفة أو المصلحة في التقدّم بمراجعة إبطال مرسوم لا علاقة له به مباشرة!

 

 

وفيما قدّمت كتلة “الجمهورية القوية” طلباً خطياً الى مجلس الشورى في آب الماضي لوقف تنفيذ المرسوم بعدما تردّد أن الداخلية بدأت بتسليم بطاقات هوية لمستحقيها، فإن مصادر قواتية ترى “أن عدم البتّ بهذا الطلب دلّ على عدم وجود حسن نية في التعاطي بالملف لا بل نعتبرها خطوة سيئة، في ظل مماطلة واضحة في إصدار قرار “الشورى”، مع العلم أن العدد الذي شمله المرسوم قليل مقارنة بمرسوم 1994، ولا شئ يبرّر التأخير الحاصل”.

 

 

عملياً، ووفق متابعين لملف مرسوم التجنيس العالق في “الشورى”، فإن الطعن المقدّم من قبل حزبي “القوات” و”الاشتراكي” لم يلغ مفاعيل المرسوم من لحظة صدوره ممهوراً بتوقيع رئيسي الجمهورية والحكومة ووزير الداخلية. وهذا يعني أن أي مستحق للجنسية بموجب هذا المرسوم، يمكنه أن يتقدّم من دائرة الاحوال الشخصية في وزارة الداخلية للاستحصال على بطاقة الهوية، حيث لا سلطة لأي وزير داخلية لإصدار قرار بوقف مفاعيل المرسوم طالما هو قائم ولم يصدر “الشورى” قراره بالطعن بعد.

 

 

ووفق المعلومات، استحصل عدد من مستحقي الجنسية اللبنانية، بموجب المرسوم، على بطاقات هوية وفق الاجراءات الروتينية المعتمدة في حالات من هذا النوع، وهو الامر الذي بدأ مع الأشهر الأخيرة من ولاية الوزير نهاد المشنوق واستمر مع وزيرة الداخلية ريا الحسن.

 

 

ويقول مطلعون، أن مسار الطعن لا علاقة له بمسار الاستحصال على الهويات بموجب المرسوم، وطالما لم يقبل الطعن بأي من جنسية هؤلاء المستحقين ولم يصدر قرار عن “الشورى” بوقف تنفيذ المرسوم الى حين البتّ بالطعن، فإن لا شئ يمنع قانوناً من الاستحصال على بطاقات الهوية.

 

 

أما سحب الجنسية فيحصل بموجب مرسوم مماثل موقع من المعنيين اذ يمكن لرئيس الجمهورية ورئيس الوزراء ووزير الداخلية إصدار مرسوم آخر لسحب الجنسية من الذين قد تثبت عليهم عدم الأهلية، فيصبح تجنيسهم وكأنه لم يكن”، تماماً كما حين وقع الرئيس السابق ميشال سليمان مراسيم لسحب الجنسية عام 2011، واستند في ذلك الى قرار اتخذه مجلس شورى الدولة عام 2003 لدى قبوله مراجعة الطعن في مرسوم التجنيس الذي صدر في عهد الرئيس الاسبق الياس الهراوي والذي قدّمته الرابطة المارونية.

 

 

وسحب الجنسية في هذه الحال يُسقط كافة المكتسبات التي يكون الشخصي المعني قد نالها بموجب مرسوم التجنيس.

شاهد أيضاً

مجازر إسرائيل = عدالة السما كتير قوية/دكتور عباس

بسم الله الرحمن الرحيم إَنَّ الَّذِينَ لاَ يَرْجُونَ لِقَاءنَا وَرَضُواْ بِالْحَياةِ الدُّنْيَا وَاطْمَأَنُّواْ بِهَا وَالَّذِينَ …