تنويه هام جدا: لقد تعمدت الابتعاد عن ذكر الألقاب في هذا البحث لكي يتناسب مع رؤية شتى انواع القراء، و لهذا فإن ابتعادنا عن ذكر الالقاب ليس بغرض التقليل من قيمة أي شخصية
دون ادنى شك ولا ريب، ان العرب لم يجمعوا برمتهم على نبوة محمد بن عبدالله بن عبدالمطلب الهاشمي القرشي…و لكن من يرى انه ارتكب اخطاءا فادحة على مستوى الدعوة…هل هو متأكد مما توصل اليه من افكار….
حسنا…لا مشكلة ان لم يتم الاجماع على نبوة محمد، ولكن من المستحيل عدم الاقرار انه لم يكن رحمة للعالمين و ذلك لعدة اسباب…كما اننا نجزم بصحة و شفافية ما ذكرناه، بالاعتماد على سرد تاريخي بحت و روايات محايدة.
اولا\محمد مع الاوس و الخزرج:
محمد هذا الذين تسخرون منه و تعتقدون انه كاذب قام بإخماد واحدة من اكبر الفتن في تاريخ الامة العربية، و هي الفتنة العشائرية التي كانت قد اندلعت بين شعبي الاوس و الخزرج في يثرب، حيث انه و بمجرد دخوله الى يثرب تمكن من اخماد نار الفتنةِ بين الفريقين، وساد السلام في تلك الناحية،جراء الصلح الذي ابرمه محمد بين اكبر عشيرتين فيها… وهذا ما جعل قدومه اليها مرفقا بتغيير اسمها من يثرب الى المدينة المنورة…و ذلك بعدة أسانيد و مصادر تاريخية محايدة و شفافة، دون التطرق إلى شيء من الكتب الدينية
ثانيا\محمد و يهود المدينة:
كاذب و مفتر هو من يعتقد ان محمدا اعتدى و غار على يهود يثرب حيث ان للقصة بداية مهمة يتوخى الملحدون التطرق اليها لاثبات نظرية تفيد بأن الاسلام دين دموي. بعد ان هُزم المسلمون في احد، قام ابو سفيان بن حرب في العام التالي بتجهيز جيشٍ مكي يتألف من ١٠ الاف مقاتل من ضمنهم ٤٠٠٠ مقاتل من يهود بني قينقاع و بني النظير ، و ما ان وصلت الاخبار الى النبي في المدينة حتى أرسل جماعة من اصحابه الى الاحياء اليهودية في المدينة ليستطلع الرأي و الموقف من زحف عشيرتين من اليهود بالتحالف مع جيش مكة بقيادة الطاغية ابو سفيان… و عندما تم الاكتشاف ان يهود بني قريظة و من معهم في المدينة يؤيدون موقف ابناء ديانتهم من محمد و دعوتهم، و بالرغم من الأخبار التي انتشرت حول زحف جيش مكة بإتجاه محمد وليس العكس، عندها خاف محمد من ان تتم محاصرته من قبل الجيش القرشي من جهة و يهود المدينة من جهة ثانية، فما كان منه إلا أن قام بمحاصرة و سد جميع المنافذ اليهودية في يثرب خشية تحالفٍ يجعل المسلمين لقمة سهلة لجيشين كاسرين… بعد ان وصل الزحف القرشي اليهودي الى اعتاب المدينة، انتهت المعركة بعدد يسير من القتلى في صفوف الفريقين المسلم و القرشي و ذلك بعد أن عمد علي ابن ابي طالب الى عمرو بن عبد ود و صرعه في مبارزة تاريخية كانت الشغل الشاغل للكتاب و الشعراء في ذلك الوقت …
بعد معركة الخندق ، علم محمد بنوايا بني قريظة في المدينة، فما كان منه الا ان عاجلهم بالهجوم ، الذي كانوا قاب قوسين او ادنى من شنه على الاسلام…وهذا ما حصل عندما انتصر المسلمين في معركة خيبر…اي ان النبي لم يعتدي على اي من اليهود ولم يكن هو ابدا شرارة حربهم مع المسلمين… فهم من هاجموه رفقة ابي سفيان يوم الخندق، وهم من شاركوا فب الحلف ضده…
ثالثا\الشرائع التي جاء بها محمد:
كان الناس في مكة قوم جاهلية، يعبدون الاصنام و يسيئون الجوار، و يأكلون الميتة ، و يأتون الفواحش، و يئدون البنات، و يأكل القوي منهم الضعيف، الى ان جاء محمد و عزم على ابادة كل ما سلف ذكره من عادات… ولنفترض ان محمدا لم يكن نبيا، فهل هناك شيء من هذه العادات ، محببة لدى ابناء جيلنا هذا، لنفترض ان محمدا قام بحماية البنت من الوأد، فهل يكون مخطئا في هذا؟ في وقت كانت تدفن فيه البنت و هي حية لمجرد كونها من جنس لم تختره بنفسها. اليست هذه حماقة و سخافة اوقفها محمد؟ و بالنسبة الى الفواحش التي كان بها اهل مكة يشتهرون، هل في هذا العالم بزمانه الحالي شخص يوافق على الفاحشة بشتى انواعها، هل فيه من شخص يؤيد الاغتصاب او النكاح دون زواج، هل في هذا الكون بزمانه الحالي من لا يزال يعتبر اسود البشرة ، كمواطن درجة ثانية في دولة معينة بإتسثناء بعض اغبياء اوروبا في وقت كان فيه بلال من ابرز اصحاب محمد؟
الم يعمد محمد الى هذه الامور فتمكن من إبادتها، الم يحسن من وضع المرأة في ما خص الحقوق المدنية و السياسية و الاسرية، بغض النظر عن مساحتها مقارنةً بالرجل، الم يفرض عدة على المطلقة و الارملة، ليختفي اثر الرجل من عضوها التناسلي، ولكي يتم الكشف ان كانت حامل قبل زواج آخر، اوليست امور رتبها و نظمها محمد؟؟ الم يحرم محمدا اكل الميتة، و حدد طريقةً صحيةً اكثر لاكل اللحوم و هي الذبح بغض النظر عن ورودها النسبق في توراة العهد القديم، و الكل يعلم الفرق بين لحم الفطيسة و لحم الحيوان المذبوح…هل اخطأ محمدا حينما حرم الخمر لما يسببه من اذهاب للعقل و تدمير للكبد … هل اخطأ محمد عندما امر بحسن الجوار و صلة الرحم ؟؟؟
رابعا: فتح مكة
بعد ان تمكن محمد و اصحابه من تجهيز انفسهم و الدخول إلى مكة بعد ان ابعدوا عنها لسنوات طوال…دخلت الجيوش الإسلامية الجرارة الى مكة دون أن يتم اراقة قطرة دمٍ واحدة… اي دخلوا دخولا سلميا تماما دون إلحاق الاذى بأحد، و خصوصا اولئك الذين حاربوه و ظلموه و اهانوه و سخروا منه و قتلوا عمه الحمزة في أحد ، و سلبوا امواله ، و اهانوا عشيرته و نبذوها، و حاولو اغتايله مرتين، الا ان ابي بكر تصدى للمحاولة الاولى، و علي ابن ابي طالب للثانية عندما افتداه بنفسه و نام في فراشه… فما كان الرد من محمد على كل هذا الاذى و ظلم الا بعبارة واحدة: ” اذهبوا فأنتم الطلقاء!!”
خامسا : حروب النبي
سيباغتنا الملحدون مباشرةً و يقولون بأن محمدا كان مجرما فتاكا عنيفا… ولكن هذا عار عن الصحة تماما، و سأتطرق في كلامي للحديث عن الفتوحات الإسلامية التي يتسلح بها الملحدون لمهاجمة الإسلام… عندما هاجر النبي مع جماعة من اصحابه الى المدينة المنورة. امر ابو سفيان جنود مكة بالسطو على بيوت و ارزاق و اموال و خيرات المسلمين الذين هاجروا … فسلبوا ما سلبوه و دمروا ما دمروه و احرقوا ما أحرقوه، ثم قاموا بتجهيز قافلة تجارية تحمل ما سرقوه من المسلمين و توجهوا إلى تجارة في بلاد الشام… عندها قام محمد و أعلن انه سيرد كل ما سلب من المسلمين، كما تقول الآية:أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا و إن الله على نصرهم لقدير، الذين أخرجوا من ديارهم بغير حق”. اي ان محمد لم يعتدي على قريش عندما اعلن الحرب هنا…و على كل حال لم تتم مباغتة القافلة القريشية فتم توجيه جيش يضم الف مقاتل لحماية القافلة من الهجوم الاسلامي المتوقع… فإنعطف مسير القافلة لحمايتها من السطو والتقى جيش مكة و جيش محمد الذي لم يتجاوز عدده ٣٠٠ و بضعة فرسان عند آبار بدر، و كانت الغلبة للمسلمين!!!
و في العام التالي، تحالف القريشيون و بني عبد الدار، فشكلو جيشا قدر عدده ب ٣٠٠٠ الاف مقاتل للانتقام من محمد، اي ان القريشيين هم من اعدوا العدة لمعركة ثانية، وليس محمدا… فخرج عليهم محمدٌ بجيش يضم ٧٠٠ مائة مقاتل… الا ان المسلمون قد خسروا المعركة في أحد بعد ان كانت المؤشرات تدل على انتصارهم… لولا خطة محكمة من خالد بن الوليد الذي كان في صفوف جيش مكة حينها
خامسا غزوة الخندق:
و بعد هزيمة احد… تحالف عبدة اللات و العزة مع بعض الجماعات اليهودية التي تطرقنا الى ذكرها في ما سبق… و جهزوا جيشا يقدر عدد مقاتليه بعشرة الاف مقاتل… و هذه هي المرة الثالثة على التوالي التي تعلن فيها قريش الحرب على محمد و اصحابه… فإتجه جيش مكة زحفا قاصدا المدينة المنورة… و هذه المرة وصلت اخبار الزحف المكي الى محمد بوقت متأخر يجعله عاجزا عن مقابلتهم بعيدا عن المدينة… فما كان منه إلا أن قام بحفر الخندق الشهير ليحول بينه و بين جيوش قريش… و تختلف الروايات حول عدد جيش المسلمين في هذه المعركة فمن الرواة من قال ٣٠٠٠ و منهم من قال ١٠٠٠ … و كنا قد تكلمنا سابقا عن ما آلت إليه الأمور في هذه الغزوة …
اذا اين لمحمدا ان يكون مجرما و جزارا… الم يلاحظ أصحاب هذه التهمة انه دائما ما تعرض للاعتداء؟
الم يلاحظوا انه طبق الآية التي تقول: و قاتلوا الذين يقاتلونكم في سبيل الله ولا تعتدوا، ان الله لا يحب المعتدين…
و بالنسبة الى الفتوحات الإسلامية، فإن عمرو بن العاص قد قام بالدخول إلى مصر بعد أن مات النبي اولا، ثانيا عمرو بن العاص كان حديث العهد في الاسلام و عرف عنه انه كان في ما مضى من الد اعداء محمد، ولكن نعتقد انه دخل الاسلام عندما احس بالنجاح الكبير الذي سينتهي اليه هذا الدين على مستوى المنطقة العربية… و يفترض ان عمرو قاد الجيوش الاسلامية و قام بفتح مصر ، و ما سلف عن ذلك من اذيةٍ و تعدٍ و اجرام… هذا يعني ان فتح مصر كان تحت راية الاسلام و كان غزوا عربيا استيطانيا…كما ان هذا الفتح كان في عهد الخليفة الثاني ولم يكن ابدا محمدا ليقيم فتحا بالطريقة هذه.
سابعا: محمد و خالد بن الوليد
قال محمد في هذا الرجل قولا اجمع عليه جميع المؤرخين و الكتاب المحاييدين للتاريخ: “اللهم إني ابرأ اليك مما فعله خالد”
والحديث له قصة ، وقد أخرجه البخاري في “صحيحه” (4339) من حديث عبد الله بن عمر قال :” قَالَ: بَعَثَ محمد خَالِدَ بْنَ الوَلِيدِ إِلَى بَنِي جَذِيمَةَ ، فَدَعَاهُمْ إِلَى الإِسْلاَمِ ، فَلَمْ يُحْسِنُوا أَنْ يَقُولُوا: أَسْلَمْنَا ، فَجَعَلُوا يَقُولُونَ: صَبَأْنَا صَبَأْنَا ، فَجَعَلَ خَالِدٌ يَقْتُلُ مِنْهُمْ وَيَأْسِرُ ، وَدَفَعَ إِلَى كُلِّ رَجُلٍ مِنَّا أَسِيرَهُ ، حَتَّى إِذَا كَانَ يَوْمٌ أَمَرَ خَالِدٌ أَنْ يَقْتُلَ كُلُّ رَجُلٍ مِنَّا أَسِيرَهُ ، فَقُلْتُ: وَاللَّهِ لاَ أَقْتُلُ أَسِيرِي ، وَلاَ يَقْتُلُ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِي أَسِيرَهُ ، حَتَّى قَدِمْنَا عَلَى محمد فَذَكَرْنَاهُ ، فَرَفَعَ يَدَيه حتى بان بياض ابطيه فَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَبْرَأُ إِلَيْكَ مِمَّا صَنَعَ خَالِدٌ مَرَّتَيْنِ .
اجل و كيف لا يقول هذا و هو من كان يردد على مسامع قومه: “لا اكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي”
كيف يقتل الاسرى و يوافق على احتساء خالد الشراب بجماجمهم و هو من اطلق سبعين اسيرا في بدر لقاء تعليمهم عددا من المسلمين القراءة و الكتابة، وهو من قال : “و يطعمون الطعام على حبه مسكينا و يتيما و اسيرا”
اخيرا: محمد ووحشي.
كل من قرأ و اطلع على تاريخ الاسلام المبكر ، سيلاحظ ان الحمزة بن عبد المطلب كان من ابرز المساهمين في الدعوة، و سنلاحظ انه من اكثر الاشخاص الذين كان محمد يحبهم و يحترمهم و يأتمنهم على روحه، حمزة كان عم محمد، ولكنه كان اقرب اليه من روحه…
اغتيل الحمزة في معركة احد على يدِ قاتلٍ مأجورٍ حبشي ، اسمه الوحشي… و قد بكى محمد على حمزة بكاء فاق دمع يعقوب على فراق يوسف ، حيث كان مصرع الحمزة فجيعة نكراء، و مأسة كبيرة في حياة محمد…و بعدها بعدة اعوام عاد الوحشي معلنا اسلامه و اتباعه لمحمد…
من شبه المستحيل ان تجد شخص قُتل اغلى البشر على قلبه، بطريقة في غاية البشاعة ، يعفي عن القاتل و يدعه ينصرف… ولكن محمدا عفى عن وحشي، رغم ما قاساه في مقتل الحمزة… محمد عفى عن وحشي عندما اتى اليه نادما
محمد لم يقتل خالد عندما عاد اليه نادما، بعد ان اكتسح المسلمين في احد
محمد لم يؤذي ايا من الذين ادموا قلبه عندما فتح مكة
و في الختام، و بعد كل ما ذكرناه لكم اود ان اقول، ان غايتي من هذا البحث ليس اثبات نبوة محمد، او قدسيته او شيء من هذا القبيل… بل إن البحث الذي قمنا به يهدف الى الرد على كل من يسخر و يقلل من قيمة هذا ( الانسان ) في التاريخ، و يحاول ان يجعل منه مجنونا محبا للجنس قاتلا ساحرا مجرما… و ما ذكرناه ليس سوى جزءا بسيطا من الاسباب التي تجعل من محمد ( رحمة للعالمين)