-زياد عبود
انبثقت عن انتخابات 13 أيلول 2020 قيادة جديدة وفقاً لنتائج الانتخابات الحاصلة آنذاك والتي أعلنت عنها عمدة الإعلام في الحزب السوري القومي الاجتماعي في لبنان في بيان لها الأحد 13 أيلول 2020، وجاء في بيانها:”أن المجلس القومي في الحزب التأم في فندق السنترال في بلدة ضهور الشوير، في موعده الدستوري لإنتخاب أعضاء المجلس الأعلى وأعضاء هيئة منح رتبة الأمانة، وسط اجراءات صحية مشددة”.
وفي اليوم الثاني نشرت جريدة البناء في صفحتها الأولى وعددها الصادر في تاريخ 14 أيلول 2020، خبراً أوردت فيه حصول الانتخابات ونتائجها، وجاء الخبر في جريدة البناء تحت عنوان:”القومي أنتخب أعضاء المجلس الأعلى وأعضاء هيئة منح رتبة الأمانة”.
إلا أن هذه النتائج لم يرضَ عنها أسعد حردان، ولم يكن الرفض هو في ذات اليوم إنما بعد أيام قليلة، حيث رفض حضور جلسة مجلس الأعلى والتي ينتخب فيها الرئيس للمجلس الأعلى، كما أنه رفض كل الإتصالات التي حاول أعضاء المجلس المنتخبين القيام بها لحضور الجلسات، وبدأت حينها أي في الأسبوع الثاني بعيد الانتخابات، بدأت تلك الأحداث التي عنونت بـ“القضاء” ما بين القضاء الحزبي والقضاء اللبناني، وفي نهاية المطاف ومع نهاية شهر أيلول 2020، أنقسم الحزب السوري القومي الاجتماعي إلى قيادتين، الأولى برئاسة ربيع بنات، والثانية برئاسة وائل حسنية، كونه نائب للرئيس ولم يكن حينها بعد أسعد حردان رئيساً للحزب، بل كان المستقيل الأمين فارس سعد..
وأصدرت عمدة الإعلام ذاتها بياناً في 10 تشرين الأول 2021، أعلنت فيه إلتئام المجلس القومي، وأعلنت نتائج الانتخابات القومية من دون أن تنفي البيان الذي أعلنته هي نفسها في 13 أيلول 2020، وكذلك عنونت صحيفة البناء في صفحتها الأولى في 12 تشرين الأول 2021 خبراً مفاده إجراء انتخابات قومية كالذي أعلنته قبل عام وبذات العنوان. من دون أن تشرح أو تبرر ما حدث ودون نفي خبرها السابق، لتقع عمدة الإعلام وجريدة البناء برئاستها السابقة في معضلة أمام قرائها ومتابعيها، بنشر خبر وعدم نفيه ونشر خبر معاكس له من جهة أخرى، ليبدو أن الطرف المتضرر يريد دستوراً على مقاسه ودستور من خاطرهم فـ دستور سعادة ليس على مقاسهم..ما يعني أن المؤسسة الإعلامية لم تلتزم الحياد وفق ما وعد به رئيس مجلس إدارتها.
وفي مساء 14 ايلول 2022، قامت مجموعة مسلحة وملثمة باقتحام 3 مكاتب في ضهور الشوير، وبحسب ما تم تداوله فإن المكاتب تابعة لمركز ”الروشة” قيادة ربيع بنات، وأن من قام بالإقتحام هم ”جماعة” غير قومية تابعة للبريستول قيادة أسعد حردان، فما كان من قيادة المركز ”الروشة” سوى الرد في الحمرا، حيث تم الدخول على مكتب في بناية أوسترال، والذي من المفترض أن يكون مقر صحيفة ”البناء”، ولو أنّ الدخول كان من مجموعة من الشبان، إلا أنه لم يكن اقتحام مسلح كما تم التداول.
وفي العودة، إلى أنه من المفترض أن يكون مقر الصحيفة، فهو بالظاهر فقط..وتحت عنوان مقر الجريدة، إنما المضمون مختلف كلياً، فالمكاتب الموجودة هي مكاتب حزبية أتخذ منها أسعد حردان مقرّاً له، وتلطى بها تحت عنوان ”البناء”، وإنما هي مقر حزبي بكل مقتناياته، فيه مكاتب للعمد ولرئيس الحزب ونائب الرئيس وقاعة للإجتماعات الحزبية، ”مجلس العمد والمجلس الأعلى”، ومن يعود إلى الصور التي ترافق الاجتماعات المنعقدة طيلة سنتين، يجد أنها في مقر جريدة البناء..ما يعني أن كل الأموال القومية الخاصة بالجريدة باتت أموال بيد ”مركز” أسعد حردان.
أما على صعيد إصدار الجريدة، فيتم العمل وفق الإنترنت بطريقة الأون لاين، ومنذ أن اتخذها أسعد حردان مقراً له، طلب من الصحافيين العاملين فيها تركها للحزب والعمل من منزلهم، وما ساعدهم في ذلك الوضع الإقتصادي وعدم قدرة الموظفين على الدوام بشكل يومي ودفع تكاليف النقل.
كما أن أجهزة الحاسوب الموجودة ليست للعمل الصحافي، بل محصورة بالأجهزة الحزبية ”عمدة الداخلية – الدفاع وغيرها”، ما يعني أن مقتنيات الجريدة باتت مقتنيات حزبية من ملفات وغيرها، وحتى رئيس التحرير ناصر قنديل، يعمل من مكتبه الخاص بعد أن سحب مكتبه الموجود في مقر ”البناء”، وكذا المخرجين ومدير التحرير، ليقتصر التواجد للحزبيين وعميد الإعلام.
بالتالي فإن الأزمة التي يقال بأنها اعتداء على مؤسسة إعلامية، هو شعار فقط لا يمس المضمون بأي مصداقية أو صحة، وهو مركز حزبي وليس إعلامي، ما يعني أن الأزمة الحالية تنطوي في إطار الأزمات الداخلية للحزب بين القيادتين المشار إليهم أعلاه، والتي ابتدى أسعد حردان بها حينما أجتاح مكاتب تابعة لقيادة ربيع بنات، والشبان الذين دخلوا إلى المبنى شبان قوميين غاضبين من إجراء أسعد حردان تحت قول:”أخذت لنا ثلاث مكاتب، أخذنا مقرك القيادي”، وبعيدين جداً عن ما سماهم حردان بالجماعة الإرهابيية وغيرها من الأسماء، بل هم مجموعة من الطلبة والشبان والشابات القوميين البعيدين كل البعد عن المظاهر المسلحة.
وفي العودة إلى المؤسسة الإعلامية فهي مؤسسة مسجلة لدى الجهات اللبنانية بأسماء ثلاث هم:”جبران عريجي، توفيق مهنا، ونبيل فغالي”، وكان سابقاً رئيس الإدارة هو وليد زيتونة، وحينما أعتكف عن إدارة المؤسسة تم وضعها تحت رئاسة وائل حسنية لمدة خمس أعوام، ويقال بأن الأعوام الخمسة انتهت وأنه خلال الأزمة الحزبية التي تمخضت عن انتخابات 2020 تمّ التفاوض على إعادتها كمؤسسة إعلامية للحزب، ولكن كانت وعود أسعد حردان حينها بأن تكون حيادية عن الصراع الدائر، إنما اتضح بأنه أخذها متلطياً بمقرها ليكون مركزاً لقيادته ولم تلتزم الحياد الذي وعد به بل اتخذ منها منبراً له فقط.
وبالتالي تحول النزاع من حزبي إلى إعلامي، وهذا ما أراده أسعد حردان بعد خسارته النيابة والحصانة النيابية، وكذا خسارته القاعدة القومية، فبات الستار اليوم ”إعلامي”، تحت بند الإعتداء على مؤسسة إعلامية، صدرت في صباح اليوم نفسه الذي تم وفق قولهم الإعتداء عليها، ويمكن لمن يود التأكد البحث وسؤال العاملين في الجريدة أو المتواجدين في المبنى وحتى المكاتب الأخرى، سيتضح له أنها باتت مقر حزبي وليس إعلامي.
وأخيراً مع إعلان إطلاق جريدة ”صباح الخير – البناء” أساس جريدة البناء الحالية، كان أسترجاع للحقوق الإعلامية التي هي للحزب السوري القومي الاجتماعي، والذي هو من المفترض أن مركزه في الروشة، وملاك هذه المؤسسة كأسماء فردية هم ثلاثة متواجدين أيضاً في ”الروشة”، ولو أنّ توفيق مهنا بات حيادياً لكنه لم يكن مع ”البريستول”، ولم يكن مع اتخاذ جريدة البناء منبراً لأسعد حردان وحده، وكذلك الراحل جبران عريجي وورثته اليوم، بل كان الاتفاق حياد الصحيفة، ومع سنوات من احتلالها من حردان، قام المركز باسترداد حقوقه وإعلان إطلاقها من جديد، لتكون كما كانت جريدة سورية قومية اجتماعية لكل القوميين.
ما يعني أنّ ما أصدرته ”البناء” من بيانات، وما طالبت به من إجراءات، وما لفقته من اتهامات حول سرقة مقتنيات الجريدة واحتلال مسلح لمقرها، هو محض تلفيق ولا صحة له، لأن وفق ما فندناه سابقاً هو شأن داخل الإنقسام الحزبي، ولا علاقة للإنتهاك الاعلامي به..