أخبار عاجلة

كأس العالم اسبانيا 1982:بطولة الهداف السجين. / بقلم الزميل حيدر كرنيب

المقال الثاني من سلسلة حكايا مونديالية

صنفت بطولة كأس العالم لكرة القدم،والتي اقيمت في اسبانيا في صيف العام 1982،كواحدة من اجمل نسخ كأس العالم، بحسب الكثير من المحللين. و منهم من اعتبرها الاجمل على الاطلاق ، لما شهدته هذه النسخة، من احداث مثيرة، وسيناريوهات دراماتيكية. ففي هذه البطولة، حصلت فضيحة خيخون التي خرجت على إثرها الجزائر من دور المجموعات، و تلقى منتخب السلفادور هزيمة هي الاكبر في تاريخ كأس العالم بعد ان اطاح به منتخب المجر بعشرة اهداف مقابل هدفٍ يتيم،و شهدت هذه البطولة ايضا حدثا لم يسبق له ان حصل في تاريخ كرة القدم، حيث قام حكم المباراة، التي جمعت منتخبي الكويت و فرنسا، بإلغاء هدف لصالح الديوك الفرنسية، بعد ان تدخل عليه الملك الكويتي احمد الفهد، و طالبه بعدم احتساب الهدف، لان الكويتيون ظنوا بأن الحكم قد اوقف المباراة ، اثر سماعهم صوت صافرة، الا ان هذا الصوت كان قد انبعث من المدرجات. فما كان من حكم المباراة الا ان رضخ لكلام الملك فهد الاحمد و ألغى الهدف الفرنسي الرابع في تلك المواجهة. و قد تم ايقاف هذا الحكم بعد تلك المباراة، وحرم من ادارة المباريات طوال فترة البطولة.

و تعد ابرز قصة حصلت في تلك البطولة، هي قيام مدرب منتخب ايطاليا حينها، السيد اينزو سيزورت بإستدعاء لاعبٍ ،كان قد سلخ عاما و نصف في غياهب السجون، بسبب تورطه في قضية تلاعب بالنتائج، والتي عرفت حينها بالتوتونيرو. و لم يكن هذا اللاعب، سوى مهاجم يوفنتوس ،باولو روسي .

و قد أثار استدعاء روسي إلى قائمة منتخب ايطاليا حينها، دهشة و استغراب جميع عشاق كرة القدم، فما الذي حمل المدرب انزو سيزورت على استدعاء لاعب لم تطأ قدماه مقر التدريبات منذ اواخر العام 1980، إلى اهم بطولة كرة قدم. بأي اداء سيظهر ، وبأي لياقة سيلعب؟

وقعت ايطاليا في المجموعة الاولى ، إلى جانب الكاميرون و بولندا و البيرو . وقد تمكن منتخب السكوادرا من التأهل بسيناريو هو الاسوأ في تاريخ بطولة كأس العالم. لأن منتخب ايطاليا عجز عن الفوز في مبارياته الثلاث، وقد حصد ثلاث نقاط من ثلاثة تعادلات.

وفشل باولو روسي من تسجيل اي هدف في تلك المباريات الثلاث، وهذا ما كبده و مدربه سخرية و انتقادات لاذعة، فهل ضاقت السبل بالاخير إلى هذا الحد، حتى عمد إلى مهاجم لم يكن قد خرج من السجن إلا حديثا؟

في الدور الثاني، وقعت ايطاليا في مجموعة جهنمية ،إلى جانب الارجنتين حاملة اللقب، بقيادة مارادونا ،وكيمبيس، و باسيريلا، وارديلس. بالاضافة إلى منتخب البرازيلي المدجج بالنجوم و الذي نثر سحره في ملاعب تلك البطولة، و من ترسانة السحرة التي امتلكها منتخب البرازيل حينها: زيكو وسقراط و فالكاو وايدر. و كانت هذه المجموعة تخضع لقيادة المدرب تيلي سانتانا الفنية.

تمكنت ايطاليا من تجاوز الارجنتين بشق الانفس، بعد مباراة قوية انتهت بفوز الطليان بهدفين لهدف.و ها هو روسي يفشل في هز الشباك ، للمرة الرابعة على التوالي، مما زاد من صرخات الجماهير و ضغوطات الصحافة الايطالية التي طالبت سيزورت بإبقائه على دكة الاحتياط في ما هو قادم.

كما خسرت بعدها الارجنتين امام منتخب السامبا بثلاثية مقابل هدف. في مباراة شهدت طرد الأسطورة دييغو ارماندو مارادونا، بعد تدخل عنيف على زيكو.

وبخسارة الارجنتين الثانية، ضربت البرازيل موعدا لهبيا مع ايطاليا، في مباراةٍ يتأهل البرازيليون الى الدور نصف النهائي، شريطة الفوز او التعادل، اما الطليان ،فكان الفوز هو الحل الوحيد امامهم اذا ما ارادوا مواصلة مشوارهم في البطولة.

انطلقت المباراة، و كانت الترشيحات و الظروف تصب في مصلحة البرازيل، و التي دمرت قبل هذا اللقاء، كل من وقف في وجهها في تلك البطولة ، فقد مني منتخب نيوزيلندا برباعية نظيفة، و ضربت اسكتلندا برباعية ايضا.
و ما هي الا خمس دقائق، حتى تمكنت ايطاليا من تسجيل الهدف الاول. ولم يكن صاحب الهدف، سوى الرجل الذي اذابت الضغوطات قلبه و حطمت ثقته بنفسه، انه باولو روسي.
ثم جاء الرد سريعا من البرازيليون عن طريق سقراط الذي عدل النتيجة عند الدقيقة الثانية عشر.

و بعكس مجريات اللقاء، اضاف باولو روسي هدفا آخرا للسكوادرتزورا عند الدقيقة الخامسة و العشرين من عمر الشوط الأول. ليتمكن من الرد على كل من طالب بتركه على قائمة البدلاء، فها هو يسجل هدفين في اقل من نصف ساعة ضد اقوى تشكيلة في تاريخ كرة القدم.

تجرأت ايطاليا، وها هي تتقدم بهدفين لهدف، مما ادخل شعب البرازيل الذي كان يعول على فريق ليس فيه الا كل ما هو ممتع ، بدوامة الاحباط.

و في الشوط الثاني، كشر راقصو السامبا عن انيابهم، و قاموا بإحتلال المناطق الايطالية. و أخذت الحملات و الغارات تتوالى على مرمى العجوز دينو زوف. و قدم الثنائي زيكو و سقراط اداءا جبارا في تلك المواجهة.و لم يستسلم البرازيليون ، وسط صرخات و تعليمات متتالية من تيلي سانتانا ، فهم حَمَلَةُ آمال شعبٍ يعول عليهم لإعادة الأمجاد المونديالية التي إنتهت عام 1970.الى ان نجح فالكاو عند الدقيقة الثامنة والستين ، من تسجيل هدف التعادل ، الذي انفجر الملعب على اثره فرحا .

كان هذا الهدف يكفي ، لتتأهل البرازيل الى مربع الذهب، الى ان ظهر شبح باولو روسي مرة ثالثة، و عاود منح الأسبقية لصالح ايطاليا بعد سبع دقائق فقط من هدف فالكاو. و بهدفه الثالث، تمكن روسي من اخراج منتخب ايطاليا من معركته امام البرازيل بفوز صعب و شاق . و صرح سانتانا مدرب البرازيل بعد المباراة قائلا: “لو سجلنا في هذه المباراة خمسة اهداف، لسجل روسي علينا ستة”.

واجهت ايطاليا بعدها منتخب بولندا في نصف النهائي، و قد تمكنت من اجتياز هذه العقبة، بعد ان انتصرت بهدفين وقع عليهما باولو روسي. ليتحول باولو ، من لاعب لا يريده احد في قائمة المنتخب، الى وحش كاسرٍ لا يعرف الرحمة ، يقود السكوادرا الى نهائي كأس العالم.

واجهت ايطاليا في النهائي منتخب الماكينات الالمانية، و الذي وصل الى النهائي بعد مباراة تاريخية ضد فرنسا.

و بعد مباراة رائعة بين الفريقين، توجت ايطاليا بكأس العالم، عقب فوزها على المانيا في النهائي ، بثلاثة اهدافٍ، بصم على احدها باولو روسي، بينما سجل بول برايتنر ،هدف المانيا الوحيد.

و حصل روسي على جائزة هداف البطولة، بعد ان سجل ستة اهداف في ثلاث مباريات فقط. كما منح ايضا جائزة أفضل لاعب في البطولة. ليصبح باولو روسي، اول سجين يصل بمنتخبه الى منصة التتويج بكأس العالم .

 

شاهد أيضاً

ريال مدريد يقتل الافيس قي الدقائق الأخيرة ويتصدر الدوري/ الزميل حيدر كرنيب

اتطاع ريال مدريد أن يقتنص فوزا صعبا ومهما للغاية،بعد مباراة صعبة وشاقة أمام ديبورتيفو الافيس. …