يتراوح الصراع الداخلي في بيت الدولة بين قبول رسائل اقليمية والتريث برد الطلب عبر درس كل الملفات الحاضرة اليوم على طاولة الرئساء الثلاثة التي تحول منها الى تصريف اعمال ومنها تربع على مقاعدها فراغ مجهول.
هذه الحكومة التي بدأت بتعاطي جدي ومباشر مع صندوق “الانقاذ” اي صندوق النقد الدولي لتمويل لبنان ضمن شروط فرضت نفسها من بوابة مكافحة الفساد المتراقم, مرورا برسالة عربية تطالب بالحياد وفك الشراكة المجتمعية بين الجيش والشعب والمقاومة وحصرها بسلاح شرعي لا شريك له في اتخاذ قرار السلم والحرب, بل هو محصور بالجيش والدولة وصولا برسالة الموفد الاميركي المتمحور حول موضوع الحدود البحرية وترسيمها بما يراعي مشاعر الاسرائيلي في المنطقة المتنازع عليها مع لبنان.
والتي قلبت المعادلات الاخيرة بوجوب تدخل القوة عن طريق رحلة المسيرات فوق كاريش والتي انتزعت حقوق لبنان بالفرض تاركة خلفها كيان مذلول يتخبط راكعا على ركبتيه.
كل هذه التطورات والاحداث تأتي مع بعض الحسابات الاقليمية التي تشهدها المنطقة اليوم من اتفاق فيينا والنووي الايراني وملف اليمن الذي امتدت نيرانه خارج الحدود لتطال امن الامارات ودول التحالف العربي.
وبالرجوع إلى اصل الحديث, فلبنان اليوم امام استحقاق جديد يعيد خلط اوراق اللعبة السياسية لكسب بعد التحالفات التي قد تكون ممرا لخلق تغيير ما قد يوضع لبنان من خلاله امام خارطة جديدة تعيده إلى احضان العروبة بالحياد من منظور بعض الاحزاب والحركات المدنية من جهة, او تكريس صيغة المقاومة والسلاح ومعادلة استرجاع الحقوق بالقوة العسكرية التي تمتلكها كما فعل بملف الحدود.
من هنا تأتي الدعوات المتكررة لجمهور انقسم بين جبهتين متصارعتين بالسياسة, الأولى نحو بناء دولة بالحياد والتخوين بالتطبيع, والثانية نحو ترميم الدولة واعادة ممتلكاتها بالسلاح والعقل والقوة.
وبين هذا وذاك, إما ان نكون في دولة حيادية تحت رحمة الاملاءات والتدخلات الخارجية, او نعيش تحت جناح مقاومة قوية في دولة هشة.