أخبار عاجلة

كأس العالم المكسيك 1986:مونديال مارادونا / بقلم الزميل حيدر كرنيب

المقال الثالث من سلسلة حكايا مونديالية.

هناك العديد من اللاعبين الذين قدموا عروضا فردية مميزة في شتى بطولات كأس العالم .و لكن ما قام به مارادونا عام 1986،يفوق مستوى الإبداع. حيث يكاد يكون اللاعب الوحيد في تاريخ البطولة الذي قاد منتخبه الى التتويج بها، بأدائه الفردي ، واعتماد زملاؤه التام عليه.

كان من المفترض ان تحتضن دولة كولومبيا هذه النسخة من كأس العالم، قبل ان تعلن عدم جاهزيتها امنيا وسياسيا، لاقامة البطولة، ليتم نقل البطولة الى المكسيك. و كانت الارجنتين قد وقعت في مجموعة صعبة، ضمت المنتخب الايطالي بطل النسخة السابقة، والذي تضم صفوفه نجوما بارزين ينشطون في الدوري الايطالي، مثل اليساندرو التوبيلي، ماركو تارديلي وكارلو انشلوتي.كما ضمت تلك المجموعة منتخبي كوريا الجنوبية، وبلغاريا.

 

تمكنت الأرجنتين من تصدر المجموعة، بعد فوزها على كوريا الجنوبية بثلاثة أهداف مقابل هدف، لتعود وتتعادل مع ايطاليا بهدف لمثله، وسجل مارادونا للارجنتين حينها ذلك الهدف.ثم انتزعت الارجنتين الصدارة في مبارتها الاخيرة ضد بلغاريا، بعد أن تمكنت من الفوز بهدفين نظيفين.

واجهت بعدها الارجنتين منتخب الاوروغواي في اولى الادوار الاقصائية، وتمكنت الارجنتين من الفوز بهدفٍ نظيفٍ بصم عليه اللاعب بيدرو باسكولي، لتتأهل بذلك الى الدور ربع النهائي لمواجهة منتخب شرسٍ و قوي جدا حينها، وهو منتخب انجلترا. و الذي كان يضم في صفوفه حينها،هداف البطولة غاري لينيكر،والحارس بيتر شلتون.

و كانت مواجهة الارجنتين وانجلترا، تحمل الكثير من القضايا حينها، حيث ان سيطرة الانجليز على جزر الفوكلاند ،كانت حادثة مؤلمة و حزينة للشعب الارجنتيني.

ولذلك،دخل مارادونا ورفاقه الى ارضية الملعب، بغية الانتقام من حرب الفوكلاند من جهة، والوصول بمنتخب التانغو الى الدور نصف النهائي.

انطلقت المباراة، واي مباراة انطلقت، مباراة كان عنوان الشوط الاول فيها دييغو مارادونا، الذي بدا و كأنه يلعب حاملا جميع ا
آمال الشعب الارجنتيني على كتفيه، حيث كان ينطلق نحو المناطق الانجليزية بسرعة لا نظير لها، و اخذ يراوغ ويتلاعب بالمدافعين ، بشكل لا يوصف، فلم يجد الانجليز حلا لايقاف دييغو سوى ارتكاب الاخطاء. وهذا ما كان حيث تعرض دييغو للكثير من التدخلات العنيفة. وعلى عكس المتوقع، قدمت الارجنتين شوطا اولا عالميا امام انجلترا، الا ان الاقدار شاءت بأن يعلن الحكم نهاية ذلك الشوط بنتيجة بيضاء بين المنتخبين.

لا احد يدري ما حدث في غرفة الملابس بين الشوطين. ولكن الشوط الثاني كان من اشهر الاشواط الثانية في تاريخ كرة القدم… حيث استلم مارادونا كرة في ثلث ملعب انجلترا الاخير، وقام بمراوغة عدد من اللاعبين ثم ارسل كرة الى زميله بورتشاغا، ولكن مدافعا انجليزيا تمكن من تشتيتها، لتتجه الكرة مباشرة نحو الحارس الانجليزي بيتر شلتون، ليقفز الاخير بإتجاهها من اجل التشتيت بقبضة اليد. و في الوقت نفسه كان مارادونا قد انطلق بسرعة البرق من خارج منطقة الجزاء، و قفز هو الآخر بإتجاه الكرة مع بيتر شيلتون، ولم تكن قفزة مارادونا كافيةً ليضرب الكرة برأسه، فقام بمد يسراه نحو الكرة بطريقة سحرية، و ضرب الكرة لتسكن في شباك شلتون.

انطلق بعدها مارادونا مسرعا نحو المدرج الارجنتيني ليحتفل كأن لا شيء قد حدث، و كأن الهدف قد سجل من رأسية، موحيا للجميع ذلك. ولكن بيتر شلتون و بعض المدافعين كانوا قد رأوا كل شيء، فتوجهوا نحو الحكم التونسي علي بن ناصر ، ليخبروه بما جرى، الا أن الأخير لم ينصع لاحد ،واحتسب الهدف.

و ما هي الا اربع دقائق، حتى عاود مارادونا استلام كرة في منتصف الملعب، و توجه إلى مرمى الانجليز بعد ان قام بستة مراوغات ، و اسكن الكرة مرة اخرى في الشباك الانجليزية، ليعلن عن اجمل هدف في القرن العشرين، واجمل هدف في تاريخ كأس العالم. و ظل هذا الهدف الشغل الشاغل لعشاق كرة القدم على مدى عقود من الزمن. انتهت المباراة، بعد ان سجل الانجليز هدف تقليص الفارق عن طريق هداف البطولة حينها غاري لينكر. وشكلت هذه المباراة، مادة دسمة جدا لعشاق كرة القدم، لما حملته من احداث، لن تمحى من ذهن من شهد عليها.

و في الدور نصف النهائي اطاحت المانيا الغربية بالديوك الفرنسية، اما الارجنتين فقد اجتازت عقبة بلجيكا بهدفين نظيفين من توقيع مارادونا ايضا.

 

جرت المباراة النهائية على ملعب ازتيكا الشهير، الذي شهد تواجد قرابة ١١٤ الف مشاهد، بين المانيا الغربية المدججة بالنجوم ،على غرار رودي فولر ولوثر ماتيوس و الحارس هارالد شوماخر، بالاضافة الى نجم المنتخب الاول وقائده، كارل هاينتس رومينيغا.

بدأت المباراة النهائية، والتي عانى فيها مارادونا من رقابة لصيقة من قبل مدافعي الالمان، الا ان مدرب منتخب الارجنتين كارلوس بيلاردو تمكن من استغلال المساحات التي خلفها لاعبو المدرب بكنباور، بسبب انشغالهم برقابة دييغو. فإنتهى الشوط الاول بتقدم احفاد غيفارا بهدف نظيف سجله خوسي لويس براون عند الدقيقة العاشرة. و في الشوط الثاني ضاعفت الارجنتين تقدمها عن طريق اللاعب فالدانو.ليعتقد الجميع ان الامور قد انتهت ، وبأن الكأس في طريقها إلى بيونس آيرس. قبل ان يظهر رومينيغا و يسجل هدف تقليص الفارق قبل نهاية النهائي بربع ساعة.وكان رومينيغا يلعب رغم الاصابة. واضاف رودي فولر هدفا آخر للماكينات عند الدقيقة الثالثة والثمانين،للتتحول النتيجة الى التعادل.

 

عندها ظن الجميع ان المانشافت في طريقهم لتكرار سيناريو مباراتهم مع فرنسا في نصف نهائي مونديال 1982. الا ان مارادونا ظهر اخيرا، وقدم كرة حريرية لزميله بورتشاغا، وضعته في مواجهة الحارس شوماخر، ليفشل الاخير في ايقافه، و ليسجل بورتشاغا هدف التتويج بكأس العالم.

كانت بطولة مثيرة، شهدت أحداثا لا تنسى، الا ان مغامرات مارادونا فيها، جعلت المشاهدين لا يتذكرون غيره. لان ما قدمه في تلك البطولة، لم يسبق لأي لاعب تقديمه. وكانت هذه البطولة ، هي المقر التي فتح فيه باب المقارنات التي لم تنتهي الى حد الان بين مارادونا و بيليه. و انطلاقا من هذه البطولة ظهرت الجماهير التي تعتبر مارادونا افضل لاعب في تاريخ كرة القدم.

فمن برأيكم افضل، الجوهرة السوداء بيليه، ام اعجوبة الارجنتين مارادونا

 

شاهد أيضاً

استقبل الأمين العام لحزب البعث العربي الاشتراكي في لبنان الرفيق علي حجازي رئيس الحزب السوري القومي الاجتماعي الأمين أسعد حردان يرافقه أعضاء القيادة:

نائب الرئيس وائل الحسنية، الدكتور جورج جريج، وعميد الإعلام معن حمية، وحضر اللقاء أعضاء القيادة …