مونديال العرب:الكأس تعض أصابع مبابي وترضخ لميسي اخيرا،بعد نهائي مرعب./بقلم الزميل حيدر كرنيب

ليلة تاريخية في لوسيل،مباراة هي الاجمل في نهائيات كأس العالم عبر التاريخ،فيلم رعب حقيقي،إثارة ما بعدها إثارة،مبابي المفعم بالحيوية والشباب ضد ميسي العجوز اللاهث وراء حلم شعبي ومطلب جماهيري منذ نيفٍ وثلاثين عاما،وكأنك تشاهد فيلم سينمائي من اخراج ستيفن سبيلبرج او مارتن سكورسيزي

عند القاء نظرة على طرفي نهائي مونديال قطر ٢٠٢٢،لم نكن لنتوقع مباراة مفتوحة وجميلة.حيث أن المنتخبين الفرنسي والارجنتيني لا يحبان الاستحواذ على الكرة،كما انهما يلعبان بتحفظ شديد.ولكن ما ان بدأ النزال حتى رأينا المنتخب الارجنتيني في سعيٍ لا نظير له لإعادة الاعتبار للكرة اللاتينية. فإنبرى لاعبو التانغو زحفا نحو المناطق الفرنسية، واخذو يرسلون التهديدات الى عرين لوريس،وسط اداء رائع من رفيقي الدرب ليونيل ميسي وانخيل ديماريا، وعند الدقيقة الحادية والعشرين من زمن الشوط الأول،تمكن ديماريا من تحصيل ضربة جزاء لمنتخب بلاده،بعد ان تلاعب بديمبيلي الذي يصغره بعشر سنوات، ليضطر الاخير لعرقلته داخل منطقة الجزاء.و كالعادة استطاع البرغوث الارجنتيني التسجيل من علامة الجزاء ليمنح منتخب بلاده الاسبقية، كما اصبح ميسي هداف البطولة حتى تلك اللحظة، اذ وصل رصيده إلى ستة اهداف مقابل خمسة للغزال مبابي.

 

و عند الدقيقة الخامسة والثلاثين شنت كتيبة ليونيل سكالوني هجوما مرتدا، حيث تمكن ميسي من تمرير كرة بينية لألفاريز،الذي بدوره قدم كرة حريرية لماكليستر،ليلعبها الى رجل النهائيات انخيل ديماريا،فما كان منه إلا أن اسكن الكرة الشباك.وكان هذا الهدف هو الثالث لانخيل في ثالث نهائي رسمي له مع المنتخب الارجنتيني الاول،اذ سبق له وأن سجل على البرازيل في نهائي كوبا أمريكا 2021 على الماراكانا،كما سجل هدفا في نهائي الفيناليزما ضد ايطاليا عام 2022.

وما ان انتهى الشوط الأول بتقدم ارجنتيني بهدفين نظيفين،حتى ظن الجميع بأن الامور قد حسمت،وأن الكأس ذاهبة إلى احضان ميسي. وبالفعل كان الارجنتينيون هم الافضل طوال خمس وثلاثون دقيقة في الفترة الثانية،الى ان اعلن الحكم عن ضربة جزاء لمنتخب الديوك،فتقدم اليها كليان مبابي ونفذها بنجاح.ليبدأ الشك سريانه في نفوس الجماهير الارجنتينية.و قام كليان مبابي بإخماد كل الانفاس في ساحة المعركة عندما سجل لفريقه هدف التعادل عند الدقيقة الثانية والثمانين، لتبدأ أشباح اليأس تحوم بين لاعبي منتخب الارجنتين. كما كان من الممكن سماع صوت الذبابة بسبب الصمت الذي كانت عليه الجحافل الجماهيرية الارجنتينية بعد التعادل الفرنسي.و عند الدقيقة الاخيرة من عمر الشوط الثاني،اطلق الاسطورة ليونيل ميسي تسديدةً صاروخية من خارج منطقة الجزاء،لكن الحارس لوريس صاحب ال36 عاما ابعدها بصعوبة بالغة.لتتجه المواجهة إلى الأشواط الاضافية،التي كان الارجنتينيون قد دخلوها بمعنويات محطمة،بعد تعادل جاء بعكس مجريات اللقاء.

انطلق الشوط الاضافي الاول،اللياقة والحيوية والمهارة تصب في صفوف الفرنسيين،اما الارجنتينيون فكانوا يحاربون بسلاحين الاول هو الروح القتالية والمساندة الجماهيرية،والثاني هو اسطورتهم العجوز ليونيل ميسي.فتمكن التانغو من السيطرة على مجريات الفترة الإضافية الاولى،الا ان الصمود الفرنسي حرمهم من التسجيل فيها.و في الشوط الثاني واصل المنتخب الارجنتيني هيجانه، حيث رأينا ميسي يطلق قذيفة اخرى زاحفة لتجد لوريس المخضرم بالمرصاد.و عند الدقيقة التاسعة بعد المئة،شن الغلمان الارجنتينيون الرائعون غارة سريعة على مرمى الديوك،فسدد البديل لوتارو مارتينيز كرة حطمت وجه الحارس هوغو لوريس لترتد الى الاسطورة الحية،ومعشوق الملايين ليونيل ميسي،الذي اسكنها في المرمى لتنفجر المدرجات فرحا،ولينفجر ديماريا الذي خرج بديلا،باكيا،ميسي في سن يتحتم على اللاعب فيه ان يكون متقاعدا او بديلا،يتعملق في كأس العالم،ويقود المنتخب كنجمٍ اول.لكن القصة لم تنتهي هنا،اذ عاد الحكم ليحتسب ركلة جزاء لمنتخب فرنسا بعد لمسة يد من الارجنتيني غونزالو مونتييل،ليعاود الجمهور الدخول في حالة الحزن مرة اخرى.حيث نجح مبابي في ترجمتها الى هدف،ليكون قد سجل ثلاثية في نهائي كأس العالم،وليصبح رصيده 12 هدفا في كأس العالم من مشاركتين فقط،معادلا بذلك رقم الجوهرة السوداء بيليه.و في الدقيقة 123 كاد اللاعب البديل مواني يطلق رصاصة الرحمة على آمال ميسي كلها عندما انفرد بحارس المرمى،الا ان ايميليانو مارتينيز ابعدها بصعوبة شديدة،وابقى على الآمال،ومنع السكتات القلبية والجلطات من الوقوع.

اتجهت الحرب العالمية الثالثة الى ركلات الترجيح،الكل في حالة ترقب،سيناريو روبرتو باجيو وتريزيغيه يلوح في الأفق.سجل مبابي الركلة الفرنسية الاولى،ليرد عليه الليو مسجلا الاولى لمنتخبه.و عندما حان الدور على كينغسلي كومان،كان ايميليانو مارتينيز قد قام بتفعيل وضعية العنكبوت،اذ تصدى لركلة كومان بصدره،لتنفجر المدرجات الارجنتينية فرحا.ثم سجل البديل ديبالا ركلته،وعندما حان دور تشواميني،عجز عن إصابة المرمى،ليدخل الفرنسيون في حالة يرثى لها.كل من في المدرجات يرتجف خوفا،باريديس يسجل الثالثة للتانغو،ليرد عليه مواني من جانب فرنسا.الى ان حانت اللحظة الأخيرة، غونزالو مونتييل يتقدم حاملا آمال شعبٍ اُقرحت جفونه بكاءا ولاعبا قطع جسده وتحامل على اصابته وتكبد التنمر والسخرية والشتائم من اجل هذه اللحظة،تقدم مونتييل وسدد،فإنفجر الملعب…انفجر الملعب.

الكأس لاتينية،البطولة ارجنتينية،كوكب الارض يبكي فرحا،ميسي لا يصدق نفسه،ديماريا يذرف دموع الفرح،مارادونا لم يمت،أمجاد كيمبيس وارديلس وباساريلا وبورتشاغا تعود الى بلاد الفضة.بكا من بكا،فرح من فرح. مباراة كان الخاسر الاكبر فيها هو المحايد،ميسي يحقق الحلم المستعصي في عمر الكهولة،ميسي اكثر من ساهم بأهداف في تاريخ كأس العالم، ميسي اكثر من فاز بجائزة رجل المواجهة في تاريخ كأس العالم، ميسي اكثر من راوغ في تاريخ كأس العالم،ميسي اول من يفوز بجائزة افضل لاعب في كأس العالم مرتين.ميسي ميسي ميسي.

 

مبابي لم يقصر، كافح وجاهد في ليلة اختفاء غريزمان وديمبلي وجيرود،كان على وشك تكرارا انجاز بيليه والبرازيل بتتويج ثاني على التوالي بكأس جول ريمييه،مثل تتويج البرازيل قبل ستين عاما في نسختي 1958،و1962،الا ان الكأس رضخت لميسي اخيرا رغما عن منخاريها.

شاهد أيضاً

اليورو الألماني:الإسبان يتلاعبون بالكروات/الزميل حيدر كرنيب

فاز منتخب إسبانيا في مباراته التي جمعته بمنتخب كرواتيا بثلاثية نظيفة.ضمن منافسات الجولة الأولى من …