أخبار عاجلة

مرونة محتملة في الجدول الزمني – الأميركيون يرغبون في تحقيق نصر واضح على “حماس”

المصدر : معاريف
المؤلف : طال ليف رام

قطار جوي أميركي من المسؤولين الكبار يصل إلى إسرائيل، في محاولة لإعادة تنسيق استمرار الحرب في غزة، والحؤول دون مزيد من التصعيد في الشمال. في الوقت ذاته، يُجري رئيس الموساد زيارة إلى وارسو، في محاولة لاستئناف المفاوضات الهادفة إلى إطلاق سراح الرهائن، في حين أن الخلاف بين إسرائيل و”حماس” في هذا الشأن كبير هذه المرة، فإنه ما من مقترحات ملموسة مطروحة على طاولة المداولات. وبالتزامن مع ذلك، يواصل حوثيو اليمن، الذين يعملون بأوامر مباشرة من إيران، التأثير في الاقتصاد الإسرائيلي، لكنهم يضرّون أيضاً بمصالح العديد من دول العالم، ولذا، يُشكّل في هذه الأثناء، تحالف دولي ضدهم.

في اليوم الرابع والسبعين من الحرب، يتّسع نطاق التبعات المختلفة والمتعددة الساحات، والعالمية، للحرب في غزة. وتُبنى على ذلك الأهمية التي توليها إسرائيل لزيارات المسؤولين الأميركيين. في المقابل، يسعى هؤلاء المسؤولون لأن يفهموا من نظرائهم الإسرائيليين فحوى العمل العسكري في غزة، وما هي آلية إنهاء الحرب، ومتى تعتزم إسرائيل الانتقال إلى المرحلة التالية منها؟ لقد قامت إدارة بايدن بالتلميح، بطرق مختلفة، إلى أن نهاية شهر كانون الأول/ديسمبر هي التي يجب أن تكون نهاية المرحلة الراهنة من الحرب. أما المؤسسة الأمنية الإسرائيلية فتتحدث عن أواسط كانون الثاني/يناير، وربما نهاية هذا الشهر، كسقف زمني.

علاوةً على مسألة الحدود الزمنية، يطالب الأميركيون أيضاً برؤية انتصار واضح لإسرائيل على “حماس” في القطاع. تقدّر المنظومة الأمنية أن الأميركيين قد يُظهرون مرونة فيما يتعلق بالجدول الزمني، ما دام الإسرائيليون فسّروا لهم، بصورة منطقية، كيف تخطط إسرائيل لمسألة اليوم الذي يتلو الحرب في غزة، إلى جانب الالتزام الإسرائيلي بالجوانب الإنسانية في القتال المعقد الدائر في جنوب القطاع، حيث يوجد عدد كبير من المدنيين، إلى جانب مسألة قدرة إسرائيل على إدارة النقاش بشأن المنطقة الأمنية العازلة التي تسعى لإنشائها بعرض لا يقل عن كيلومتر من الجدار الفاصل.

في المقابل، يريد الأميركيون التأكد من أن إسرائيل لن تقوم باقتطاع مناطق من أراضي قطاع غزة بصورة دائمة. لقد صرّح وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن، يوم أمس، في الإعلان المشترك مع وزير الأمن يوآف غالانت، بأنه لم يصل إلى إسرائيل لكي يقوم بترسيم خط نهائي للحرب، وأوضح أن هدفه ينحصر في ألّا تشكل “حماس”، بعد اليوم، تهديداً لإسرائيل، أو غزة. تفيد الرسالة الصادرة عن الأميركيين بأن الهدف يتمثل أيضاً في تقليص منسوب الأذى اللاحق بالمدنيين الفلسطينيين، وهو تحدٍّ معقد جداً، وخصوصاً في الميدان الجنوبي، أي خان يونس.

على عكس مما حدث ويحدث في شمال القطاع، هناك مئات الآلاف من الفلسطينيين الذين ظلوا في خان يونس. وحتى عندما لا تصرّح إسرائيل بذلك بصورة علنية، فإن استخدام قوة نارية جوية، بكثافة القوة النارية التي جرى استخدامها في شمال القطاع، هو أمر شديد التعقيد في الجنوب.

وعلى الرغم من الاختلافات الدقيقة الكامنة في توجهات المنظومتين الأمنيتين، الإسرائيلية والأميركية، ونوع من النقد الأميركي لسلوك إسرائيل في الضفة الغربية، فإن الفجوات على المستوى المهني ليست كبيرة جداً بين المنظومتين، ويمكن سدّها، هذا ما يفترضه قادة المنظومة الأمنية عندنا. فمن أجل الانتقال إلى المرحلة المقبلة من الحرب، هناك حاجة إلى هدف سياسي: كيف ترى إسرائيل اليوم الذي يتلو الحرب في غزة، من ناحية إدارة القطاع، وكيف ترى مثلث العلاقات القائم بين كلٍّ من إسرائيل، والولايات المتحدة، ومصر؟

على مدار الأيام الماضية، التي شهدت عمليات قتالية شديدة الصعوبة على الأرض في جميع مواقع الاشتباك، في شمال القطاع وجنوبه، وعلى الرغم من أن اليوم الذي يتلو الحرب يبدو بعيداً فعلاً، فإن المنظومة الأمنية الإسرائيلية ترى في البت بالأمر شرطاً مهماً لاستمرار المعركة، كما يمثل الأمر هدفاً مهماً وممكن التحقق من أجل كسب الأميركيين، الذين يواصلون توفير دعم واسع النطاق لنا.

وإذا كان من المحتمل أن تنشأ أي أزمات في العلاقات الثنائية، فستكون هذه الخلافات في سياق منظومة العلاقات الكائنة بين رئيس الحكومة نتنياهو وقيادة الإدارة في واشنطن والرئيس بايدن. لقد قام نتنياهو مؤخراً، وبصورة علنية، بتمييز نفسه من سائر أعضاء الكابينيت الأمني إزاء قضايا مختلفة ترتبط بالعلاقة بين الأميركيين، والسلطة الفلسطينية، وإسرائيل

ترغب المنظومة الأمنية الإسرائيلية في أن ترى الأميركيين أكثر إيجابيةً فيما يتعلق باستخدام القوة العسكرية. هذا الأمر صحيح فيما يخص الحوثيين الذين تحولوا إلى مشكلة حقيقية، لكن إسرائيل منزعجة جداً أيضاً من أن إيران، اليد التي تحرّك الخيوط المربوطة بأطراف الحوثيين، قد تدرك نهاية الحرب من دون أن تتضرر قط. أما فيما يتعلق بالحوثيين، فإن الولايات المتحدة غير راغبة في مواجهتهم بمفردها، وهي تقوم بتشكيل تحالف دولي لهذا الهدف.

إن الحوثيين، الذين بدأوا بتكبيد العديد من الجهات، كثيراً من المال والمشاكل في قضايا حرية الملاحة الدولية، سيتلقون في نهاية المطاف، على ما يبدو، ضربة عسكرية ما. أما فيما يتعلق بإيران، فإن إمكانات قيام الولايات المتحدة بتكبيدها ثمناً عسكرياً، لا تبدو مطروحة الآن على الطاولة.

إلى ذلك، عُقدت يوم أمس في وارسو قمة ثلاثية بين رئيس الموساد دافيد برنياع، ورئيس الوزراء القطري محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، ورئيس جهاز السي آي إيه ويليام بيرنز، في محاولة لإعادة تحريك المفاوضات، إذ يبدو في هذه اللحظة أن “حماس” وإسرائيل ليستا على الخط نفسه في هذا الشأن.

تسعى إسرائيل للعودة، على أقل تقدير، إلى تحقيق تسوية تضمن إطلاق سراح النساء والأطفال والمسنين والمجندات من أسر “حماس”. وفي المقابل، فإن “حماس” تطرح مطالب ذات سياق وطني واسع، لا يُختزل فقط في مسألة الأسرى، فالحركة لا تضحي بغزة وسكانها، ولم تجلب عليهم كارثة، سيحملونها معهم أعواماً طويلة، من فراغ. يفترض مسؤولون في المؤسسة الأمنية الإسرائيلية أن صفقةً تضمن إطلاق سراح جميع المخطوفين الإسرائيليين في مقابل إطلاق سراح جميع الأسرى الفلسطينيين، ليست هي المطروحة على الطاولة. وعلى عكس الصفقة السابقة، فإن “حماس” لا تبدي أي إيماءات تفيد بأنها تسعى للتوصل إلى صفقة من أجل التوصل إلى هدنة.

إن الحوار المستمر بين إسرائيل والولايات المتحدة فيما يتعلق بالانتقال من الحرب المكثفة إلى القتال على نطاق أصغر، سواء كانت هذه المرحلة ستأتي خلال ثلاثة أسابيع، بحسب رأي الأميركيين، أم بعد نحو شهر ونصف، بحسب التقديرات الإسرائيلية، وإلى جانب النقد الموجه من العالم إلى إسرائيل، والجدل الداخلي لدينا فيما يتعلق بمواصلة إدخال البضائع والمعدات الإنسانية، أمور كلها تدفع “حماس” إلى التشدد، وإيصال رسالة، مفادها أنها قادرة على مواصلة القتال على هذا النحو لوقت طويل، على الرغم من الضربات التي تتلقاها الحركة، وأنه إذا ما نجحت قيادة “حماس” في البقاء حتى الآن، فيمكنها بعد نحو شهرين ونصف الشهر رؤية النهاية تقترب. تعتبر “حماس” صمود قياداتها نصراً، بعد الضربة الافتتاحية التي وجّهتها إلينا.

ينبغي أن يُطرح سؤال إضافي في إسرائيل، يتعلق بدرجة الضغط العسكري على “حماس”. من ناحية عملية، حتى عندما يفترض الجيش الإسرائيلي أن ممارسة الضغط العسكري وحدها هي ما ستؤدي إلى إطلاق سراح المخطوفين، فإن هذا الضغط، في الواقع، لا نشعر بتأثيره في سلوك قيادة “حماس”، وما من تقدُّم جارٍ الآن في موضوع المخطوفين. حتى بناءً على هذا التصور، فإن مراكز الثقل العسكرية التابعة لـ”حماس” موجودة في خانيونس وجنوب القطاع، في الوقت الذي تعمل أغلبية ألوية الجيش الإسرائيلي فيه، بصورة واضحة، في شمال القطاع.

جميع هذه المهمات ضرورية. إن حجم المدينة التحت أرضية التابعة لـ”حماس” صدمت الجيش الإسرائيلي. ومهاجمة شبكة الأنفاق التابعة للحركة في حملة “حارس الأسوار” بدت شديدة الهامشية، مقارنةً بما قدّره أكثر ضباط الجيش تواضعاً، بعد حملة “ضربة برق” الجوية. جزء من الحلول الهادفة إلى القضاء على الأنفاق، يجري إنتاجه في أثناء التحرك، ولأن الجيش الإسرائيلي لم يكن مستعداً قط لهذه الكمية من الأنفاق، فإنه يضع مساقات زمنية لا تتيح دائماً العمل بصورة متزامنة في جميع المواقع.

فضلاً عمّا تقدم، نضيف أنه لم يتم إحراز أي تقدُّم حتى الآن في قضية المخطوفين أو كبار مسؤولي “حماس”، كما أن الجيش يفترض أن على إسرائيل إعادة النظر في تصوراتها العسكرية، وتكييفها وفقاً للواقع الميداني.

شاهد أيضاً

دفورا ليس :مرّ 12 أسبوعاً، وقد ضقت ذرعاً من الادعاء بأن كل شيء على ما يرام

المصدر :هآرتس المؤلف : دفورا ليس أنا محطَمة؛ لقد مرّ 12 أسبوعاً، وكل ما أريد …