المصدر : يسرائيل هيوم
- “رأيت منشورات خاطئة تدّعي أن الولايات المتحدة منعتنا، وتمنعنا من القيام بعمليات عسكرية في المنطقة، هذا غير صحيح”. هكذا ردّ رئيس الحكومة، في الأمس، على الانتقادات التي بدأت بالظهور وسط المقاتلين، وتمددت إلى عائلاتهم، ووصلت إلى وزراء في الحكومة.
- مَن لخّص الإحباط لدى الجمهور هو الوزير نير بركات الذي قال: “ليس من المقبول تعريض حياة جنودنا للخطر، وإرسالهم مكشوفين، بكل ما للكلمة من معنى، ومن دون قصف مسبق. الخضوع لأي ضغط خارجي، حتى من أفضل أصدقائنا، هو خطأ جسيم ندفع لقاءه أثماناً باهظة”. بكلام آخر، يقول بركات إن خضوع إسرائيل للضغط الأميركي تدفع ثمنه من حياة جنودها.
- نبدأ من الوقائع. منذ نهاية الهدنة، وتحديداً بعد يوم السبت الأخير، خفّ القصف الجوي وازدادت خسائر قواتنا في الميدان. ويشير القادة في الميدان إلى أن تراجُع الغطاء الجوي هو أحد أسباب ازدياد عدد القتلى. لكن هذا ليس السبب الوحيد. فعلى سبيل المثال، الرغبة في عدم إصابة المخطوفين الذين يمكن أن يكونوا موجودين في هذه المناطق التي يجري “تطهيرها” الآن، يفرض عمليات أكثر دقةً من القصف العنيف الذي يدمر من دون تمييز.
- في هذه الأثناء، زاد الرئيس بايدن في حدة الرسائل المتعلقة بالجوانب الإنسانية للحرب، عندما تحدث في الأمس مع نتنياهو. ووفقاً للبيت الأبيض: “الرئيس شدد على الحاجة الماسة إلى حماية السكان المدنيين، ودعم عملية المساعدة الإنسانية، وعلى أهمية منح السكان إمكان الابتعاد عن أماكن القتال المستمر”، أي إن بايدن يريد قصفاً أقل ومساعدات أكثر للقطاع، على عكس المصلحة الإسرائيلية.
- الموقف المتشدد للإدارة الأميركية، وطول أمد الحرب، وعدم النجاح في تدمير “حماس” حتى الآن، وارتفاع الخسائر، أمور كلها تزيد في التخوف من أن أميركا تساعدنا بيد، لكنها تُراكم العقبات الكبيرة في اليد الثانية. في هذه النقطة، تبرز خيبة الأمل بكابينيت الحرب الذي يرى عدد من الناس أنه ليس على قدر المستوى المطلوب.
- مقال الرئيس السابق لمجلس الأمن القومي مئير بن شبات، موضع أسرار رئيس الحكومة نتنياهو، والذي لا ينتقد الحكومة، عادةً، يشير إلى هذا القلق. كتب شابات: “لقد جرى تخفيف ظروف القتال على مقاتلي “حماس”، وهم الآن، يستفيدون من الإمدادات التي تسمح إسرائيل بنقلها إلى السكان من خلال معبر كرم شالوم. الوقود الذي يدخل إلى غزة، هو الذي يُستخدم في الأنفاق”.
- بكلام آخر، بركات وبن شابات وآخرون يعتقدون أن الكابينيت لا يقف بصرامة كافية في مواجهة الأميركيين. يرفض المستوى السياسي هذه الانتقادات. عدد من المصادر قال لـ”يسرائيل هَيوم” إن الضغوط يجري رفضها، إذا كانت تتناقض مع مصالح إسرائيل. على سبيل المثال، أوضح نتنياهو لبايدن في نهاية الأسبوع أن الحرب ستستمر وقتاً طويلاً، إلى أن تتحقق كل الأهداف، وأن الرئيس الأميركي شدد على ضرورة أن نكون أكثر حذراً”.
- غالانت رفض كلام بلينكن الذي أراد أن “تستمر الحرب بضعة أسابيع”، وأوضح أنها تحتاج إلى أشهر. وكسائر أعضاء الكابينيت الحربي، رفض التوقعات الأولية بشأن الامتناع من المناورة البرية. وهو يدعم الترحيل الجماعي لسكان غزة واستمرار القتال من دون توقف. على الرغم من الحجة الأميركية بشأن “القتل العشوائي”. ووفقاً للمصادر، فإن كل القيود التي التزمت بها إسرائيل، نبعت من إرادتها الحرة، ومن المصالح الإسرائيلية.
- هذه الحجة غريبة، إلى حد ما. ففي بداية الحرب، كانت السياسة معاكسة، وكان الحصار على غزة أحد أدوات كسر “حماس”. الآن، فجأة، تدّعي المنظومة السياسية أن إسرائيل لا ترغب في حدوث كارثة إنسانية، ولذلك، تجددت الإمدادات إلى غزة من دون أن يكون لواشنطن علاقة بذلك. أمّا خفض القصف، فقد جرى استناداً إلى اعتبارات عملانية، بينها طبيعة المنطقة التي تتحرك فيها قواتنا حالياً، والرغبة في عدم إصابة المخطوفين. ويبدو أيضاً أن “اقتصاد السلاح”، بحسب كلام اللواء أليعيزر توليدانو في جلسة الحكومة في الأمس، هو وراء خفض الغطاء الناري الذي يستخدمه الجيش في القطاع.
- انطلاقاً من كل هذه الاعتبارات، هل من الممكن شدّ الحبل أكثر مع الولايات المتحدة؟ يدلنا التاريخ على أنه عندما تتمسك إسرائيل بموقفها، فإن الأميركيين يحترمون ذلك في نهاية المطاف. فضلاً عن أنه من المهم التذكير بأن بايدن هو في سنة انتخابات، ويواجه تحدياً في مواجهة ترامب، من اليمين، ومن التقدميين من اليسار، لذا، فإن صرخة إسرائيل تزعجه أكثر من موت مزيد من الغزيين.
- في الخلاصة، هذه مسألة حياة أو موت بالنسبة إلينا، ولا شك في أن الجنود في الميدان يحصلون على غطاء جوي ومدفعي أقل مما كانوا يحصلون عليه في بداية المعركة. ففي العديد من الحالات، كان يجب إرسال الطائرات، أو المسيّرات، لكن هذا لم يحدث لأسباب لا تعرفها القوات التي تقوم بالمهمات. يجب تغيير هذا التوجه، وفي الوقت عينه، يجب تقليص المساعدات الإنسانية، لأن دخولها يقوّي “حماس”، ويطيل أمد الحرب. وعلينا وضع حد لذلك.
- على القيادة أن تكون أكثر تشدداً، والعودة إلى استخدام الحد الأقصى من القوة ضد “حماس”. إن العقيدة الأمنية لإسرائيل، والتي شكّل التخلي عنها أحد الأسباب التي أدت إلى هذا الإخفاق الكبير في سمحات هتوراه، هي التي تقوم على حروب قصيرة. 80 يوماً، هي بالتأكيد زمناً كافياً للعودة إلى الضغط بقوة على دواسة البنزين من دون قيود.