في العمق الاستراتيجي
هو اليوم الاضخم من حيث كمية الصواريخ و نوعيتها و المساحة الجغرافية التي غضتها منذ طوفان الاقصى.
نفّذ حزب الله في ال24 ساعة الماضية 7 عمليات عسكرية في العمق الاستراتيجي، العمليات بدأت عند الساعة السادسة والنصف صباحاً مع ضرب هدف عسكري في تل ابيب بواسطة اسراب المسيرات وصليات الصواريخ النوعية، من دون دوي صافرات الانذار، حزب الله لم يعلن ما هو الهدف وما تأثيره على الجبهة، حتى لحظة اعداد التقرير، الا انه اعلن ان العملية حققت هدفها، و يبدو ان هذا الهدف من العملية قد يكون مرتبط بالدفاعات الجوية الاسرائيلية لأن الجبهة اشتعلت بعد ذلك، دون رصد لمشاركة فعالة للدفاع الجوي الاسرائيلي فيما حدث.
عند الساعة التاسعة صباحاً استهدف حزب الله اشدود للمرة الثانية في هذا الاسبوع حيث قصف قاعدة اشدود البحرية بواسطة اسراب من المسيرات، اللافت في عملية اسدود وتل ابيب قبلها، انها عمليات حدثت وسط تعتيم اعلامي اسرائيلي كبير ورقابة خانقة ودون دوي صافرات الانذار، الامر الذي شكل مفاجأة للجمهور الاسرائيلي، لا سيما ان حزب الله اعلن امس عن استهدافه قاعدة بلماخيم جنوب تل ابيب يوم الجمعة، اي انه لم يعلن عن هذه العملية الا بعد يومين، وهي ايضاً من العمليات التي لم تدوّي فيها صافرات الانذار، وللقاعدة دور اساسي في انتظام عمل سلاح الجوّ الإسرائيلي و منظومة حيتس للدفاع الجويّ التي كانت غائبة عن المواجهة في ال 24 ساعة الماضية تقريباُ.
وفي ملاحظة اخرى، فان حزب الله، يحتفظ لنفسه ببعض الاهداف التي يقصفها فلا يعلن عنها الا بعد ايام، او في بعض الاحيان لا يعلن اساساً عنها رغم نجاحها، في استراتيجية متعلقة بعقلية حزب الله في ادارة هذه الحرب.
بعد كل ما ذكر انفاً ، وفي نصف ساعة ، اطلقت القوة الصاروخية في حزب الله مجموعة عمليات اطلاق صاروخية متوسطة المدى لاشغال القبة الحديدية ومن ثم طعّمها بصواريخ بالستية بعيدة المدى، ولان الاطلاقات كانت متلاحقة ومكثفة، فقد شكلت الضربات حزام نارياً استهدف معظم المدن الرئيسية في الساحل الفلسطيني المحتل، لتبدأ صور النيران تنتشر على وسائل التواصل الاجتماعي الاسرائيلي و تخرق حاجز الرقابة العسكرية، و بدات مشاهد النيران في عكا و نهاريا وحيفا و نتانيا وتل ابيب وقبلها اسدود تنتشر كالنار في الهشيم، في مشهد رفع المواجهة الى اعلى نقطة وصلت اليها نيران القوة الصاروخية في هذه الحرب، حيث طالت النيران كل المدن الرئيسية في الساحل من اشلمال وصولاً الى اسدود على بعد 25 كلم من حدود قطاع غزة.
حزب الله اعلن فقط عن استهداف قاعدة غليلوت في تل ابيب ما ادى الى اضرار كبيرة في عاصمة الكيان، وقاعدة زوفلون وقاعدة حيفا البحرية و قاعدة شراغا شمال حيفا، و احتفظ بباقي الاهداف في المدن الاخرى لنفسه دون ان يعلن عنها او حتى يكشف طبيعة الهدف العسكري الذي قصف صباحاً في تل ابيب و سمح بهذه الاريحية بالعمل في الاجواء الفلسطينية المحتلة.
ال 24 ساعة الماضية كانت الاقسى فيما خص استهدافات العمق حيث فشل الجيش الاسرائيلي في منع اطلاق الصواريخ من جنوب الليطاني باتجاه الوسط رغم المناورة البرية التي ينفذها في الجنوب اللبناني ورغم الغارات العنيفة والاطباق الجوي الذي تشهده الجبهة، ما يكذب ادعاءه بتدمير البنى التحتية لحزب الله.
فشلت اسرائيل في اسقاط الصواريخ ايضاً ما يعد نجاحاً لحزب الله في التعامل مع الدفاعات الجوية الاسرائيلية وحتى الاميركية التي تدعمها رغم كل الاستنفار والتطوير الذي تقوم به تل ابيب في هذا المجال منذ سنة و نيّف.
في العمق التعبوي ( شمال فلسطين المحتلة)
في ال 24 ساعة الماضية، استهدف حزب الله الشمال الفلسطيني المحتل بكثافة لم نشهدها الا في فترة ما قبل ال 17 من ايلول، حيث نفّذت المقاومة 17 استهدافاً في العمق التعبوي واستهدف مدينة صفد بصلية صواريخ و9 مستوطنات اخرى: كفربلوم وكرم بن زمرا ومعالوت وحتسور غاليليا وسعسع وعمير ويرؤون وميرون وافيفيم و شتولا، هذا عدا عن استهداف 3 تجمعات عسكرية، في المطلة و كريات شمونة والمنارة، وصولاً الى استهداف غرفة عمليات مستحدثة للجيش الاسرائيلي في مستوطنة المطلة مقابل كفركلا والخيام بواسطة سرب مسيرات انقضاضية ضرب غرفة العمليات و اوقع من فيها بين قتيل و جريح، كما استهدف حزب الله 3 قواعد عسكرية وهي قاعدة دادو و قاعدة بيريا و مرابض المدفعية شرق جعتون.
ال 24 ساعة الماضية كانت الاعنف فيما خص استهداف حزب الله للشمال منذ بدء المناورة البرية، حيث ان هدف الجيش الاسرائيلي المتمثل في ايقاف الصواريخ باتجاه الشمال لم يتحقق ابداً، وهو ما يُحسب نقطة لصالح حزب الله لاسيما ان كثافة النيران توحي و كأن كل الضربات الاسرائيلية التي استهدفت حزب الله لم تؤثر فيه، حيث مستوى النار باتجاه الشمال في حرب ” الدفاع عن لبنان و شعبه” تفوّق بالامس على مستوى النار التي كانت تطلق باتجاه الشمال في اغلب ايام القتال قبل الاجتياح البري الاسرائيلي، حينما كانت المعركة معركة اسناد غزة فقط، وقبل ان تتحول الى حرب اسرائيلية مكتملة الاركان على لبنان.
في الاشتباك المباشر
القطاع الغربي: قصة كمين البياضة في 24/11/2024
في القطاع الغربي من جنوب لبنان و تحديداً في بلدتي شمع و البياضة، حيث يخوض حزب الله المواجهات مع قوات الاحتلال منذ اسبوع تقريباً، نفّذ حزب الله عملية استدراج واسعة النطاق لاليات اسرائيلية ادت في نهاية المطاف الى تدمير 5 دبابات عند المحيط الشرقي لبلدة البياضة.
العملية بدأت ليلة 23/11/ 2024 عند التاسعة و النصف مساءً، حيث شن المقاومون، عملية هجومية و ليس دفاعية، استهدفت تموضعاً للجيش الاسرائيلي عند الاطراف الشمالية الشرقية للبلدة واشتبكوا معهم بالاسلحة الرشاشة و الصاروخية و اوقعوهم بين قتيل و جريح، و دمروا دبابة ميركافا.
الجيش الاسرائيلي و كنتيجة لما حدث، بدأ بتعزيز المنطقة بالاليات من ليل سبت 23/11/2024 الى امس الاحد في فترة ما بعد الظهر، في هذه الفترة الزمنية ترك حزب الله الاليات الاسرائيلية تتقدم باتجاه البياضة باعداد كبيرة تجاوزت ال 30 الية
وعند الساعة الرابعة والنصف من بعد ظهر الاحد، استهدف حزب الله دبابة ميركافا عند الاطراف الشرقية من البلدة ما ادى الى تدميرها بمن فيها، وانتظر المقاومون ربع ساعة بعد الاستهداف الاول حتى وصلت 3 دبابات اخرى ، ليضربها بثلاث صواريخ موجّهة ما ادى الى تدميرها و احتراقها بمن فيها، و لم يتوقف الامر عند هذا الحد بل ان الحزب انتظر لمدة نصف ساعة اضافية دبابة خامسة تقدمت لمحاولة سحب الدبابات المحترقة فاستهدفها ايضاً ودمرها بمن فيها، محققاً مجزرة بدبابات الميركافا عند اعتاب البياضة، و مدمراً 5 دبابات ب 45 دقيقة، ما ادى الى انسحاب الاليات باتجاه الحدود.
وضّح حزب الله بالنار ماهية و خصائص “الدفاع الليّن” الذي يعتمده الحزب والذي يدفعه في بعض الاحيان لايهام العدو بخسارته الجغرافيا كي يحقق خدعته الحربية باستدراج الاليات والجنود و يلحق اكبر قدر ممكن من الخسائر بصفوفهم، بالنهاية “الحرب خدعة”.
ليس بعيداً عن البياضة استهدف حزب الله ايضاً تجمعات الجنود في شمع بسرب مسيرات انقضاضية.
في القطاع الشرقي
لا تزال معركة الخيام تدور رحاها لليوم الثامن على التوالي، حيث استهدف حزب الله 7 تجمعات عسكرية اسرائيلية في محيط مدينة الخيام، 5 منها في شرق المدينة و تجمعين في جنوبها و استخدمت الصليات الصاروخية و المسيرات الانقضاضية في عملية الاستهداف، بالتوازي طبعاً مع استهداف تجمعات الجيش الاسرئيلي في الطلة وغرفة عمليات عسكرية في المستوطنة تدير المعارك في القطاع الشرقي من جنوب لبنان، كما ذكرنا في قسم العمق التعبوي آنفاً.
في الاطراف الغربية لبلدة دير ميماس، استهدف حزب الله دبابة ميركافا في تلة اللوبية بصاروخ موجّه، ثم استهدف قوة اسرائيلية تقدمت باتجاه الدبابة المدمرة لسحبها و اوقعهم بين قتيل وجريح ، كما استهدف حزب الله تجمعين عسكريين في مثلث ديرميماس كفركلا.
في القطاع الغربي ( قصة استهداف الراهب من عيتا الشعب)
لا يخفى على احد الجهد العسكري والاعلامي الاسرائيلي الذي تم تكريسه منذ بدء العملية البرية على عيتا الشعب، حيث عرض جيش الاحتلال التفجيرات في البلدة و صوّر جنوده فيديوهات تيك توك للتبجح بابعاد مقاتلي حزب الله عن الحدود، وعرض المتحدث باسم الجيش فيدوهات اسر لمقاومين من حزب الله، كل هذا الجهد قدمه الجيش الاسرائيلي كدليل لتحقيق الهدف المنشود، وهو خلو المنطقة من مقاتلي حزب الله، و كلنا نذكر التصريحات التي اطلقت بشأن عدم السماح “بعودة مقاتلي حزب الله” الى الحدود بعد انتهاء الحرب.
بالامس حزب الله ومن بين انقاض عيتا الشعب ورغم المراقبة الجوية و الاسخباراتية، وتواجد جنود اسرائيليين على الارض، وتدمير كل عيتا الشعب، واعلانها منطقة خالية من مسلحي حزب الله من قبل الجيش الاسرائيلي.
يطلق حزب الله صاروخاً موجهاً من عيتا الشعب باتجاه الراهب، ليدحض كل المزاعم الاسرائيلي ويدمّر كل الرواية الاسرائيلية المعتمدة على “انجاز” ابعاد مقاتلي حزب الله بالقوة عن الحدود، حيث كُشف فشل تحقيق هذا الهدف ايضاً باطلاق حزب الله صاروخاً موجهاً، استهدف موقع الراهب الذي تشارك القوات الاسرائيلية فيه بدعم القوات التي تقاتل في عيتا الشعب، وبالمناسبة الصاروخ الموجه يحتاج الى تواجد مباشر ورؤية واضحة للهدف، وبهذا يكون حزب الله قد اثبت زيف ادعاءات اسرائيل بتدمير كامل البنى التحتية له في عيتا الشعب، اذ ان عملية الاطلاق تثبت وجود بنى تحتية سليمة خاصة بالحزب لم يستطع الجيش الاسرائيلي تدميرها وسمحت بتنفيذ هكذا عملية.
الهدف الاسرائيلي بابعاد خطر الصواريخ الموجّهة عبر المناورة البرية، لم يتحقق ايضاً ما يحسب نقطة جديدة لصالح حزب الله في هذه الحرب و فشلاً اسرائيلياً اخر في تحقيق الاهداف.